اقتصاديون يحذرون من هذا الخطر..

كيف سلم هادي الدولة لتجار النفط.. ومن هي التنظيمات الارهابية التي تتحكم بأسواقه؟.. ومن وراء أزمة السيولة؟

الأربعاء 18 إبريل 2018 16:27:12
testus -US

حذر اقتصاديون من خطورة قرار هادي القاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات خاصة، على الأمن القومي، وقيمة العملة الوطنية، والأوضاع المعيشية للمواطنين، في ظل غياب دور الدولة، وأجهزتها الرقابية الحكومية الفاعلة.

واعتبروا قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، وتعطيل شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن، إضعافا لما تبقى من سلطة للدولة، وتَسليم ذراعي حركة النقل والتشغيل، وإدارة المال، لشبكات مصالح وقوى جديدة.

وجاء قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، بعد إحجام حكومة هادي على تغطية فاتورة واردات الوقود بالعملة الصعبة، وتوقف شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن، عن استيراد الوقود وتحويلهما إلى مخازن للتجار.

ووفقاً لآخر إصدار للحسابات السنوية لشركة النفط اليمنية، فإن حجم التداول النقدي في سوق المشتقات النفطية خلال العام 2014م، بلغ تريليونا و80 مليار ريال ما يمثل 75% من الكتلة النقدية المتداولة للعملة اليمنية في السوق المحلة البالغة تريليونا و600 مليار ريال، ما يعني أن مبالغ تداولات مبيعات المشتقات النفطية باتت في قبضة تجار الوقود ومحال وشركات الصرافة، خارج القطاع المصرفي الرسمي، وهو السبب الرئيس وراء أزمة السيولة التي تضرب البلاد منذ 25 شهراً.

وتتحكم المكونات المسيطرة على سوق المشتقات النفطية بأسعار السلع والخدمات الضرورية والمتطلّبات المعيشية للمواطنين، وافتعال الأزمات وخنق حركة الدولة والنقل والتشغيل.

وأكد محللون اقتصاديون لـ”نيوز يمن”، أن شبكة مصالح واسعة تكونت برأس هرم سلطة هادي من بعض القوى سواءً السياسية أو المذهبية والعشائرية والجهوية، وتدخلات خارجية، بمختلف توجهاتهم المتضادة، ومسمياتهم المختلفة، فيما نشأ نوع جديد من التحالفات بين السلطة والثروة، وهناك تحالفات جديدة في إطار رجال المال والأعمال واستغلال أسماء تجارية كواجهات مالية.

وتحتكر شركة (عرب غلف) استيراد الوقود في عدن وبقية مناطق حكومة هادي، وهي شركة تجارية مملوكة لرجل الأعمال أحمد العيسي، والذي صدر أخيراً قرار بتعيينه مستشاراً لهادي، ويتولى أحمد عوض حمران الذي كان موظفاً عادياً نائب مدير إدارة تموين المطارات تصريف المشتقات النفطية للعيسي وتحول إلى رجل أعمال من العيار الثقيل.

فيما أشار متخصصون في صناعة النفط أن قرار هادي عطل إحدى أهم الموارد المالية، وعمالقة اقتصاد الدولة: شركتي النفط الحكومية ومصافي عدن، وسيترتب على هذا القرار تبعات تفاقم الوضع الانساني والاجتماعي، مشيرين إلى أن العمل السياسي أضحى أحد المصادر الرئيسية للدخل والثروة.

وقال مسؤول في شركة النفط اليمنية، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن قرار هادي تعويم المشتقات النفطية هو نفس الأمر الذي اتخذته جماعة الحوثي الانقلابية بصنعاء وأصبحت الإيرادات تذهب إلى أيدي أشخاص بدلاً من الدولة، إذ تمتلك الشركة 380 محطة موزعة على جميع محافظات الجمهورية و190 قاطرة نقل للوقود، وبلغت أرباح شركة النفط الصافية 16 مليار ريال بعد خصم كافة العمولات والحصص عام 2014م.

وبحسب بيات شركة النفط بلغ حجم مشتريات شركة النفط من الوقود للفترة نفسها 273 مليار ريال، وتستهلك السوق اليمنية نحو 200 ألف طن من البنزين، و300 ألف طن من الديزل شهرياً، تذهب عائدتها المالية من أرباح وأجور وتشغيل لخزينة الدولة، ومع تخلي الدولة عن الامتياز الممنوح لشركة النفط، أصبحت الإيرادات تذهب إلى جيوب تجار المشتقات النفطية.

وقال الخبير الاقتصادي صادق العرومي لـ”نيوز يمن”، إن ثمة أسماء جديدة لامعة دخلت سوق تجارة المشتقات النفطية، وتشكل اليوم قوى مؤثرة.. ومجتمع قبلي كاليمن يعاني من حيث الأساس شحة في فرص العمل أدت الحرب إلى انخراط أعداد متزايدة في مشاريع اقتصاد الحرب، وعلى نحو لافت أصبحت التنظيمات والجماعات الإرهابية المشاريع الصغيرة التي تمولها جميع الأطراف.

وتسيطر على تجارة الوقود في مأرب السلطة الحاكمة التابعة للتجمع اليمني للإصلاح الممثلة بالشيخ سلطان العرادة، حيث تم تخصيص إنتاج مصافي مأرب لتغطية احتياجات مأرب وشبوة وسيئون، يقابلها محلي حضرموت التي حررت أسعار المشتقات النفطية وتقوم بالاستيراد والتوزيع، ويمتنع الطرفان عن توريد عائدات مبيعات المشتقات النفطية للبنك المركزي بعدن، كما تعد محافظتا مأرب وحضرموت واحدا من مصادر إمداد المشتقات النفطية عبر شبكة مهربين وتجار إلى المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون.

وتعمل في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثي 5 شركات تتبع محمد عبدالسلام القيادي في جماعة الحوثي وشركتان تتبعان علي الطائفي المدير السابق لشركة النفط وصالح الصماد ومحمد علي الحوثي.

وكان الدكتور نجيب العوج – المدير العام التنفيذي لشركة النفط اليمنية- المعين من هادي قد أبرم اتفاقاً مع محافظي ومدراء أمن عدن وأبين والضالع ولحج بتثبيت سعر الغالون سعة 20 لترا عند 4200 ريال، لكن هذا السعر لم يتم التعامل به، فسعر الغالون البنزين سعة 20 لترا 5000 ريال بمحافظة المهرة، و5800 ريال بمحافظة حضرموت، و6000ريال بعدن وأبين ولحج.

ويرى الباحث الاقتصادي زكريا الذبحاني، أن مافيا الوقود هم حٌكام البلاد الفعليون تجدهم أين ما اتجهت، وتختلف أسعار المشتقات النفطية من محافظة لأخري، فسعر المشتقات النفطية تحكمه شبكات فساد موجودة منظمة وغير منظمة، وسوق سوداء فضيعة ليست موجود في أي بلد، ويحقق تجار السوق السوداء للمشتقات النفطية في اليمن بشماله وجنوبه أرباحا بالمليارات يومياً.

ويضف الذبحاني، إنه إذا ما تغيرت قواعد اللعبة سيظل الأثرياء الجدد هم الرقم الصعب في الاقتصاد اليمني داخليا وخارجيا، فهم يأخذون ثروات من الداخل وثروات بأسماء اليمنيين من الخارج وتعمل بهذا جميع الأطراف، وفي المقابل يزيد الوضع على الأرض سوءاً، وتعقيداً، وأكثر انفلاتاً وتزداد خطوطه تشابكاً.