الحوثيون قبلوا مقترحات غريفيث بالتهدئة وانقلبوا عليها بمهاجمة ناقلة نفط سعودية.
صحيفة دولية : التأزيم الأمني طريق الحوثيين للتهرب من ضغوط السلام
شفت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” عن حصول المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث على موافقة أولية تتعلق بمقترحات إحلال السلام في اليمن أثناء تواجده في صنعاء الأسبوع الماضي. لكن الموافقة الحوثية لم تخرج عن دائرة المناورة بعد أن انقلبوا عليها بأوامر من إيران باستهداف ناقلة نفط سعودية الثلاثاء.
وأكدت المصادر أن غريفيث أصر على مناقشة خطته للسلام مع زعيم الجماعة الحوثية مباشرة وهو ما تم من خلال حوار عبر شبكة تلفزيونية وضعت عبدالملك الحوثي وجها لوجه أمام المبعوث الأممي.
وأضافت أن الحوثيين أبدوا في لقاءاتهم بغريفيث موافقة مبدئية على خطته التي تتضمن إنهاء الحرب والدخول في مرحلة انتقالية قصيرة يتم خلالها تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة جميع الأطراف بمن فيها الحوثيون الذين وافقوا على تسليم أسلحتهم في وقت لاحق.
غير أن المصادر قالت لـ”العرب” إن المواقف المرنة التي أظهرها الحوثيون في لقاءاتهم بالمبعوث الأممي والوفد الأوروبي الذي زار صنعاء مؤخرا، لا تحمل في طياتها تحولا جوهريا في مسار الأزمة اليمنية، حيث دأبت الجماعة الحوثية على إطلاق مثل هذه المواقف في مراحل سابقة، لكنها سرعان ما تتراجع في اللحظات الأخيرة، كما حدث في ختام مشاورات السلام اليمنية التي استضافتها العاصمة الكويتية في منتصف 2016 وفشلت نتيجة لتراجع وفد الحوثيين في اللحظات الأخيرة عن التوقيع على وثيقة تفاهمات أولية بحسب تصريحات المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
ويعتبر العديد من الخبراء في الشأن اليمني أن المشكلة الأساسية باتت تكمن في انعدام حالة من عدم الثقة بين الأطراف اليمنية، وهو الأمر الذي دفع المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ إلى تكثيف الجهود في الأشهر الأخيرة من عمله في الملف اليمني لإيجاد حلول عاجلة لمعالجة الحالة الإنسانية المتفاقمة، والبحث عن ضمانات لإنجاح أي اتفاق سياسي بين الفرقاء اليمنيين.
ووفقا لمصادر “العرب” من المفترض أن يقوم غريفيث بزيارة للمناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية خلال الأيام القادمة، تشمل مدينتي عدن والمكلا قبل العودة مجددا إلى صنعاء في منتصف أبريل الجاري.
ولفت مراقبون إلى لجوء الحوثيين إلى التصعيد في كل مرة تتزايد فيها الضغوط الدولية لإحلال السلام في اليمن وهو ما كرروه أثناء زيارة المبعوث الأممي لصنعاء، حيث أطلقوا عددا من الصواريخ الباليستية باتجاه الأراضي السعودية.
وفي محاولة جديدة لإفشال مساعي السلام، أقدمت الميليشيات الحوثية على استهداف ناقلة نفط سعودية بالقرب من ميناء الحديدة الاستراتيجي.
وصرّح المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن العقيد تركي المالكي، أنه في تمام الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر الثلاثاء، تعرضت إحدى ناقلات النفط السعودية لهجوم حوثي إيراني بالمياه الدولية غرب ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين، ونتج عن ذلك الهجوم تعرض الناقلة لإصابة طفيفة غير مؤثرة واستكملت خطها الملاحي والإبحار شمالا ترافقها إحدى سفن التحالف البحرية.
وأوضح المالكي أن محاولة الهجوم الحوثي باءت بالفشل نتيجة لتدخل إحدى السفن التابعة للقوات البحرية للتحالف والتي قامت بتنفيذ عملية تدخل سريع.
وحذر المالكي في تصريحات إعلامية من “استمرار استخدام ميناء الحديدة كنقطة انطلاق للعمليات الإرهابية وكذلك تهريب الصواريخ والأسلحة”، وطالب بوضع ميناء الحديدة تحت الرقابة الدولية ومنع استخدامه كقاعدة عسكرية لانطلاق الهجمات ضد خطوط الملاحة.
ويتزامن هذا التصعيد الحوثي مع مؤشرات على اعتزام التحالف العربي والحكومة الشرعية إطلاق حملة عسكرية واسعة خلال الأيام القادمة لتحرير ميناء الحديدة من قبضة الميليشيا الحوثية.
وفي الجانب السياسي الذي يشهد تصاعدا بالتوازي مع الجانب العسكري على الأرض، توالت تصريحات المسؤولين اليمنيين والدوليين على ضرورة إنهاء الحرب في اليمن من خلال الدخول في حوار جديد وشامل.
وفي هذا السياق ناشد أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة الأطراف المتحاربة في اليمن، الثلاثاء، التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الصراع، وذلك خلال كلمته في مؤتمر الجهات المانحة في جنيف.
وقال غوتيريس إن “التوصل إلى تسوية سياسية من خلال حوار يمني شامل هو الحل الوحيد. أحث جميع الأطراف على العمل مع مبعوثي الخاص الجديد مارتن غريفيث دون تأخير”.
وتابع “يجب أن تظل جميع الموانئ مفتوحة أمام الشحنات الإنسانية والتجارية والأدوية والأغذية”.
ودعا وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي في كلمة له في المؤتمر ذاته إلى ضرورة إيجاد حل مثالي للأزمة اليمنية من خلال العودة إلى طاولة المحادثات ووضع نهاية للحرب والعودة إلى نظام مستدام يحظى بدعم الشعب اليمني.
وحصلت الأمم المتحدة على تعهدات بتقديم أكثر من ملياري دولار خلال المؤتمر الذي كان يهدف إلى جمع 2.96 مليار دولار لليمن هذا العام.
وقال متابعون للشأن اليمني إن الحوثيين يشعرون هذه المرة بأن هناك توجها دوليا قويا نحو الحل السياسي في اليمن، وإنهم يحاولون الهروب من تعهداتهم عبر افتعال مواجهة جديدة مع السعودية على أمل حرف الأنظار عن مناقشة الالتزام بالمفاوضات، لكن الأمر هذه المرة مختلف، والمبعوث الجديد يتبنى مبادرة بريطانية مدعومة دوليا وبالتالي لا يمكن للمتمردين الاستمرار في المناورة إلى ما لا نهاية.