اتفاق الرياض.. بين خطايا الشرعية وضرورات إنقاذ المسار
فيما تسبّبت حكومة الشرعية بشكل مباشر في تأخُّر حسم الحرب على الحوثيين، فإنّ اتفاق الرياض يظل السبيل الوحيد في المرحلة الراهنة للدفع نحو مزيدٍ من الحسم لهذه الحرب التي طال أمدها.
الشرعية ارتكبت العديد من الخطايا طوال الفترة الماضية على النحو الذي أدّى إلى عرقلة التحالف عن حسم الحرب عسكريًّا، تجلّى ذلك مثلًا في علاقاتها الخبيثة مع الحوثيين، والتي قامت على تسليم مواقع استراتيجية للمليشيات وكذا تجميد مواقع حيوية.
هذه العلاقات الخبيثة يملكها في الأساس حزب الإصلاح، ولعلّ ما مكّنه من نجاح هذا المخطط الشيطاني هو أنّ ذراع جماعة الإخوان الإرهابية في اليمن يهيمن على معسكر الشرعية، وله العديد من الفصائل العسكرية المتطرفة التي ألحقها إلى قوات الشرعية، وبالتالي باتت تتحكم في العديد من مفاصل الأمور.
وفيما يفترض أن تكون حرب الشرعية على الحوثيين هي الواجهة الرئيسية لعملها، لكنّ الحرب لم تتخطَ كونها عبارة عن مجرد تصريحات يعمل قادة الشرعية من خلالها على غسل سمعة الحكومة الملوثة كثيرًا بدماء التآمر، ضمن "بروباجندا" تجيد صناعتها ماكينة الكذب الإخوانية.
في الوقت نفسه، وفيما يتعلق بالميدان، فإنّ الشرعية أدارت ظهرها بعيدًا عن الحرب على الحوثيين، وانخرطت في علاقات خبيثة مع المليشيات، ورغم محاولتها فرض سياج من السرية على هذه العلاقات، لكنّها فشلت في هذا الأمر، وذلك بسبب الفضائح التي تتكشف عن هذه العلاقات.
الأمر افتضح أمره كثيرًا أيضًا بالنظر إلى وصلات الغزل التي يكيلها أطراف في الشرعية لقيادات حوثية، تعبيرًا عن تقارب من نوع خبيث يجمع بين الطرفين، وهو أمرٌ يتوازى معه تنسيق عسكري واضح في الجبهات، لا سيّما الحيوية منها.
الشرعية، وهي تنخرط في هذه العلاقات مع الحوثيين، فهي تبعث برسالة بأنّ استعادة أراضيها من قبضة المليشيات أمرٌ لا يشغلها على الإطلاق، لكنّها في الوقت نفسه وجّهت بوصلة العداء صوب الجنوب بغية احتلال أراضيه، مستغلةً في هذا عبثية المشهد الراهن.
خطايا الشرعية في هذا الإطار جاءت ممزوجة بأنّ الحكومة تضم تيارًا يوالي قطر وتركيا في المقام الأول، وهذا التيار النافذ في الشرعية، بل هو المتحكم في زمام الأمور على صعيد واسع، ينفّذ ما تمليه عليه الدوحة وأنقرة، وبالتالي تنفيذ أجندة خبيثة ضد التحالف العربي.
هذه الخطايا التي نجمت عن هيمنة النفوذ الإخواني على معسكر الشرعية بات العمل على مواجهتها ضرورة ملحة، وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق من دون تنفيذ اتفاق الرياض.
وهذا الاتفاق الموقّع في الخامس من نوفمبر الماضي، أي أنّه تفصله أيام قليلة ليتم عامًا كاملًا على توقيعه، يحتاج إلى تسريع الوتيرة بشكل كبير للغاية، من أجل القضاء على النفوذ الإخواني الذي يمثّل استمراره في المشهد اليمني الراهن بمثابة "سرطان" سينخر في العظام بشكل موحش للغاية.