قوة الجنوب تضع الشرعية في مأزق عسكري ومشكلات سياسية
رأي المشهد العربي
تمهد المكاسب العسكرية التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في جبهة أبين خلال الأسبوع الماضي لأن يكون هناك اعترافًا دوليًا بأن هناك قوة جنوبية لا يمكن الاستهانة بها على أرض الواقع، ولا يمكن تجاوزها أيضًا في أي حل سياسي مستقبلي للأزمة، وهو ما يخصم بالطبع من رصيد الشرعية التي أضحت أيضًا في نظر المجتمع الدولي قوة ضعيفة غير قادرة على التماسك عسكريًا أو سياسيًا.
بالرغم من أهمية المكاسب العسكرية المترتبة على تقدم القوات الجنوبية على جبهات أبين واقترابها من السيطرة على مدينة شقرة، فإن نتائجها السياسية تعد الأكثر أهمية بالنسبة للجنوب، وهو ما انعكس على توالي لقاءات الدبلوماسيين الغربيين بالرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بمقر إقامته في الرياض، ما يبرهن على أن هناك أطراف عديدة قد تدفع باتجاه الحل السياسي، الذي يحقق هدف الجنوب الأسمى والمرتبط باستعادة الدولة.
وفي المقابل فإن الخسائر العسكرية والسياسية التي مُنيت بها الشرعية تعد الأكثر فداحة على الإطلاق، لأنها وجدت نفسها في مأزق عسكري حيث أن خططتها التي وضعتها في السابق عبر تسليم جبهات الشمال وتوجيه قوتها الضاربة باتجاه الجنوب لم تحقق لها ما أرادت.
بجانب أن الشرعية ألقت بجميع أوراقها في سلة الجنوب بحثًا عن انتصار عسكري يحقق لها تواجد سياسي قوي في المعادلة اليمنية، وهو ما أدى لانكشافها أمام المجتمع الدولي بعد أن دشنت تعاونها مع التنظيمات الإرهابية بل ومع المليشيات الحوثية، وبدت أنها طرفًا لا يمانع من الإقدام على أي تفاهمات سياسية وعسكرية مع أطراف لها صلات عديدة بالإرهاب وهو ما يجعلها محسوبة على تلك الأطراف.
تعول الشرعية على الدعم الذي قد تتلقاه من تركيا وقطر لدعم عناصرها على الأرض، غير أن المعارك الأخيرة أثبتت أن معسكرات تدريب الإرهابيين في تعز والتي صرفت عليها أنقرة مبالغ طائلة استعدادًا للمواجهة مع الجنوب لم تحقق شيئًا ملموسًا على أرض الواقع، وهو ما قد يجعل الشرعية في مشكلة سياسية مع داعميها في الإقليم، لأنه ليس بإمكان أحد أن يراهن على طرف خاسر طول الوقت.
المشكلة السياسية الأخرى التي تعانيها الشرعية تتعلق بانقسامها على نفسها، لأن الخسائر التي تتلقاها خلال الأيام الأخيرة ستكون كفيلة بظهور تلك الخلافات التي تبدو غير ظاهرة إلى العلن، وأن كل تيار داخل الشرعية سيحمل الآخر المسؤولية عن خسارة مواقع جغرافية هائلة كانت تسيطر عليها الشرعية قبل عدة أشهر، وأن التيار الموالي لقطر قد يستميت للدفاع عن نفسه محاولاً تحقيق أي مكاسب شكلية على الأرض.
هناك مشكلة ثالثة ترتبط بعلاقة الشرعية مع التحالف العربي، بفعل انكشافها بشكل كلي ووقوفها إلى جوار محور الشر "التركي القطري الإيراني"، حتى وإن قررت الشرعية العودة إلى اتفاق الرياض، لأن حشد العناصر الإرهابية باتجاه الجنوب لا يصب في صالح رغبة التحالف الأولى المتعلقة بتصويب سلاحها ليكون في مواجهة المليشيات الحوثية، وبما يؤدي لإنهاء العدوان الحوثي على الشرعية، وبالتأكيد فإن المملكة العربية السعودية لا تسعى إلى مزيد من التشرذم التي تسعى إليه الشرعية في الوقت الحالي.