النفوذ الإخواني والقبضة الحوثية.. إرهابٌ يطيل أمد الحرب (تحليل)
كما كان متوقعًا، تسير حكومة الشرعية على خطى المليشيات الحوثية، فيسير الجانبان على طريق إطالة أمد الحرب العبثية القائمة منذ صيف 2014.
حكومة الشرعية تسعى لإطالة أمد الحرب بوضعه وشكله الراهن، على اعتبار أنّ هذا الأمر يمثّل فرصة قائمة وطويلة الأمد من أجل تحقيق الثروات ونهب الأموال، في ظل غياب أي حسيب أو رقيب.
ويمكن القول إنّ حكومة الشرعية وقفت طوال السنوات الماضية، حجر عثرة أمام مشروع التحالف العربي في التخلص من المليشيات الحوثية ومواجهة المشروع الإيراني.
تجلّى هذا الواقع فيما مارسته حكومة الشرعية من تآمر مفضوح، من أجل تحقيق مصالحها وحفظ نفوذها، دون أن تكترث بمجريات الحرب، وأصبح شغلها الشاغل كسب النفوذ دون أي شيء آخر.
"الخيانة في الجبهات" تمثّل واحدة من أكثر الخيانات التي ارتكبتها حكومة الشرعية على مدار سنوات الحرب، حيث أقدمت الحكومة الخاضعة لهيمنة ونفوذ الإخوان، من خلال تسليم الحوثيين عديدًا من الجبهات والمواقع الاستراتيجية.
في الوقت نفسه، فإنَّ حزب الإصلاح المهيمن على الشرعية، يملك علاقات نافذة مع تنظيمات إرهابية، حيث يستعين بها من أجل تمرير أجندته الإرهابية المعادية للجنوب، وهو ما يعني أنّ القضاء على النفوذ الإخواني يمثِّل ضربة قاسمة لكافة التنظيمات المتطرفة.
هذا الواقع، واضح المعالم، برهنت عليه حكومة الشرعية في رفضها مسودة الحل الشامل التي اقترحها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث لخطة السلام، حيث بررت الحكومة رفضها المسودة - التي سلمت غالبية الجبهات الاستراتيجية على مدار ست سنوات إلى مليشيا الحوثي - بدعوى انتقاصها من سيادتها.
وتُروِّج حكومة الشرعية سياسة إهدار فرص التهدئة، حفاظا على سيادة ينفيها الواقع، وتتجاهل المقتضيات الإنسانية بتخفيف معاناة المدنيين الأبرياء من ويلات النزاع.
على الدرب نفسه، تسير المليشيات الحوثية التي تسعى هي الأخرى إلى إطالة أمد الحرب تنفيذًا لتعليمات إيرانية، تستهدف استمرار نفوذها على الأرض، وفق خطة مسلحة مسعورة يدفع ثمنها المدنيون.
الأمر لا يقتصر على الجانب السياسي، فالمليشيات الحوثية تسعى هي الأخرى لإطالة أمد الحرب عملًا على تحقيق ثروات مالية، وهو ما نجح فيه هذا الفصيل الإرهابي طوال السنوات الماضية.
وطوال سنوات الحرب، عملت المليشيات الحوثية على نهب الموارد، وأجبرت القطاع الخاص على دفع الأموال وقاسمته أرباحه، وأوقفت الإنفاق على الخدمات العامة، ودفع الرواتب، وهو ما مكنها من جمع ثروة كبيرة على مدار السنوات الماضية.
وبلغت الثروة التي جمعتها المليشيات من الموارد ومن القطاع الخاص، والمساعدات الخارجية والمتاجرة بالخدمات واستثمار الأصول والجبايات والتبرعات نحو 14 مليار دولار، منها تستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلت محل القطاع الخاص التقليدي.
وشكلت الموارد الضريبية، وقطاع الاتصالات، وأرباح تجارة الوقود، وتجارة المخدرات، والمضاربة بالعملة، والمساعدات التي تقدم من منظمات الأمم المتحدة، أهم الموارد لمليشيا الحوثي، والتي صادرتها لحسابها الشخصي.
كما خصّصت مليشيا الحوثي التبرعات والجبايات التي يدفعها السكان بالقوة وتحت التهديد، ومواد الإغاثة لتمويل موازنتها العسكرية، وللاحتفالات التي تنظمها على مدار العام، ونصف راتب كل ستة أشهر لنحو 100 ألف موظف.
أمام هذا الواقع وذاك، فإنّ استمرار النفوذ الإخواني في حكومة الشرعية وهيمنة حزب الإصلاح على هذا المعسكر بالإضافة إلى السماح ببقاء المليشيات الحوثية مكونًا قائمًا على الأرض، أمرٌ يعني إطالة أمد الحرب في المقام الأول، وهو ما يهدّد أمن المنطقة برمتها.