بعد 226 عاما على وضعه.. هل لا يزال النشيد الوطني الفرنسي صالحا
"لامارسييز" هو النشيد الوطن للجمهورية الفرنسية، تم كتابته عهد الثورة الفرنسية، واعتمدته فرنسا نشيدا بموجب اتفاقية لمدة تسع سنوات، من عام 1795 حتى عهد الإمبراطورية الفرنسية سنة 1804، وفى زمن الجمهورية الفرنسية الثالثة تم ترسيمه بشكل دائم.
وتمر اليوم الذكرى 226 على كتابة هذا النشيد إذ انتهى من كتابته فى 25 أبريل 1792، جوزيف روجيه دى ليزل فى ستراسبورج وكان اسم النشيد نشيد الحرب لجيش الراين، وقد اعتمد هذا النشيد كنشيد وطنى فى عام 1830 عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة، لكن فى أثناء قيام الحرب العالمية الثانية أجريت بعض التعديلات الطفيفة فيه على يد هكتور برليوز وأعتمد نشيد وطنى فى شكله الحالى فى سبعينيات القرن العشرين، حينما قام فاليرى جيسكار ديستان عندما كان رئيس فرنسا من 1974 حتى 1981 بتخفيض إيقاع لامارسييز لأن النسخة الأولى الأصلية كانت قوية فى الكلام والتلحين.
وبسبب ذلك النشيد القديم تواجه فرنسا أزمة أخرى باعتباره يدعو للحرب، وهو ما اتضح فى الفترة الأخيرة من خلال تصريحات للنجم الفرنسى من أصول عربية ولاعب ريال مدريد الإسبانى كريم بنزيما، عندما برر عدم ترديده للنشيد الوطنى لبلاده قائلا "لا أحب ترديد النشيد الوطنى الفرنسى لأنه يدعو إلى الحرب إذا ركزت فى كلماته".
بنزيما لم يكن الأول وربما لن يكن الأخير، فقد لاحظت وسائل الإعلام الفرنسية والأوروبية، أن لاعبى المنتخب الفرنسى لكرة القدم من ذوى الأصول العربية أو الأفريقية لا يؤدون النشيد الوطنى خلال المباريات الرسمية أو الودية مع منتخبات أخرى، وعلى خلفية ذلك الحدث طالب حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسى اليمينى بإقصاء اللاعب الذى يثبت عدم ترديده للنشيد وعلى رأسهم كريم بنزيما عن المنتخب الفرنسى.
كما أن "لامارسييز" استخدم خلال الحملات الانتخابية للبرلمان الأوروبى فى عام 2014، بتوظيفه لصالح الدعايا لأحزاب اليمين المتطرف فى دول الاتحاد الأوروبى عبر شعارات تقول إن هويات دول الاتحاد مهددة بسبب الأجانب وبسبب المشروع الوحدوى الأوروبى نفسه كما يصاغ من قبل الأحزاب السياسية الحاكمة ومؤسسات الاتحاد الأوروبى.
كل ما سبق جاء بعد مظاهر عديدة للعضب عبر عنها الكثيرون من الفرنسيين ونشطاء حقوق الإنسان بأن النشيد متطرف، وطالبوا أكثر من مرة بتغييره، إلا أن الرئيس الفرنسى الأسبق ساركوزى قام بإصدار مشروع القانون الذى يتضمن اعتبار إتلاف العلم الفرنسى أو السخرية من النشيد الوطنى جريمة يعاقب عليها بغرامة 7500 يورو (8100 دولار) والسجن لمدة ستة أشهر، وهو الأمر الذى واجهه حينها مظاهرات عارمة فى شوارع العاصمة الفرنسية باريس.