إخوان الشمال يصدون سلام الجنوب
رأي المشهد العربي
ألقى الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي خطابًا تصالحيًّا مع الشمال خلال حديثه مع شبكة "سكاي نيوز عربية" قبل أيام، غير أن هذا الخطاب الذي حظي باهتمام واسع من دوائر إقليمية وعربية لم تقابله ردة فعل مناسبة من قوى الشمال التي تخضع لسيطرة مليشيات الإخوان، إذ أن الرئيس اليمني المؤقت أقدم على اتخاذ قراراته المشبوهة بعد ساعات قليلة من هذا الخطاب.
الرئيس الزُبيدي تحدث خلال حواره عن أن الجنوب سوف يستمر في مواجهة المليشيات الحوثية الإرهابية وقال نصًا "سنقف مع إخوتنا في الشمال بكل ما أوتينا من قوة"، وأن حكومة المناصفة التي تشكلت بين الجنوب والشمال ستكون مهمتها إنهاء الإرهاب الحوثي، معتبرًا أن اتفاق الرياض فرصة جيدة للسلام في اليمن.
كان متوقعًا أن تستغل قوى شمالية هذا الخطاب التصالحي من أجل التخلص من المليشيات الحوثية الإرهابية، لكن يبدو واضحًا أن تنسيق الشمال مع العناصر المدعومة من إيران أكبر من أي توقعات، وأن الشمال لديه عقدة عدائية من الجنوب فحسب ولا يمانع في تسليم جميع أراضيه للمليشيات الحوثية التي أضحت مسيطرة بالفعل على الجزء الأكبر من محافظات الشمال.
لعل هيمنة تنظيم الإخوان على الشرعية طيلة السنوات الماضية جعلتها تحول بوصلتها إلى الزاوية المعاكسة لتكون في مواجهة الجنوب وليس المليشيات الحوثية، وهو أمر وصل إلى حد توجيه بوصلة الرئيس المؤقت نفسه ومؤسسات الرئاسة الأخرى التي دخلت في عداء مباشر مع الجنوب من دون أن تنصب العداء ذاته للمليشيات الحوثية التي تغتصب أراضيها وتعيث في الأرض فسادًا ولا تتوقف انتهاكاتها بحق المدنيين الأبرياء.
واجه الشمال سلام الجنوب بالإعلان المباشر عن الحرب ولعل ذلك ما ظهر على لسان أحد مستشاري الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، الذي يقيم في تركيا، وهو ما يؤكد أن مليشيات الإخوان في الشمال لن تجد مانعًا في أن تتحالف مع قوى معادية بحثًا عن احتلال الجنوب والسيطرة على مقدراته.
بدلًا من أن تتجه قوى الشمال لدعم حكومة المناصفة والتخلص من إرث الشرعية الإخوانية التي ساعدت المليشيات الحوثية في تدمير اليمن، تبحث الآن عن منافذ جديدة تُمكنها من عداء الجنوب وشل حركة الحكومة التي رأت النور مؤخرًا بعد عام من المباحثات الماراثونية في المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس الزُبيدي بحماية الجنوب للحكومة وتمكينها من أداء عملها.
الجنوب من ناحيته لم يتراجع عن مواقفه الداعمة للسلام وضمان وجود دولتين متجاورتين تعيشان في سلام واستقرار وفي الوقت الذي أكد فيه مساندة الشمال للتخلص من الإرهاب الحوثي شدد أيضًا على أن استعادة دولة الجنوب هي الطريق الأوحد نحو تحقيق الاستقرار، وهو ما يجعله الطرف الأقوى والأكثر بحثًا عن حقن الدماء.