الهلال الاماراتي يدعم مشروع التغطية الإذاعية في كافة مديريات شبوة

السبت 3 مارس 2018 15:02:00
testus -US
المشهد العربي - متابعات

تعد محافظة شبوة محافظة مترامية الأطراف، ويقطنها أكثر من «نصف مليون نسمة بحسب إحصاء عام 2011»، كما يوجد فيها أهم مشروع اقتصادي على مستوى اليمن، وهو مشروع تصدير الغاز المسال في بلحاف، وقد ظلت مليشيات الحوثي الانقلابية لمدة قاربت الـ 3 أعوام تسيطر على ثلاث من أهم مديرياتها الحدودية «بيحان، العليا، وعسيلان»، ناهيك عن أهم المواقع النفطية باليمن في «وادي جنة»، ورغم ذلك فإن السلطات المعنية في هذه المحافظة المهمة لم تول الجانب الإعلامي أي اهتمام يوازي تلك الأهمية باعتبارها محافظة النفط والغاز والكثافة البشرية.
وقد يدهش البعض أن الوسيلة الإعلامية الرسمية الوحيدة في المحافظة وهي «إذاعة شبوة المحلية» التي توقفت عن أداء رسالتها الإعلامية المهمة عند دخول المليشيات الانقلابية عاصمة المحافظة «عتق» في أبريل 2015م، ولكن محاولات المليشيات للسيطرة عليها باءت بالفشل، بفضل الموقف البطولي لمديرها العام والعاملين فيها الذين أكدوا أن الإذاعة متوقفة لفقدانها الكثير من أجهزتها، ولغياب الكادر المؤهل لإدارتها.
وما إن طردت مليشيات الانقلاب من عتق، سارعت الإدارة جاهدة لإعادة بث الإذاعة إلى مستمعيها، ومتابعة تطورات الحرب في بيحان، ونشاطات السلطة المحلية، واصطدمت بصعوبات مع السلطة المحلية في المحافظة، ووزارة الإعلام، والمؤسسة العامة للإذاعة والتليفزيون، ولم تجد من يتفهم احتياجاتها، بحجة عدم توفر الإمكانات المالية اللازمة لتشغيلها والمتمثلة في إعادة صرف الموازنة التشغيلية المتوقفة منذ يناير 2015م، وحتى كتابة هذا التقرير.
وبعد مرور سنة وثلاثة أشهر من المعاناة بسبب متاعب المتابعة في أورقة الجهات المعنية وبدعم من محافظ شبوة السابق أحمد حامد لملس، تمت إعادة تشغيل الإذاعة رسمياً في الأول من يناير 2017 م، وهي دون مقر رسمي لها، كما تمت الاستعانة ببضعة غرف في المركز الثقافي في المحافظة لعودة أثيرها من هناك.
جهود مضنية لإعادة التشغيل
يتحدث إلى «الاتحاد» محسن عمر القرنعة، مدير عام إذاعة شبوة، بألم وهو يسرد الخطوات المتعددة والمتعثرة لإعادة تشغيل الإذاعة - المنبر الإعلامي الرسمي الوحيد في المحافظة- مستعرضاً تلك الخطوات التي بدأت بمجرد خروج مليشيات الحوثي الانقلابية من العاصمة عتق، إدراكاً منهم بأهمية الرسالة الإعلامية المقدمة من الإذاعة، حيث تم رفع تقرير للمحافظ الأسبق الفقيد عبدالله علي النسي، متضمناً الجهود التي قامت بها إدارة الإذاعة ممثلة بمديرها العام، ومدير الصيانة والتشغيل، بالحفاظ على أجهزة البث والأجهزة الفنية ومكتبة الإذاعة وغيرها من متطلبات العمل الإذاعي والإداري، وكيف تمكنوا من الحفاظ عليها من أعمال التخريب والسرقة التي تعرضت لها الإدارات والمؤسسات الحكومية أثناء خروج مليشيات الحوثي من عاصمة المحافظة، وما صاحب ذلك من انفلات أمني وعمليات نهب وسطو لكثير من المؤسسات والمرافق الحكومية والخدمية.
ويضيف القرنعة: «التقرير شمل أيضاً تصوراً بالمتطلبات الأساسية والضرورية لإعادة تشغيل الإذاعة، وإصلاح ما تم تخريبه في المقر، ووافق المحافظ من حيث المبدأ على التصور، وتأخر التنفيذ لعدم توفير الإمكانات المالية في المحافظة حينها، ثم قدمت تصورات أخرى للسلطة المحلية لإعادة تشغيلها والدراسات الخاصة بتوسعة بثها وتطوير أداء رسالتها الإعلامية في أكتوبر عام 2015 م.
ويواصل مدير عام إذاعة شبوة حديثه قائلاً: «تم الترتيب لعقد لقاء مع المحافظ بداية يناير في عام 2016م مع موظفي الإذاعة، واستمع إلى الصعوبات التي تواجههم ومتطلبات إعادة التشغيل الإذاعة ومضامين رسالتها الإعلامية والظروف المعيشية الصعبة التي يعانونها، نتيجة توقيف مستحقاتهم المالية التي كانت تصرف من الموازنة التشغيلية للإذاعة، وأبدى آنذاك تفهماً لمعاناة الموظفين وما يواجهونه من صعوبات في حياتهم المعيشية، لا سيما المساهمين من خريجي الإعلام والعاملين بالأجر اليومي، ووجه مكتب الضرائب باعتماد موازنة تشغيلية للإذاعة بحسب ما هو معتمد لها سابقاً، إضافة إلى اعتماد مبلغ يومي حافزاً للمناوبين فيها، إلا أن مكتب الضرائب عاد مجدداً للاعتذار وعدم مقدرته على صرف أي مبالغ لها، ووصلت إدارة الإذاعة لطريق مسدود في متابعة إعادة تشغيلها، لعدم توفير الإمكانات المالية في المحافظة حينها.
إعادة تشغيل الإذاعة
عقبات كثيرة وقفت على طريق عودة بث إذاعة شبوة، لكن ذلك لم يثن قيادتها عن الاستمرارية في طرق الأبواب، استشعاراً بضرورة عودتها، وأهمية الرسالة التي تقدمها لشرائح المجتمع المختلفة، وعلى ذات السياق يقول محسن القرنعة، مدير عام الإذاعة إن العقبات المتعددة لم تصبنا باليأس والإحباط، وعندما تم تعيين أحمد حامد لمس، محافظاً لشبوة، أبدى اهتماماً ملحوظاً بإعادة تشغيل الإذاعة، وهذا ما لمسناه منه في أول لقاء جمعنا به بعد توليه المسؤولية، حيث تم إطلاعه على وضع الإذاعة وأسباب توقفها، ومتطلبات إعادة تشغيلها ووجه بصرف مبلغ «800.000» ثمانمئة ألف ريال بحسب التصور الذي تم رفعه من قبلنا بالاحتياجات الأساسية لعملها، وتم تدشين إعادة بث إذاعة شبوة رسمياً في الأول من يناير 2017م، وإن كانت لا تزال تعاني من أمور كثيرة في مقدمتها أن عدد الموظفين الأساسيين فيها أربعة فقط، بينما بقية الطاقم يعملون بالأجر اليومي، ويستلمون أجورهم من بند الموازنة المتوقفة منذ يناير 2014.
معاناة ما بعد التشغيل
يواصل جمال عوض شنيتر، نائب مدير عام إذاعة شبوة، سرد حكاية المعاناة بقوله: «إعادة تشغيل الإذاعة قبل اعتماد الموازنة التشغيلية الكاملة لها، وضع إدارتها إمام تحديات كبيرة ومسؤولية تاريخية وخيارين لا ثالث لهم: إما العمل من دون موازنة في ظل ظروف معيشية صعبة يعانيها موظفو الإذاعة بعد توقيف صرف مستحقاتهم المالية كافة من قبل المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، أو توقف الإذاعة عن العمل بعد إعادة البث. إضافة إلى الموقف المحرج أمام الرأي العام بعد أن تناقلت مختلف وسائل الأعلام خبر إعادة تشغيلها، مشيراً إلى الشعور لحظتها باتجاه استعادة الإذاعة لرسالتها الإعلامية في ظل الأوضاع التي تعانيها المحافظة، حيث تم العمل بالخيار الأول على الرغم من معرفة إدارة الإذاعة وموظفيها أن العمل في هكذا وضع محاط بصعوبات ومعاناة ستواجههم منها: عدم توفر أبسط المتطلبات الأساسية لإعداد وإنتاج المواد الإذاعية، لضمان استمرار عمل الإذاعة دون تقف وهو ما حدث بالفعل.
