اتهامات العمل الإغاثي.. الحوثي يصارع الغذاء العالمي على حلبة الوجع
يبدو أنّ الأزمة الإنسانية في اليمن على موعد مع تردٍ جديد يضاف إلى المأساة الحالية، في ظل المشهد العبثي الذي ساد على قطاع العمل الإغاثي.
وفيما دأب الحوثيون طوال الفترة الماضية، على العمل على نهب المساعدات وعرقلة توزيعها على صعيد واسع، فقد دخلت الأزمة حاليًّا مرحلة تبادل الاتهامات بين المليشيات والمنظمات الإغاثية.
البداية كانت مع سلسلة جديدة من الاتهامات التي وجّهها برنامج الأغذية العالمي للحوثيين، وكيف أنّ تسبّبوا بشكل متعمد في الحيلولة دون وصول المساعدات إلى مستحقيها، سواء عبر نهبها أو عرقلة توزيعها.
الاتهامات الدولية جاءت على لسان المدير التنفيذي للبرنامج التابع للأمم المتحدة ديفيد بيسلي الذي قال: "بدلًا من أن نكون قادرين على التركيز في تقديم المساعدة الغذائية المنقذة للحياة للأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة إليها، فقد أمضينا العامين الماضيين في محاولة إقناع الحوثيين، للتغلب على العوائق غير الضرورية".
المسؤول الأممي قال: "العراقيل الحوثية تسبّبت في فقدان كبار المانحين الثقة في أننا سنكون قادرين على ضمان حصول الأشخاص المناسبين على الدعم الذي يحتاجونه".
تصريحات بيسلي، أو بالأحرى اتهاماته للحوثيين، ردّت عليها المليشيات بتوجيه اتهامات للبرنامج الأممي بأنّه يُسيّس عمليات الإغاثة في اليمن.
ودعا محمد الحوثي، عضو ما يُعرف المجلس السياسي الأعلى إلى وضع ضوابط شديدة تحد من ممارسة برنامج الغذاء التصنيف السياسي لمن يرفض سياسات أمريكا، كونه يمنح أو يمنع وفق ذلك.
وغرّد الحوثي قائلًا: "العمل الإنساني يجب أن يبقى إنسانيا، وأن تكون أولوية اجتماعكم العمل هذا عند مراجعة التطورات والتخطيط للمستقبل".
الأكثر من ذلك، أنّ الحوثي اتهم المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء، ديفيد بيزلي، بإيقاف وصول المساعدات للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وقال - بحسب زعمه - إنّه "قام فقط بتخفيف المساعدات في المناطق التي تقبع تحت سيطرتهم".
تبادل الاتهامات يمكن القول إنّه إيذانٌ بتصاعد الأزمة الإنسانية في اليمن، لا سيّما أنّ هذا الجدل السياسي الحاد يعني استمرار الصعوبات والعراقيل التي تحول دون تقديم المساعدات.
وبحسب تقرير سابق صادر عن الأمم المتحدة، فهناك حاجة ماسة لجمع مليار دولار وذلك من أجل مواجهة الأزمة الإنسانية الفادحة التي نجمت عن الحرب الحوثية.
وما يُصعّب من جمع هذه الأموال، أنّ الدول المانحة غير مرتاحة بشأن تقديم المساعدة لعملية إغاثة تعاني من العرقلة والتحويل.
والحديث هنا عن جرائم عديدة ارتكبتها المليشيات الحوثية تمثّلت في نهب المساعدات وعرقلة توزيعها على مستحقيها، وكثيرًا ما وُجّهت اتهامات للمليشيات بأنّ مثل هذه الجرائم سبب رئيس في تردي الوضع الإنساني.
وفيما يظل من المستبعد تراجع الحوثيين عن هذه السياسة الغادرة، فإنّ المرحلة المقبلة تستلزم تدخلًا من نوع آخر من قِبل المجتمع الدولي، وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها بشكل عاجل.
حتمية لعب هذا الدور تندرج من مخاطر المجاعة التي تلوح في الأفق، وقد حذّر المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي أمام مجلس الأمن الدولي، هذا الأسبوع، من تفاقم الأزمة في اليمن الذي بات على شفير المجاعة.
وقال بيسلي الذي يدير البرنامج الأممي الذي فاز هذا العام بجائزة نوبل للسلام، إنّ المجاعة هي حقا احتمال بالغ الخطورة، مؤكّدًا أنّ أضواء التحذير تومض، وليس بالأصفر بل بالأحمر، وأضاف: "لتجنّب المجاعة نحن نحتاج إلى 2,6 مليار دولار للعام 2021، ويتعيّن علينا التحرّك الآن وإلا سيموت الناس".
في سياق متصل، تحدّث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة مارك لوكوك عن المعاناة الرهيبة التي تسبّبها المجاعة لدى الإنسان من هلوسات ونوبات وصولا إلى الموت، وركّز حديثه عن الحالة اليمنية قائلًا: "الناس لا يعانون من الجوع وحسب.. إنهم يتضوّرون جوعًا.. عندما أفكّر بما تعنيه المجاعة، لا أفهم حقيقة لماذا لا يتمّ بذل مزيد من الجهود لمنعها".