الذهب يودع 2020 بأعلى مكاسب خلال 10 سنوات
ودع المعدن النفيس "الذهب" عام 2020 بمكاسب قياسية ليحقق أعلى إغلاق في تاريخه على الإطلاق ليسجل 1900 دولار للأوقية، مرتفعا 25 %، بما يعادل 385 دولارا للأوقية، حيث كان قد أغلق 2019 عند مستوى 1515 دولارا للأوقية.
و يعد ارتفاع الذهب خلال 2020 هو أسرع وتيرة في عشرة أعوام، حيث كان قد ارتفع 29 في المائة 2010 عندما صعد إلى 1405.5 دولار للأوقية مقابل 1087.5 دولار بنهاية 2009.
بينما على أساس قيمة الزيادة خلال 2020 والبالغة نحو 385 دولارا للأوقية فهي أكبر زيادة سنوية على الإطلاق.
ويعد الارتفاع المسجل في 2020 هو الثاني على التوالي، حيث ارتفع الذهب 18 في المائة في 2019 مغلقا عند 1515 دولارا للأوقية، بينما كان قد تراجع قبلها 1 في المائة 2018 ليغلق عند 1279 دولارا للأوقية.
وسجل الذهب مستوى تاريخيا خلال 2020 عند 2073 دولارا للأوقية في السابع من شهر أغسطس الماضي، مستفيدا من الهروب إليه كملاذ آمن بالتزامن مع تفشي جائحة كورونا عالميا.
وصعد المعدن الأصفر خلال 2020 مع زيادة الطلب عليه كملاذ آمن في ظل تفشي فيروس كورونا وتزايد التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم "الأمريكي والصيني"، ما يضيف أعباء إضافية إلى متاعب الاقتصاد العالمي، بالتزامن مع تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي.
وسجل المعدن الأصفر أدنى مستوياته خلال العام في الـ16 من مارس عند 1452 دولارا للأوقية بداية تفشي الجائحة مع صدمة غلق الاقتصادات والحدود وتراجع الطلب عليه للصناعة.
تطور سنوي
وخلال 42 عاما (منذ 1979) ارتفع الذهب خلال 26 عاما، مقابل تراجع في 16 عاما أخرى.
وخلال 51 عاما (من 1969 حتى 2020) تضاعف سعر أوقية الذهب 54 مرة، بمعدل مرة سنويا تقريبا، حيث كان سعرها 35 دولارا بنهاية 1969.
رحلة الأسعار
بدأ 2020 انطلاقا من إغلاق عام 2019 عند 1515 دولارا لأسعار الذهب، وسط استمرار تحسن سعره في السوق العالمية، بعد عام شهد توترات تجارية وجيوسياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
وعلى الرغم من توصل بكين وواشنطن إلى المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بينهما، مطلع 2020، إلا أن أسعار المعدن الأصفر واصلت صعودها بفعل زيادة الطلب في الصين على وجه الخصوص مطلع 2020، مع ظهور مخاوف جدية من تفشي فيروس كورونا على نطاق واسع، وهو ما حدث بالفعل في يناير، قبل أن يعتمد عالميا في نهاية فبراير الماضي.
وأصبح الذهب أبرز ملاذ آمن فوري بالنسبة للمستثمرين حول العالم مع نهاية فبراير الماضي، مع إعلان عديد من الاقتصادات حول العالم عن غلق مرافقها كافة، وتعليق حركة التنقل البري والجوي، للوقاية من الوباء الآخذ في التوسع.
وصعد سعر الأونصة الواحدة نهاية فبراير الماضي إلى 1585 دولارا، قبل أن تتراجع بسبب صدمة غلق الاقتصادات وتراجع الطلب على الذهب، سواء للصناعة أو كملاذ آمن.
قاع الذهب 2020
ومع صدمة الإغلاقات، سجلت أوقية الذهب أدنى مستوياتها خلال العام في الـ16 من مارس عند 1452 دولارا للأوقية بداية تفشي الجائحة ومع صدمة غلق الاقتصادات والحدود وتراجع الطلب عليه للصناعة، بينما بإغلاق العام تكون قد ارتفعت 31 في المائة من هذا القاع.
مستوى قياسي
ومنذ قاع مارس، أخذت الأسعار في الارتفاع إلى أن سجل الذهب أعلى مستوياته خلال 2020 عند 2073 دولارا للأوقية في السابع من شهر أغسطس الماضي، وهو أعلى مستوى تاريخيا للمعدن الأصفر.
ومن بين المؤشرات الواضحة على الطلب الكبير على الذهب كملاذ آمن ولحماية محافظ المستثمرين حينها، سجلت صناديق الذهب المتداولة ETF عالميا، تدفقا نقديا إيجابيا للشهر السابع على التوالي بزيادة 2.7 في المائة خلال حزيران (يونيو) الماضي بما يعادل 5.6 مليار دولار (104 أطنان).
كذلك سجلت صناديق الذهب المتداولة أعلى مستويات لحيازتها من المعدن الأصفر بنهاية النصف الأول عند 3.62 ألف طن، ما يعادل احتياطيات عدة دول مجتمعة.
