نشاط دبلوماسي وعسكري يحرك جمود الأزمة اليمنية
رأي المشهد العربي
شهدت الأيام القليلة الماضية جملة من التحركات الدبلوماسية، استهدفت تحريك جمود الأزمة اليمنية بعد أشهر طويلة من الخمول استغلتها المليشيات الحوثية الإرهابية في تصعيد جرائمها ضد المدنيين في محافظات عديدة، ودفعتها إلى استهداف المملكة العربية السعودية بشكل متتالي على مدار الشهر الماضي، في الوقت الذي دشنت فيه الشرعية مزيد من التحالفات مع العناصر المدعومة من إيران وكذلك عناصر تنظيمي القاعدة وداعش.
جاءت التحركات الدبلوماسية من قبل التحالف العربي الذي أضحى أمام صمت أممي على كل ما يجري من جرائم على أرض الواقع، وأجرى وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، مباحثات هاتفية مكثفة مع وزراء خارجية الإمارات والبحرين ومصر، حول اليمن، وناقش العلاقات بين السعودية ودول التحالف، كما تطرق إلى المستجدات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وسبقت هذه الاتصالات إصدار بيانات شديدة اللهجة من قِبل جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أكدتا فيها على الدعم الكامل للمملكة العربية السعودية في مواجهة الجرائم الحوثية، وبدا من الواضح أن هذه البيانات استهدفت الضغط الإقليمي على الحوثي والشرعية من أجل وقف عمليات تسليم وتسلم الجبهات في مأرب، كما عبر تشابه مصطلحات البيانين على وجود رؤية عربية مشتركة بشأن مواجهة التدخلات الإقليمية في اليمن.
دائمًا ما كان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث هو المحرك الأساسي لأي تحركات دبلوماسية تجري بشأن الأزمة اليمنية، غير أن هذه المرة بدا الوضع مختلفًا لأن التحالف العربي هو الذي قاد هذه التحركات، بل إن زيارة غريفيث إلى الرياض في هذا التوقيت تعبر عن رغبته في مسايرة ما يجري من تطورات بعد أن لاحظ بأنه قد لا يكون لديه دور في المستقبل في ظل وجود رؤية عربية جديدة للتعامل مع الأزمة الراهنة.
لم تتضح معالم الرؤية العربية بشكل واضح بعد غير أن ما ظهر حتى الآن هو أن التحالف العربي يحاول الوصول إلى حل للأزمة اليمنية من خلال تكثيف العمليات العسكرية ضد المليشيات الحوثية في صنعاء، والقضاء على بنية التسليح الأساسية للعناصر المدعومة من إيران باعتبار أن ذلك يعد أكثر الطرق اختصارًا لإجبارها على الرضوخ للحلول السياسية وبما لا يعطي مجالات أوسع لتدشين تفاهمات جديدة بينها وبين الشرعية.
بوجه عام يشهد الملف اليمني تطورات سياسية وعسكرية متسارعة، في ظل مؤشرات على تغيرات في طريقة تعاطي التحالف العربي بقيادة السعودية مع الملف في الفترة القادمة، وهو ما بدت أولى ملامحه بعد إقالة قائد القوات المشتركة السابق فهد بن تركي، وتعيين رئيس أركان الجيش السعودي الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع خلفًا له.
تكمن أهمية هذه التحركات بالوقت الحالي في أنها تأتي بوقت تتزايد فيه وتيرة التدخلات الإقليمية والتي أفرزت عن تحالف جميع التنظيمات الإرهابية ضد التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما يتطلب نشاط دبلوماسي وعسكري يصد هذه التدخلات ويعمل على وقفها بكافة السبل الممكنة، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على تنفيذ البنود السياسية لاتفاق الرياض خلال الفترة المقبلة.