الانتقالي يضع النقاط على الحروف

علاء حنش

وضع المجلس الانتقالي الجنوبي النقاط على الحروف، وكشف للشعب الجنوبي حجم الحرب التي يخوضها الانتقالي (سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وخدماتيًا)، من خلال استنكاره للمحاولات المتكررة الهادفة إلى تعطيل عملية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وإرباك المشهد، وإفشال عمل حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال المنبثقة عن الاتفاق، وذلك بعد حزمة قرارات للرئاسة اليمنية أحادية الجانب التي أكد الانتقالي أنها "شكلت خروجًا صارخًا وانقلابًا خطيرًا على مضامين اتفاق الرياض، وعملية التوافق والشراكة بين طرفي الاتفاق".

إن تأكيد بيان الانتقالي الرسمي على عدم التعاطي مع القرارات الرئاسية، يبرهن مدى المرحلة الهامة التي وصل إليها الجنوب، واكتسابه للشرعية الدولية، التي تعطيه أحقية رفض أي محاولات للتلاعب بالوضع المعيشي الصعب، أو بمحاولات الالتفاف على الجنوب.

كما أن تشديد الانتقالي على أنه سيُقدِم على اتخاذ الخطوات المناسبة في حال عدم معالجة القرارات التي تم اتخاذها دون اتفاق مسبق بين طرفيّ اتفاق الرياض، رسالة شديدة اللهجة بأن هناك خيارات مُتاحة للجنوب، وقد تكون خيارات مؤلمة لجميع أعداء الجنوب، بالإضافة إلى انها جعلت المواطن الجنوبي يفتخر بأن لديه حامل أمين، وقوي يقف ضد أي اجراءات من شأنها أن تدخله في مربع الصراعات مجددًا.

وأوصل الانتقالي رسالة واضحة المعالم لرعاة اتفاق الرياض ممثل بالمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، مفادها أن للصبر حدود، وإلتزام الجنوب ببنود اتفاق الرياض ليس ضعفًا، وإنما احترامًا للعهود والمواثيق التي يلتزم بها الجنوب، أو يتعهد بها أمام العالم كمبدأ سامي وثابت، غير أنه لا يعني انهُ سيظل متفرجًا عن عبث الطرف الثاني، واستهتاره ببنود الاتفاق، وسيقف بكل قوة ضد أي محاولات لتميّيع الاتفاق أو التلاعب بمضامينه، وعندما ينفجر الجنوبيين فإن انفجارهم لن يكون عاديًا، أو سهلًا، بل سيأكل الأخضر واليابس، ولكم في التجارب السابقة عبرة وعظة.

أما رسالته لرعاة الاتفاق بتمسكه باستكمال تنفيذ كافة بنود اتفاق الرياض، ودعوته لهم بضرورة استكمال عملية التنفيذ، فيدلان على الثقة الكبيرة للانتقالي الجنوبي بكل ما يقوم به من خطوات، بعكس الطرف الثاني (الشرعية اليمنية) الذي دائمًا ما يظهر بحالة من التخبط، وعدم الالتزام بالاتفاق الذي حظي بتأييد إقليمي ودولي، ما يعني أن المجتمعين العربي والدولي ربما يصلنا لخيار لا ثاني له يتمثل بسحب الشرعية الدولية من (الشرعية اليمنية)، واعطائها لمن يستحقها فعلًا.

أصبح الانتقالي الجنوبي اليوم يتبوأ مكانة استراتيجية هامة (دبلوماسيًا وعسكريًا وسياسيًا)، وأصبح من المُحال القفز أو التحايل عليه، أو على القضية الجنوبية التي يُعد حاملها الأمين.

اليوم يقف أبناء الجنوب، المؤمنين بحق استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو / أيار 1990م، خلف الانتقالي الجنوبي بكل ما أوتي من قوة لإدراكهم انه خير من يخوض حرب الدفاع عن قضية الجنوب (محليًا وإقليميًا ودوليًا)، والأيام القادمة ستكشف صحة هذه الحقيقة.


مقالات الكاتب