رياضة التأمل تقي قلبك من الأمراض
أظهرت دراسة صدرت حديثاً عن العلاقة بين ممارسة رياضة التأمل، وانخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب، نظر فريق بحثي في بيانات مستقاة من مسح شارك فيه ما يربو على 61 ألف شخص. من بين هؤلاء، ذكر ستة آلاف (أي حوالي 10 في المئة) أنّهم التزموا ممارسة شكل من أشكال التأمل.
ووجد الباحثون أنّ الأشخاص الذين ذكروا أنّهم مارسوا التأمل انخفضت لديهم كذلك معدلات ارتفاع الكوليسترول، وضغط الدم، والسكري، والسكتة الدماغية، وأمراض الشريان التاجي، مقارنة مع أولئك الذين لم يلجأوا إلى تلك الرياضة.
وظهر الاختلاف الأكبر في داء الشريان التاجي، إذ كان الأشخاص الذين زاولوا تمارين التأمل أقلّ عرضة بنحو النصف تقريباً (49 في المئة) للإصابة بذلك.
وكان الأشخاص الذين اختاروا التأمل أقل عرضة للإصابة بارتفاع الكوليسترول بنسبة 35 في المئة، وداء السكري بنسبة 30 في المئة، فيما انخفض احتمال أن يكونوا قد واجهوا سكتة دماغية بنسبة 24 في المئة، واحتمال مكابدتهم ارتفاع ضغط الدم بنسبة 14 في المئة.
وعلاوة على ذلك، أخذ الباحثون في الاعتبار عوامل أخرى متصلة بمخاطر القلب والأوعية الدموية، على غرار العمر، والجنس، وتدخين السجائر، ومؤشر كتلة الجسم (BMI)، وقالوا إنّه بعد احتساب تلك العوامل، بقي تأثير التأمل كبيراً.
قال الباحث الرئيس في الدراسة الدكتور تشايكريت كريتاناونغ من "مايكل إي ديباكي"، المركز الطبي لشؤون المحاربين القدامى،" و"كلية بايلور للطب"، و"مدرسة أيكان للطب" التابعة لمستشفى "ماونت سيناي" the Michael E DeBakey VA Medical Centre, Baylor College of Medicine, and the Icahn School of Medicine at Mount Sinai،"أؤمن بالتأمل، إذ في مقدوره أن يمنحنا شعوراً بالهدوء والسلام ويحدّ من التوتر، ما يؤدي إلى تعزيز سلامتنا العاطفية".
ودرس فريق البحث بيانات مستقاة من "المسح الوطني للمقابلات الصحية" في الولايات المتحدة الذي يُجريه سنوياً "المركز الوطني للإحصاءات الصحية"US’s National Health Interview Survey. ويجمع المركز معلومات حول مجموعة واسعة من المواضيع الصحية بناء على عينة تمثيلية على المستوى الوطني.
وفي تفاصيل أخرى، قال معدّو الدراسة إنّ ممارسة التأمل ارتبطت بانخفاض مستوى الضغط النفسي، وزيادة الوعي الذهني، وتعزيز الصحة النفسية. حتى أنّها ربما تؤدي إلى تغيّرات وظيفية، وتشريحية طويلة المدى في الدماغ. كذلك أفادوا أنّ هذه الرياضة بسيطة أيضاً ومتدنية الكلفة ومجدية، ومنخفضة المخاطر.
وفي المقابل، لاحظ الدكتور كريتاناونغ، وزملاؤه بعض أوجه القصور في الدراسة. أولاً، لم يكشف المسح عن نوع التأمل الذي كان الناس يزاولونه. وفي الحقيقة، ربما يقدّم بعض أنواع التأمل فائدة أكبر للقلب، والأوعية الدموية مقارنة مع الأنواع الأخرى، وفق فريق البحث.
كذلك لم يطرح المسح أسئلة بشأن مدة ذلك التأمل أو شدّته. مثلاً، يُحتمل أن يجني الأشخاص الذين يمارسون هذه الرياضة لمدة زمنية أطول على نحو متكرِّر فائدة أكبر، بيد أنّ الدراسة تعجز عن قياس تلك الآثار.
قال الباحثون إنّه على الرغم من الصلة بين الأمرين، لا يمكنهم الجزم بأنّ التأمل يخفض بصورة مباشرة مخاطر (الإصابة بأمراض) القلب، والأوعية الدموية. ربما من يتّمتعون بصحة جيدة في القلب والأوعية الدموية بدايةً هم أكثر ميلاً إلى ممارسة هذه التمارين، وليس العكس.
كذلك من شأن أنشطة حياتية أخرى أن تحجب الصلة التي تربط (رياضة) التأمل بصحة القلب والأوعية الدموية. مثلاً، وجد الباحثون أنّ أخذ عاملي استهلاك الكحول، والنشاط البدني في الحسبان قلّل من أهمية العلاقة بين التأمل، وخطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.
ولكن مع ذلك، خلُص الباحثون إلى أنّ التأمّل يرتبط "على الأرجح" بانخفاض خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.
ويقول الدكتور كريتاناونغ، فيما تشير نتائج الدراسة إلى أنّ التأمل يعزِّز صحة القلب والأوعية الدموية، "سنحتاج إلى دراسة أكثر صلابة كتجربة سريرية مثلاً بغية معرفة ما إذا كان باستطاعة التأمل أن يعود بالفائدة على صحة القلب والأوعية الدموية في أوساط قدامى الجنود".
ووفق فريق الباحثين، تردف دراستهم مجموعة متزايدة من البحوث حول الفوائد المحتملة للتأمل.