خارطة طريق مبهمة للحل السياسي في اليمن
رأي المشهد العربي
خرج الاجتماع الدولي المشترك بشأن اليمن، الذي انعقد أمس الخميس، بجملة من القرارات التي مثلت خارطة طريق جديدة للحل السياسي لليمن تقوم بالأساس على خفض التصعيد العسكري وإحراز تقدم سياسي في المباحثات السياسية وتعزيز التدابير الإنسانية ونهاية بالوصول إلى اتفاق انتقالي شامل لإنهاء الصراع، وتقاسم السلطة بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية، وضمان الانتقال السلمي للسلطة.
تنبع أهمية هذا الاجتماع في المشاركة الموسعة من أطراف دولية مختلفة تمثلت في وزراء خارجية ألمانيا والكويت والسويد والمملكة المتحدة، وممثلين عن الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي.
لكن في الوقت ذاته فإن الخارطة المعلن عنها بدت مبهمة إلى حد بعيد وغير واضحة المعالم وتعطي مساحات أكبر للقوى الرافضة للسلام من أجل المناورة، لأنه سيكون من الصعب ضمان الانتقال السلمي للسلطة في ظل وجود تحالفات خفية بين المليشيات الحوثية والشرعية ممثلة في تنظيم الإخوان الإرهابي المهيمن عليها، لأن الطرفين اتفقا على أن يكون الشمال بحوزة المليشيات الحوثية على أن تذهب الشرعية لاحتلال الجنوب.
لا يمكن أن يكون هناك حلول سياسية في ظل الأوضاع الراهنة لأنه سيكون مطلوب أولًا إنهاء سيطرة المليشيات الحوثية على محافظات الشمال التي هيمنت عليها بفعل عمليات التسليم والتسلم التي جرت بينها وبين الشرعية خلال الفترة الماضية، بحيث يكون هناك اتفاق سياسي قائم على موازين قوى حقيقة وليس خادعة لأن العناصر المدعومة من إيران استغلت خيانة الشرعية من أجل التمدد في مناطق عديدة.
كما أن المباحثات لم تركز على القضية الجنوبية التي تشكل عصب الحل، بعد أن أضحى للقوات المسلحة الجنوبية ثقل عسكري على الأرض لا يمكن تجاوزه إضافة إلى الثقل السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يبحث عن إنهاء احتلال الجنوب واستعادة الدولة مجددًا، ما يجعل أي حديث عن الحل السياسي ناقصاً ما لم يكن هناك نقاشًا بشأن القضية الجنوبية ومستقبلها.
صحيح أن الاجتماع المشترك ألقى حجارة عديدة في مياه الأزمة اليمنية الراكدة، غير أن المطلوب أن يكون هناك نظرة شاملة للأزمة بجميع أبعادها مع مراعاة التغيرات التي طرأت عليها خلال السنوات الماضية، إضافة إلى وجود ضغوطات حقيقية على مختلفة الأطراف من أجل الانخراط في عملية سلمية حقيقية وليست زائفة مثلما الحال مع المبادرات الأممية العديدة التي طرحها مبعوثو الأمم المتحدة من قبل ولن تؤدي إلى حل على أرض الواقع.
يبقى من ضرورة أن يجري تفكيك التحالفات الخفية بين الشرعية والحوثي لأنها تجري برعاية إقليمية من أطراف معادية ولن تسمح بأن يكون هناك حلول سياسية طالما أنها لم تحقق أطماعها الاستعمارية والتي تستهدف السيطرة والهيمنة على مقدرات المواطنين الأبرياء.