الملك عبدالله الثاني: الهلال الإيراني يهدد دول المنطقة

السبت 27 يناير 2018 08:24:21
testus -US
متابعات

حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من خطر السلوك الإيراني بدعم ميليشيات مسلحة وإقحام الدين في الخلاف السياسي، وذلك خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أدارها الإعلامي الأميركي فريد زكريا، بحضور الملكة رانيا العبدالله وولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وتطرق خلالها العاهل الأردني إلى أهم القضايا الحارقة في المنطقة وإلى أي مدى ساهمت السياسة الإيرانية في الصراعات المندلعة، وعلاقات ذلك بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وموقفه من القدس وتأثيراته على مسار عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو سلام لا يحتاجه الفلسطينيون والإسرائيليون فقط بل تحتاجه كل المنطقة التي تمر بإحدى أكثر مراحلها التاريخية حرجا والانتصار فيها يحتاج، وفق رؤية العاهل الأردني، التعاون والتكاتف بين دولها.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أول من تحدث عن سعي إيراني للتوسع في المنطقة وإثارة احتقان طائفي ضمن توصيف دقيق أطلق عليه مطلح “الهلال الشيعي”.

جاءت تحذيرات الملك عبدالله خلال زيارة إلى الولايات المتحدة في ديسمبر 2004، أي بعد عام واحد من الغزو الأميركي.

اليوم غيّر الملك عبدالله من هذا المصطلح وجعله “الهلال الإيراني” بدل “الهلال الشيعي”، وفسر ذلك خلال جلسة حوارية انعقدت ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أدارها الإعلامي الأميركي في شبكة “سي إن إن” فريد زكريا، تطرق خلالها إلى مختلف الملفات المتداخلة مع هذا المشروع والتي سبق أن تحدث عنها الملك عبدالله في رؤيته الاستشرافية التحذيرية خلال حواره مع واشنطن بوست سنة 2004.

في تلك الفترة لم تظهر بعد في الأفق بوادر الربيع العربي والفوضى التي فتحت أبواب المنطقة للأجندة الإيرانية، لكن مجرد سقوط العراق كان ينذر بأن المنطقة ستشهد انقلابا استراتيجيا خطيرا وتغييرات في خارطة المصالح السياسية والاقتصادية لأهم دول المنطقة.

وقد حذّر الملك عبدالله حينها، في حواره مع صحيفة واشنطن بوست، من وصول حكومة عراقية إلى السلطة مدعومة من نظام الثورة الإسلامية في إيران وتتعاون مع نظام البعث في سوريا لإنشاء هلال يقسم المنطقة طائفيا (سنة وشيعة) يمتد إلى لبنان، ما يدعو إلى التفكير الجدي في مستقبل استقرار المنطقة.

واليوم، تتجلى دقة هذه الرؤية بوضوح في ظل ما تعيش على وقعه المنطقة من أحداث وتطورات وتغييرات تشمل عموم المنطقة في علاقة بالاتفاق النووي الذي وقعته القوى الدولية مع إيران، والذي فتح الباب لتكمل إيران ما بدأته مع التدخل في العراق إثر الغزو الأميركي، وفي علاقة بما يجري في سوريا واليمن وما يعيش على وقعه لبنان في ظل سيطرة حزب الله وصولا إلى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وتداعيات ذلك على القضية الفلسطينية والأردن الذي يعد لاعبا رئيسيا في كل ما يتعلق بها.

وفسر الملك عبدالله سبب الانتقال من الحديث عن “الهلال الشيعي” إلى الهلال الإيراني، مشيرا إلى أن ما تواجهه المنطقة اليوم من قضايا وتحديات سببه السياسة الخارجية الإيرانية التي تتجلى ممارستها بوضوح في الوضع في العراق وسوريا، واليمن مثال آخر على وجهة النظر العربية وأولوية التعامل مع إيران.

وأضاف أن الأردن يواجه تحديا على حدوده مع سوريا، ويتمثل هذا التحدي في مجموعات تدعمها إيران، كما أعرب عن قلقه إزاء مستقبل لبنان الذي عانى كثيرا على مدار العقود العديدة الماضية، والديناميكيات الراهنة يمكن أن تخلق المزيد من المشاكل.

وحذّر الملك عبدالله من دقّ طبول الحرب لأن ذلك لن يعود بالنفع على أيّ طرف، وأعرب عن أمله في أن يؤدي الحوار إلى تفاهم.

وانتقل الحديث إلى أزمة إيران الداخلية وما شهدته البلاد من مظاهرات شعبية في الفترة الأخيرة رفعت فيها شعارات مست مركز النظام وتجاوزت خطوطا حمراء وتداعيات ذلك على السياسة الخارجية.

وقال العاهل الأردني، في رده على سؤال فريد زكريا حول إن كانت إيران الآن تمرّ بمرحلة من التراجع بسبب صعوبات داخلية معيّنة، إنه لا يعتقد أن هناك تغييرا كبيرا في السياسات الإيرانية، لأن المسؤولين القائمين على النظام يفكرون بأسلوب إستراتيجي وبعيد المدى. لذلك ستستمر السياسة الخارجية الإيرانية في نهجها الحالي. أما التحديات الداخلية، فهي أمر آخر، ولها روايتان مختلفتان بحسب وجهات النظر.

وفي حديثه عن الاتفاق النووي مع إيران وموقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب منه والذي قد ينتهي بالانسحاب، أكد الملك عبدالله الثاني أن الأردن يدعم دائما وبكل قوة اعتبار الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وينطبق هذا على الجميع. إن الأسلحة النووية، المحتمل إنتاجها في المنطقة أمر مخيف.

وأعرب عن تفهمه لموقف الرئيس الأميركي الذي يهدد بالانسحاب من الاتفاق، وأيضا بدا العاهل الأردني متفهما للموقف الأوروبي، حيث قال “أنا أعرف بأن الأوروبيين والولايات المتحدة مازالوا يبحثون هذه القضية، وآمل أن يتوصلوا إلى تفاهم مشترك”.

يعتبر الأردن طرفا رئيسيا في أي موضوع يتعلق بالقضية الفلسطينية وبالصراع العربي الإسرائيلي، وهو طرف يؤثّر ويتأثر بمجريات عملية السلام في الشرق الأوسط وأي قرار أو خطوة لها علاقة بالموضوع، لذلك كان نشطا في الفترة الأخيرة على خلفية قرار دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية للقدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل.

وتوقف الملك عبدالله مطوّلا عند هذه المسألة التي قال إنها تشكل تعقيدا بالنسبة للأردن، مشيرا إلى أنه أجرى حوارات جيدة مع الرئيس ترامب والإدارة الأميركية على مدار السنة الماضية.