مستقبل اتفاق الرياض.. بين التزام الجنوب ومفخخات الشرعية
على الرغم من تعدُّد الخروقات الإخوانية التي ترتكبها المليشيات الإرهابية التابعة لحكومة الشرعية لبنود اتفاق الرياض، فإنّ الجنوب يبدي التزامًا كاملًا ببنود الاتفاق.
اتفاق الرياض وُقِّع في الخامس من نوفمبر الماضي بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية، وكان يهدف إلى ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية.
وعلى الرغم من إجماع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية على أهمية اتفاق الرياض، فإنّ حكومة الشرعية زرعت الأشواك في هذا المسار عبر جملة من التصعيد العسكري الذي غرس بذور الإرهاب في أرض الجنوب.
الاستفزازات الإخوانية المتواصلة ضد الجنوب قوبلت بكثيرٍ من ضبط النفس من قِبل القيادة السياسية الجنوبية، حيث حرص المجلس الانتقالي على إفساح المجال أمام إنجاح هذا المسار، ضمن خطة مرحلية يسير بها الانتقالي، تهدف في هذه الآونة إلى القضاء على المشروع الحوثي الإيراني.
ضبط النفس الجنوبي عبّر عنه رئيس عمليات اللواء الثامن صاعقة في محافظة أبين العقيد أحمد بن دحه المحوري الذي أكّد في مقابلة مع "المشهد العربي"، أنّ القوات المسلحة الجنوبية مازالت في مواقعها ملتزمة باتفاق التهدئة المعلن رغم أنّ الطرف الآخر غير ملتزم بالاتفاق محاولًا استفزازها.
وأضاف: "لدينا أوامر بضبط النفس واحترام الاتفاقيات وفي نفس الوقت قواتنا مستعدة للتصدي لأي هجوم مباغت وكسر أي محاولة للتقدم صوب مواقعنا فنحن صحيح نحترم اتفاق التهدئة لكننا مازلنا محتفظين بحق الدفاع عن النفس".
تصريحات العقيد المحوري وضعت إطارًا ملخصًا للسياسة التي يتبعها الجنوب في التعاطي مع المشهد السياسي والعسكري الراهن، فهو من جانب يُفسح المجال أمام إنجاح الاتفاق وإكمال هذا المسار، لكنّه في الوقت نفسه يملك حقًا أصيلًا في الدفاع عن نفسه وحماية أراضيه وصد الاعتداءات الإخوانية المتواصلة.
كما أنّ الالتزام الجنوبي باتفاق الرياض أمرٌ يعبِّر عن انخراط كامل من قِبل المجلس الانتقالي إلى جانب التحالف العربي في الحرب على المليشيات الحوثية، خلافًا لحكومة الشرعية المخترقة إخوانيًّا التي لا تتوقّف عن محاولاتها الخبيثة الرامية إلى إفشال الاتفاق من أجل حماية نفوذها.
أمام هذا الوضع، فقد بات لزامًا على المملكة العربية السعودية أن تمارس كثيرًا من الضغوط على حكومة الشرعية من أجل إجبارها على السير نحو إنجاح الاتفاق، ولن يتحقّق ذلك إلا عبر استئصال كامل لنفوذ حزب الإصلاح من معسكر الشرعية.
ولا تلوح في الأفق أي بوادر نحو استقرار سياسي يضع اتفاق الرياض في مسار صحيح، وهذا أمرٌ يحمل ضررًا كبيرًا بالتحالف العربي، وذلك بالنظر إلى المصالح التي تجنيها المليشيات الحوثية من النفوذ الإخواني المهمين على الشرعية.
ويملك حزب الإصلاح علاقات خبيثة مع المليشيات الحوثية، تضمّنت إقدام الحزب الإخواني على تسليم مواقع استراتيجية وتجميد جبهات حيوية مع المليشيات، وهو ما كبّد التحالف العربي تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا.