كورونا فاقم الوضع.. أكثر من مليار شخص بالعالم يعانون اضطرابات نفسية
يُعاني مليار شخص تقريباً في العالم من اضطرابات نفسية، ويُودي تعاطي الكحول والمخدرات بحياة 3 ملايين شخص سنوياً، فيما يحصد الانتحار شخصاً واحداً كل 40 ثانية، وهو السبب الرئيس الثاني لوفاة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة.
واليوم، يتأثر مليارات الأشخاص حول العالم بجائحة كورونا التي تفاقم أيضاً الضرر على الصحة النفسية للبشر.
ويُعد الاكتئاب أحد الأسباب الرئيسة للمرض والإعاقة بين المراهقين والبالغين، حيث يُعاني واحد من بين كل 5 من الأطفال والمراهقين من أحد الاضطرابات النفسية. وغالباً ما يتوفى الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية حادة مثل الفصام، قبل الآخرين بعشر أو عشرين سنة.
ولا يتلقى أكثر من 75 في المئة من المصابين بأمراض نفسية، في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، أي علاج على الإطلاق، نتيجة النقص المُزمن الذي استمر على مدى عقود في مجال تعزيز الصحة النفسية والوقاية من أمراضها ورعاية المصابين بها. وما زال الوصم والتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان بحق الأشخاص المصابين بالأمراض النفسية، ممارسات منتشرة في تلك المجتمعات.
ويُعد فقدان الإنتاجية الناجم عن الاكتئاب والقلق، أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً، ويكلف الاقتصاد العالمي نحو تريليون دولار أميركي سنوياً، بينما تخصص الحكومات أقل من 2 في المئة من ميزانياتها الوطنية للصحة النفسية. وذلك على الرغم من أن كل دولار أميركي يستثمر في التوسع في العلاج من الاكتئاب والقلق، يحقق عائداً قدره 5 دولارات أميركية.
كانت خدمات الرعاية ذات التكلفة العالية في مجال الصحة النفسية محدودة حول العالم قبل تفشي فيروس كورونا، لكن هذا التفشي ومترتباته من ضعف الجهاز الصحي والحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي أدى إلى تفاقم الوضع، بسبب الخوف من انتشار العدوى وخطر انتشارها في مرافق إقامة المرضى النفسيين، مثل دور الرعاية ومؤسسات الطب النفسي، إضافة إلى إغلاق مرافق الصحة النفسية لتحويل وجهة استخدامها لرعاية المصابين بالفيروس.
وساهمت تدابير تقييد تنقل الأشخاص والحجر المنزلي، وإلغاء الروتين اليومي للموظفين والعمال، وتغيير نمط الأعمال وإغلاق المدارس لمصلحة التعليم عن بعد، والبطالة المؤقتة وغياب الاتصال المباشر مع أفراد الأسرة الآخرين والأصدقاء والزملاء، وإدارة مشاعر الخوف من الإصابة بعدوى الفيروس، والشعور بالقلق إزاء المقربين المعرضين للخطر بشكل خاص، كلها أسباب أدت إلى مزيد من التنبُّه واليقظة للاهتمام بالصحة النفسية في زمن تفشي كورونا، خصوصاً بالنسبة للأشخاص المعتلين نفسياً سابقاً.
لهذا السبب، رصّت "منظمة الصحة العالمية" صفوفها، مع المنظمات الشريكة و"منظمة متحدين من أجل الصحة النفسية العالمية" و"الاتحاد العالمي للصحة النفسية"، من أجل الدعوة في "اليوم العالمي للصحة النفسية" لهذا العام، إلى إحداث زيادة كبيرة في الاستثمارات الموجهة إلى قطاع الصحة النفسية، خصوصاً أن العواقب الاقتصادية المترتبة على هذه الجائحة محسوسة بالفعل، حيث سرحت الشركات موظفيها في محاولة لإنقاذ أعمالها، أو أغلقت أبوابها بالفعل.
ويتوقع أن تزداد الحاجة إلى الدعم في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، في الأشهر والسنوات المقبلة بسبب الجائحة التي تعصف بالعالم. وأصبح الآن الاستثمار على الصعيدين الوطني والدولي في برامج الصحة النفسية، التي عانت بالفعل على مدى سنوات من النقص المزمن في التمويل، أكثر أهمية مما كان عليه في أي وقت مضى.
وفي إطار الاهتمام المتزايد بهذا اليوم العالمي في العام الحالي وفي ظل أزمة كورونا، أقيمت في 9 أكتوبر الحالي، التظاهرة الكبرى من أجل الصحة النفسية التي انضم إليها نشطاء في مجال الصحة النفسية من كل أنحاء العالم، وبثت فعالياتها مباشرة على موقع فيسبوك على مدار 24 ساعة، بالإضافة إلى محتوى من آراء المخصصين والتجارب المباشرة لأشخاص وشخصيات مؤثرة من شتى أنحاء العالم. واستمع الجمهور الافتراضي إلى قصص عن تفاني نشطاء المجتمع المدني من 19 بلداً وشخصيات مؤثرة من فئات المجتمع المدني الذين شاركوا في الحملة المعنونة "عبر عن رأيك".
ويشارك في الحملة متخصصون ومهتمون من البلدان التسعة عشر التالية: الأرجنتين، وأستراليا، وغانا، والهند، وإندونيسيا، وكينيا، وليبيريا، ونيبال، ونيوزيلندا، ونيجيريا، وباكستان، وبيرو، والفلبين، وسيراليون، وجنوب أفريقيا، وسريلانكا، وتونغا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
وقالت إنغريد دانييلز، رئيسة "الاتحاد العالمي للصحة النفسية": "لقد مَرَّ الآن 30 سنة تقريباً منذ أطلق الاتحاد العالمي للصحة النفسية أول يوم عالمي للصحة النفسية. وشهدنا خلال هذه الفترة انفتاحاً متزايداً في التحدث عن الصحة النفسية في بلدان عدة في العالم".
والاتحاد العالمي للصحة النفسية هو منظمة دولية تأسست في عام 1948 للنهوض بقضايا الوقاية من الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتزويد المصابين بها بما يلزم من علاج ورعاية، وتعزيز الصحة النفسية.
أما إليشا لندن، مؤسسة منظمة "متحدين من أجل الصحة النفسية العالمية ومديرتها التننفيذية"، فقالت "يلزم الآن الاستثمار في مجال الصحة النفسية أكثر من أي وقت مضى في ظل افتقار الكثيرين إلى سبل الحصول على خدمات الصحة النفسية الجيدة والمناسبة".
أما في 10 أكتوبر، فستقوم "منظمة الصحة العالمية" لأول مرة، باستضافة فعالية إلكترونية عالمية بشأن التوعية في كل العالم للحد من الأمراض النفسية والتعاطي الضار للكحول والمخدرات.
وسينضم زعماء العالم وخبراء الصحة النفسية إلى المدير العام للمنظمة من أجل التحدث عن التزامهم تجاه الصحة النفسية والأعمال الإضافية التي يمكن إنجازها في هذا المجال.
وسيشارك موسيقيون ذوو شُهرة عالمية ممن رفعوا أصواتهم عالياً في الدعوة إلى أهمية الصحة النفسية، في تأدية وصلات موسيقية.
كما ستشارك شخصيات رياضية من الجنسين، ممن تأثرت حياتهم باعتلالات الصحة النفسية، للحديث عن تجاربهم وعرض طرق تعاملهم مع حالات صحية مثل الاكتئاب والقلق.