ويستدرك جمال شنيتر، نائب مدير عام إذاعة شبوة: «الصعوبات لم تقتصر على هذا الحد، بل تجاوزته بكثير، مبيناً أن عدم اعتماد موازنة تشغيلية للإذاعة منذ بداية تشغيلها من السلطة المحلية بالمحافظة أو وزارة الإعلام، ممثلة بالمؤسسة العامة للاذعة والتلفزيون، كان سبباً في عدم تمكن الموظفين من خارج المحافظة من العودة إلى عملهم، لعدم توفير الإمكانات المالية اللازمة للسكن والمعيشة في المحافظة التي كانوا يحصلون عليها قبل توقف عمل الإذاعة في 9 أبريل 2015 م، ويشكلون نحو 50% من الكادر الإعلامي المؤهل العامل في الإذاعة، الأمر الذي جعلهم يعتمدون على كادر من أبناء المحافظة، من أجل سد الفراغ الذي تركه غياب الكادر الإعلامي من خارج المحافظة، حيث قامت الإذاعة باستيعاب ثلاثة من خريجي الإعلام من أبناء المحافظة، للعمل في الإذاعة كمتعاونين، واستمروا في العمل مدة شهرين، ونظراً لتأخير اعتماد الموازنة التشغيلية تركوا العمل، مما أثر إلى حد كبير على مستوى أداء الرسالة الإعلامية للإذاعة وتوقيف عدداً من برامجها.

فترة البث الإذاعي
ويضيف مدير إدارة الصيانة والتشغيل في إذاعة شبوة محمد علي العولقي قائلاً: «فترة البث الإذاعي قبل توقف البث في عام 2015م، كانت تعمل على مدى 24 ساعة، من خلال فترتين الأولى: البرامج الاعتيادية من الساعة التاسعة صباحاً إلى الثامنة مساء، والفترة الثانية: القرآن الكريم، من الساعة الثامنة مساء إلى التاسعة صباحاً، وكانت الإذاعة الوحيدة على مستوى اليمن من بين كل الإذاعات المحلية التي تعمل على مدار الساعة»، وعن البرامج الإذاعية المقدمة يقول: قبل توقف عمل الإذاعة كانت تقدم يومياً 18 من برامجها المتنوعة: اجتماعية، ودينية وصحية وتربوية وثقافية وسياسية وإخبارية، إضافة إلى تقديم مسلسلين محلي وعربي وحوارات إذاعية منوعة.
وبين الحين والآخر تضطر الإذاعة للتوقف عن رسالتها، لأسباب مختلفة، منها مثلاً رفض شركة النفط في المحافظة صرف اعتماد مادة الديزل لمولدات الإذاعة المقدرة بـ 400 لتر ديزل شهرياً.
دعم الهلال الإمارات
ويشيد محسن القرنعة، مدير عام إذاعة شبوة المحلية، بزيارة فريق الهلال الأحمر الإماراتي في المحافظة للإذاعة، مؤكداً أنها أول جهة تقوم بزيارة رسمية للإذاعة بعد إعادة تشغيلها. ويضيف أن الوفد خلال زيارته قام بالاطلاع عن قرب على أوضاعها وتفقدوا أقسامها المختلفة وتعرفوا على الظروف التي تعمل فيها، وحجم الصعوبات والتحديات التي تواجهها وتؤثر على أداء رسالتها الإعلامية.
وأكد القرنعة تجاوب الهلال الأحمر الإماراتي مع كل ما تم طرحه من قبل إدارة الإذاعة، «إذ لم تمض دقائق من مغادرة الفريق مقر الإذاعة، حتى اتصل محمد سيف المهيري، مسؤول الهلال الأحمر الإماراتي في محافظة شبوة، بمدير عام الإذاعة، طالباً منه رفع أهم المتطلبات العاجلة للإذاعة وتم الاتفاق على ترتيبات المرحلة الأولى من دعم الهلال الأحمر الإماراتي والتي ركزت على تنفيذ مشروع التغطية الإذاعية للمحافظة بالكامل لتمكين أبنائها في مختلف المديريات من متابعة رسالتها الإعلامية، باعتبارها الوسيلة الإعلامية الرسمية الوحيدة في المحافظة التي تستطيع أن تصل رسالتها إلى كل بيت وأسرة على مستوى المحافظة، وتخاطب مستمعيها باللهجة المحلية مما يسهل على المواطنين فهم واستيعاب مضامينها، كما تم رفع الدراسات الخاصة بتركيب محطة الإرسال الإذاعي التي تم إعدادها في فترة سابقة من قبل فريق هندسي في صنعاء للهلال الإماراتي، وأعقب ذلك التنسيق من أجل إرسال المشروع للإدارة الهندسية في إذاعة المكلا لإعداد دراسة جديدة ومتكاملة للمشروع بالتكلفة المالية.
ودعا في هذا السياق الجهات اليمنية المسؤولة، وبالتعاون مع هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، إلى سرعة توفير موازنة تشغيلية للإذاعة وفقاً لهيكل أجور الإعلاميين الذي أقره مجلس الوزراء، وإيجاد درجات وظيفية لخريجي الإعلام من أبناء المحافظة واستيعابهم للعمل فيها، وبناء قدرات ومهارات الكادر الإعلامي العامل في إذاعة شبوة، وتعيين مراسلين للإذاعة في المديريات، وعقد دورات تدريبية لهم.