موديز تعدل نظرتها لمستقبل قطاع التصنيع العالمي من سلبية لمستقرة
كشفت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني عن نظرتها لمستقبل قطاع التصنيع العالمي، وعدلتها من سلبية إلى مستقرة، استناداً إلى مؤشرات التعافي الإيجابية في الاقتصاد العالمي عموماً.
وأصدرت المؤسسة تقريراً مفصلاً بالأرقام والبيانات يسند قرارها بتعديل نظرتها إلى تعافي قطاع التصنيع، ويخلص إلى أنه "حسب بيانات الصناعة ونتائج الشركات المالية في الربع الثاني، يعتبر قطاع التصنيع تجاوز بالفعل عنق الزجاجة، وأثبت قدرة كبيرة على مواجهة تبعات أزمة فيروس كورونا، وأصبح في وضع يمكنه من التعافي الجيد".
جاء التقرير بعد يومين من قرار مؤسسة موديز تثبيت التصنيف الائتماني للصين، ثاني أكبر اقتصاد بالعالم وعصب قطاع التصنيع العالمي، عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة. وبررت مؤسسة التصنيف الائتماني الرئيسة في العالم قرارها في هذا الشأن بأن السياسات الحكومية دعمت قدرة الصين على تلافي مخاطر الائتمان الناجمة عن الزيادة المستمرة في ديون القطاع العام.
وقدرت موديز استمرار تحسن مؤشرات قطاع التصنيع بالعالم في ضوء بيانات وأرقام الأشهر الأخيرة، إذ توقع التقرير نمو العائدات قبل خصم الضرائب والاستقطاعات الأخرى (EBITDA) بنسبة ثمانية في المئة خلال 2021، بعدما هوت تلك العائدات بنسبة أضعاف ذلك في 2020. وذلك في ضوء بيانات مؤشر مشتريات المديرين في قطاع التصنيع الذي هوى من دون 40 نقطة في أبريل (نيسان)، الذي ارتفع فوق حاجز 50 نقطة في يونيو (حزيران)، ووصل إلى نحو 52 نقطة في أغسطس (آب). ويعد حاجز 50 نقطة الفاصل بين الانكماش والنمو، فتحته يعني انكماشاً وفوقه يعني نمواً.
والبيئة العامة لقطاع التصنيع في العالم مرشحة لاستمرار التحسن مع ارتفاع ثقة الأسواق والنمو الاقتصادي العالمي، وإن كان ذلك يظل مرتبطاً في استمرار منحاه الصعودي على تطور قدرة العالم على احتواء فيروس كورونا. وتوقعت موديز انكماش اقتصادات دول مجموعة العشرين في المتوسط في 2020 كلها بنسبة 4.6 في المئة، على أن تنمو تلك الاقتصادات 5.3 في المئة في العام المقبل 2021. ذلك طبعاً بعدما عدلت موديز توقعاتها للصين ارتفاعاً، إذ تعد الصين المكون الرئيس في سلسلة الإمدادات العالمية في قطاع التصنيع.
ومع انتعاش الاقتصاد الصيني بشكل معقول في الربع الثاني من هذا العام شهد الإنتاج الصناعي ارتفاعاً قوياً، وكذلك الاستثمار في الأصول الثابتة. لذا عدلت موديز توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني 1.9 في المئة هذا العام، ونموه سبعة في المئة العام المقبل 2021.
ولا تقتصر البيانات الإيجابية على الصين، بل كذلك توجد مؤشرات إيجابية قوية من الولايات المتحدة وأوروبا. وإذا أخذنا مؤشر مشتريات المديرين في قطاع التصنيع نجد أنه ارتفع في الولايات المتحدة إلى مستوى النمو. فبعد معدلات 41 نقطة في أبريل و43 نقطة في مايو (أيار)، ارتفع المؤشر 56 نقطة خلال أغسطس، في أعلى قراءة له منذ يناير (كانون الثاني) 2019.
أما في أوروبا، فقد كان المؤشر في دول منطقة اليورو أقل من مستوى 50 نقطة الفاصل بين التوسع والانكماش خلال العام الماضي 2019، لينخفض إلى ما دون 40 نقطة في أبريل ومايو هذا العام. لكنه ارتفع فوق مستوى التوسع ليصل إلى 52 نقطة في يوليو (تموز) وأغسطس (آب).
وفي غالبية مناطق العالم بدأ السحب من المخازن يزداد مع تحسن الطلب في مختلف مناطق العالم، وتلك إشارة مشجعة على انتعاش قطاع التصنيع لتعويض المستهلك من المخزون. ومع عودة النشاط التجاري تدريجياً وتعافي التصدير يزيد السحب من مستودعات التخزين بشكل مطرد.
وحسب جداول وبيانات تقرير موديز، تتباين معدلات التعافي في قطاع التصنيع من منطقة إلى أخرى في العالم، وكذلك من صناعة إلى أخرى. على سبيل المثال، تظل صناعات الطيران والصناعات الجوية وإمدادات الصناعات الدفاعية في وضع ضعيف نسبياً مقارنة ببقية الصناعات في القطاع، بسبب استمرار تراجع طلبات المستهلكين، لكن صناعات مثل معدات البناء ومكونات آليات وأنظمة التحكم الذاتي في الصناعة تظل في وضع جيد يدفع إلى النمو على المدى الطويل.
ورغم التوقعات الإيجابية المتفائلة، تظل هناك مخاطر تواجه قطاع التصنيع العالمي رغم أن تقدير غالبية المؤسسات الدولية أن تأثير أزمة وباء كورونا في القطاع وصل إلى أقصى مدى بالفعل، وبدأ منحنى الانتعاش. ويتوقع بعض التراجع والتباطؤ مع نهاية هذا العام ثم تعاف قوي، حتى لو كان جزئياً، في العام المقبل.
ومن بين المخاطر التي يعددها التقرير تطور انتشار الوباء بشكل أكبر من الموجة الأولى، وفشل العالم في مواجهته، إضافة إلى العوامل الجيوسياسية المختلفة، وأيضاً احتمالات تصاعد التوتر التجاري بين كتل رئيسة في العالم.