وتعد هذه الحيازة العالمية المسجلة حتى نهاية الشهر الماضي، هي أعلى مستوى للتدفقات السنوية من حيث الحجم بالطن (646 طنا في 2009) ومن حيث القيمة الدولارية (23 مليار دولار في 2016).
وبعبارة أخرى، فإن تدفقات الذهب الوافدة لصناديق الاستثمار المتداولة خلال النصف الأول من العام الجاري أكبر بكثير من المستويات القياسية لصافي مشتريات البنوك المركزية من المعدن في عامي 2018 و2019.
كما يمكن أن تمتص هذه التدفقات نحو 45 في المائة من إنتاج الذهب العالمي في غضون أول ستة أشهر من 2020.
ثم واصلت صناديق المؤشرات المتداولة للذهب زيادة حيازتها من المعدن الأصفر في سبتمبر للشهر التاسع على التوالي في أطول موجة لتسجل صافي استثمارات شرائية، التي حدثت في عامي 2008 و2016، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.
ورفعت صناديق المؤشرات حيازتها سبتمبر الماضي بنحو 68.1 طن أو ما قيمته نحو 4.6 مليار دولار على الرغم من تسجيل أسعار المعدن الأصفر لأسوأ أداء شهري لها منذ نوفمبر من 2016.
ورفعت الصناديق حجم مشترياتها من الذهب منذ مطلع العام إلى أكثر من 1000 طن أو ما يوازي 55.7 مليار دولار ليرتفع إجمالي حيازات تلك الصناديق من الذهب إلى مستوى قياسي جديد بلغ نحو 3880 طنا ولتبلغ حجم الأصول المدارة بواسطة تلك الصناديق ما قيمته نحو 235 مليار دولار.
وجغرافيا، سجلت صناديق المؤشرات المتداولة للذهب صافي شراء بنحو 34.6 طن أو ما يوازي 2.2 مليار دولار، فيما سجلت الصناديق الأوروبية صافي عمليات شراء بنحو 26 طنا ما تبلغ قيمته نحو 1.9 مليار دولار، ويعادل نحو 2 في المائة من إجمالي الأصول المدارة بواسطة تلك الصناديق.
وفي آسيا، سجلت صناديق المؤشرات المتداولة صافي شراء بنحو 6.8 طن أو ما تبلغ قيمته نحو 432 مليون دولار ويعادل نحو 5.9 في المائة من إجمالي الأصول المدارة بواسطة تلك الصناديق.
ونما إجمالي أصول صناديق المؤشرات المتداولة للذهب خلال تسعة أشهر من العام الجاري بنحو 67 في المائة ورفعت عمليات شرائها من المعدن لأعلى مستوى على الإطلاق، مقارنة بالرقم القياسي السابق، الذي تم تسجيله 2009 حينما بلغ حجم مشتريات تلك الصناديق 649 طنا.
عوائد منخفضة
وتزامن ارتفاع أسعار الذهب خلال 2020 مع أسعار فائدة منخفضة وسلبية، وبالتالي أصبح الذهب بديلا استراتيجيا للسندات الحكومية ذات العوائد السلبية في منطقة اليورو وسويسرا واليابان بشكل أساس، والإيجابية، لكنها منخفضة للغاية في الولايات المتحدة، لذا تغيرت المعادلة من السندات الحكومية لمصلحة الذهب كملاذ آمن.
وفي ظل الوضع حينها، احتمالات صعود أسعار السندات الحكومية قليلة، كما أن السندات الحكومية ذات العائد السلبي لم تعد تتمتع بميزة دخل مثل الذهب.
لويلعب المعدن النفيس دورا أساسيا لدى المستثمرين، حيث أصبح ضرورة لتنويع المحفظة والتحوط ضد تراجع أسواق الأسهم ذات المخاطر المرتفعة، وهو ما أعطى الطلب عليه دفعة إضافية.
وكانت التوقعات للمعدن الثمين أن يسجل مستويات قياسية جديدة هذا العام، حيث توقع "سيتي بنك" و"إندبندنت استراتيجي" أن يصعد الذهب إلى ألفي دولار في 2021، بينما توقع بنك أوف أمريكا أن يزيد المعدن الأصفر صعوده ليبلغ ثلاثة آلاف دولار في 2021.
وأخيرا، رفع "جولدمان ساكس" توقعاته لسعر الذهب على مدى 12 شهرا إلى 2300 دولار للأونصة.
وصدقت التوقعات بالفعل وسجل الذهب مستويات قياسية تجاوزت حتى التوقعات التي كانت في حدود 2000 دولار للأوقية، وهي تم تجاوزها في أغسطس 2020.
ومنذ تسجيل المستوى القياسي في أغسطس أخذت الأسعار في التراجع لاحقا مع أخبار لقاحات لمواجهة الفيروس حتى وصلت قرب 1750 دولارا في شهر نوفمبر، ثم عاودت الارتفاع مرة أخرى مع حزم التحفيز الاقتصادي بتريليونات الدولار، التي من المتوقع أن ترفع التضخم وعليه يكون الذهب خيارا جيدا لحفظ القيمة.