العرب اللندنية .. حرب ناقلات النفط : استعراض قوة حوثي يفضح قلقا إيرانيا
هاجم الحوثيون ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر ما أسفر عن "أضرار طفيفة"، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية، في تصعيد جديد يعكس يأسا يعتري الحوثيين جراء التقدم العسكري الذي يحققه الجيش الوطني بدعم من التحالف العربي، كما يعبر عن إدراك للتبدل الجذري في المزاج الدولي ضد هذه الميليشيات وداعمتها إيران.
وتعيد مهاجمة الناقلات من قبل الحوثيين في البحر الأحمر إلى الأذهان مرحلة مهمة في الحرب العراقية الإيرانية عندما لجأت إيران إلى مهاجمة الناقلات في الخليج وكان ذلك من علامات اليأس، وقد أعقب ذلك قبول طهران وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن المتحدث الرسمي باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي قوله "تعرضت إحدى ناقلات النفط السعودية، الثلاثاء، لهجوم حوثي إيراني بالمياه الدولية غرب ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الميليشيات الحوثية المسلحة المدعومة من إيران".
وأضاف المالكي أن الهجوم فشل "بعد تدخل إحدى سفن القوات البحرية للتحالف (…) وقد نتج عن ذلك الهجوم تعرض الناقلة لإصابة طفيفة غير مؤثرة واستكملت خطها الملاحي والإبحار شمالا" دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
واعتبر المتحدث أن الهجوم يشكّل تهديدا خطيرا للملاحة بمضيق باب المندب والبحر الأحمر وأن "استمرار هذه المحاولات يبرز خطر هذه الميليشيات، ومن يقف خلفها، على الأمن الإقليمي والدولي".
رسالة إيرانية
رأت مصادر دبلوماسية غربية أن الهجوم لا يستهدف الناقلة السعودية فقط، بل المقصود منه هو إرسال رسالة إيرانية إلى المجتمع الدولي من خلال التلويح بتهديد الملاحة العالمية عبر باب المندب والبحر الأحمر.
وعبّرت الولايات المتحدة عن "انزعاجها من أحدث محاولة للحوثيين لتصعيد الحرب في اليمن بمهاجمة سفينة تجارية في باب المندب أحد أزحم ممرات الشحن في العالم".
وقال كوماندر جيرمي فوغان، وهو ضابط في البحرية الأميركية، وزميل الجهاز التنفيذي الاتحادي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن لدى الولايات المتحدة مصلحة كبيرة في صد المحاولات الإيرانية للسيطرة على السواحل اليمنية، ومضيق باب المندب تحديدا.
وتتوضح ملامح هذا السيناريو بالعودة إلى سجل الهجمات الحوثية الأخيرة على السعودية، حيث ضاعف الحوثيون، مؤخرا، هجماتهم عليها، من خلال إطلاقهم يوم 26 مارس 2018 سبعة صواريخ على المملكة.
وقالت السعودية إن دفاعاتها الجوية اعترضت الصواريخ لكن الحطام المتناثر أدى إلى مقتل عامل مصري في الرياض.
ويوم 2 أبريل 2018، ذكرت وسائل إعلام تابعة للحوثيين وموالية لإيران أن "جماعة أنصار الله (الحوثيين) أطلقت صاروخا باليستيا من طراز بدر1 على معسكر الجربة السعودي في ظهران". وردت قناة الإخبارية السعودية مؤكدة أن الصاروخ سقط في الأراضي اليمنية.
وفي خبر آخر، ذكرت وسائل إعلام حوثية أن الميليشيا أطلقت صاروخا باليستيا على معسكر سعودي في أطراف جازان جنوبي المملكة، بعد يوم واحد من إعلان قوات التحالف العربي باليمن اعتراض صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون باتجاه مدينة نجران جنوب المملكة.
لكن هذا التصعيد لا يعكس قوة الحوثيين، الذين تدعمهم إيران بهذه الصواريخ، بل بالعكس يكشف مدى قلقهم من التغيرات السريعة على الساحتين الإقليمية والدولية، خلافا للسنوات الماضية، التي ساهم فيها جمود المجتمع الدولي في تقدم الحوثيين في اليمن، وإيران في عموم المنطقة.
استهداف ناقلة النفط السعودية قد يكون مرتبطا بالصراع اليمني، لكن خلفية هذه الهجمات ليست يمنية، فقط، بل إيرانية أيضا ترتبط بالقلق الذي ينتاب طهران جراء ما يمكن أن تواجهه من مواقف دولية جامعة إذا ما قرر ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
يهدف تكثيف الحوثيين للهجمات الصاروخية ضد السعودية وتلك التي تستهدف الملاحة الدولية في المياه المشاطئة لليمن إلى تعظيم موقعها داخل أي تسويات قد يفرضها المجتمع الدولي من خلال المبعوث الأممي الجديد مارتن غريفيث.
انهيار المشروع الحوثي
يرى محللون يمنيون أن المشروع العقائدي لميليشيات الحوثيين يتأسّس على هدف السيطرة الكاملة على اليمن من خلال الخيار العسكري وحده، وأن زحف هذه الميليشيات من صعدة في الشمال وسيطرتها على العاصمة صنعاء والانطلاق جنوبا كان يرمي إلى وقوع اليمن بكامله تحت هيمنة الميليشيات المرتبطة بنظام الولي الفقيه في إيران، قبل أن توقف عاصفة الحزم هذا الزحف وتقوّض المؤامرة الحوثية-الإيرانية ضد اليمن ودول الخليج.
وأضاف هؤلاء أن الهزائم العسكرية التي تكبدتها هذه الميليشيات إضافة إلى انفضاض الحلفاء من حولها بعد قتلها للرئيس السابق علي عبدالله صالح، جعلا من موقفها ضعيفا في أي مفاوضات للوصول إلى تسوية سلمية وفق ما تدعو العواصم الكبرى.
في المقابل، تستبق الرسالة الإيرانية، عبر الصواريخ، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 12 مايو المقبل بخصوص انسحاب بلاده أو البقاء داخل الاتفاق الذي وقعته مجموعة الـ1+5 مع إيران حول برنامجها النووي عام 2015.
وترى هذه المصادر أن إيران اختارت بعث رسائلها من اليمن لتعذّر انطلاق الرسائل في هذه المرحلة من لبنان أو سوريا أو العراق وحتى من إيران نفسها.
وتسترجع أحداث الصراع اليمني ذاكرة المرحلة النهائية من هذه الحرب التي امتدت نيرانها إلى ناقلات النفط التي تنقل بترول الخليج إلى الدول الكبرى.
وتم رفع أعلام دول كبرى على الناقلات الخليجية في حين تفرغ العراق لضرب الناقلات الإيرانية ومرافئ التصدير، وهو ما قاد إلى الانهيار الإيراني بعد فترة قصيرة.