بعد سنوات عجاف وسط أكوام القمامة هيئة الهلال الأحمر الإماراتية تعيد الوجه المشرف لعاصمة شبوة
كثيرة هي الجهود الإنسانية التي تقوم بها هيئة الهلال الأحمر الإماراتية - الذراع الإنسانية لدولة الإمارات العربية المتحدة في محافظات اليمن المحررة، ومنها محافظة شبوة خصوصاً عاصمتها عتق - جنوب اليمن - إذ لم تكتفِ بجملة الأعمال التنموية والإغاثية، بل امتدت يد الخير إلى الجوانب الخدمية المرتبطة بحياة المواطنين، تأكيداً للموقف الأخوي الصادق لإمارات الخير، ولعمق أواصر الإخاء والمحبة والتعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين اليمني والإماراتي.
وعندما رأى فريق الهلال الأحمر، مستوى النظافة في عاصمة محافظة شبوة، وما وصل إليه من انحدار مخيف منذ سنوات، أبى إلا أن تكون له كلمة الفصل، وسعى للتغلب على تلك المعضلة، والمساهمة في حلها، كي تعود العاصمة نظيفة، وتخليصها من هم جاثم على صدرها، وصدور مواطنيها، جراء تكدس أكوام القمامة في كل شارع، وفي كل زاوية، ولم يرحم ذلك التكدس حتى أماكن العبادة، ودور التربية والتعليم، والمستشفيات. فتم الاتفاق بين رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتية في محافظة شبوة، محمد سيف المهيري، ومتعهد حملة النظافة للمدينة محسن عوض سنان، لتنفيذ حملة النظافة لمركز المحافظة، لمدة شهر، كتجربة أولية، وبما يعيد للمدينة وجهها ورونقها الجميل، وإظهارها بالمظهر المشرف الذي يليق بها كواجهة وعاصمة حضارية للمحافظة يزورها الآلاف من مواطني المحافظة بشكل يومي، إضافة لسكانها ممن يتجاوزون المائة ألف نسمة.
قال محمد سيف المهيري، رئيس فريق الهلال الأحمر الإماراتي بشبوة، إن حملة النظافة، ورفع المخلفات التي نفذتها الهيئة في مدينة عتق، أتت تلبية للدعوات التي تلقتها الهيئة من المواطنين فيها، مشيراً إلى أن الهيئة تُولي الجوانب الخدمية والتنموية بالغ الأهمية، وعلى رأسها قطاع النظافة، لكونها ركيزة أساسية لمكافحة الأوبئة والأمراض التي عادةً ما تنتشر في الأحياء والشوارع، بسبب مخلفات القمامة المكدسة لفترات طويلة فيها، وشدد المهيري على دور النظافة العامة في إبراز المظاهر الجمالية لمدينة عتق العاصمة الإدارية لمحافظة شبوة، بما يعيد رونقها وأهميتها، كأهم مدن محافظة شبوة السياسية والتجارية.
سبق للهلال دعم وتبني حملات نظافة مماثلة في مدينتي عزان وحبان بمديريتي حبان وميفعة، نالت استحسان وتقدير الجهات المسؤولة فيها، وجموع المواطنين.
وأبدى عبد ربه هشلة ناصر، الأمين العام للمجلس المحلي لمحافظة شبوة، أبدى امتنانه للدعم السخي الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة عبر ذراعها الإنسانية في اليمن «الهلال الأحمر» في مختلف الجوانب الإنسانية والخدمية والتنموية، وعلى رأسها قطاع النظافة والتحسين، الذي أشار إلى أنه يفتقر لأهم مستلزمات العمل، وأشاد هشلة بخطوة تبني «الهلال الأحمر» الإماراتية لدعم وتمويل حملات النظافة في عاصمة المحافظة، وقال إنها تشكل نقلة نوعية لهذا القطاع الخدمي بالذات خاصةً وأشاد أمين عام محلي شبوة؛ بما تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة وذراعها الإنسانية «الهلال الأحمر» إغاثياً وإنسانياً ودعم القطاعات الخدمية كالكهرباء والمياه والصحة والتربية والتعليم والنظافة وغيرها من القطاعات الحيوية.
وأكد المشرف العام لفريق الهلال الأحمر بالمحافظة مبارك بن حمامه، استمرار الهلال في دعم ومساعدة المحافظة في الجوانب الخدمية والتنموية والإنسانية، وبما يمكنها من تجاوز وتذليل الكثير من المعوقات والمشاكل التي تواجهها في هذه الجوانب المختلفة.
مسؤولية تكاملية
وقال محسن عوض سنان، مشرف حملة النظافة في عتق، لـ«الاتحاد»: إن النظافة والتحسين ليست مسؤولية الجهات المختصة في المدينة فحسب، بل مسؤولية تكاملية بين السلطة والمجتمع، وأن تردي أوضاع النظافة في المدينة يعود إلى أسباب عدة أهمها حرب مليشيات الحوثي الانقلابية على الشرعية، إضافة إلى الصعوبات الماثلة أمام عدد من المكاتب الحكومية، ومنها صندوق النظافة والتحسين، نتيجة شح الموارد المالية وصعوبة تحصيل الإيرادات.
وأكد سنان، أن الدعم الإماراتي لشبوة غير محدود، فمنذ تحريرها عسكريا من الحوثيين عملاء إيران، سارعت الإمارات بالدعم والإغاثة الإنسانية في كل أرض شبوة عبر «الهلال الأحمر الإماراتية»، موضحاً أن ذلك الدعم صب تجاه الاحتياجات الخدمية التي تمس حياة المواطنين اليومية، ومن ضمن ذلك ضرورة النظر لنظافة عاصمة المحافظة «عتق»، والتي يقطنها غالبية سكان المحافظة بتعداد سكاني يفوق المائة ألف غير الذين يزورونها يومياً، مبيناً أن تلك الحملة أتت متجاوبة مع الشكاوى المتعددة من انتشار القمامة بكل شوارعها، والتي غابت عنها النظافة لأكثر من سنتين، وسببت في انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، منها حمى الضنك التي تسببت في وفاة الكثير خاصة فترة احتلال الحوثيين للمدينة.
تم تكليف المتعهد محسن عوض سنان، بالإشراف على نظافة مدينة عتق من قبل قيادة الهلال الأحمر الإماراتية، ممثلاً في الأستاذ محمد سيف المهيري، بعد موافقته على الخطة المقدمة من صندوق النظافة والتحسين بالمحافظة، وتم التدشين العمل، بحضور أمين عام المجلس المحلي بالمحافظة، وعدد كبير من المسؤولين وممثلين عن الهلال الأحمر الإماراتي، وبمشاركة حوالي 140 عاملا وعاملة ومشرفين، ومعدات ثقيلة وخفيفة، واستمرت النظافة لمدة شهر كامل، ولاقت ارتياحا شديدا من المواطنين الذين ابدوا شكرهم وتقديرهم لدولة الإمارات العربية على ما قامت به، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر المواقع الإلكترونية والصحف.
أربعة قطاعات
وأوضح متعهد حملة النظافة للمدينة سنان أن خطة تنفيذ الحملة اشتملت على تقسيم المدينة إلى أربعة قطاعات يتوزع عليها عمال النظافة المكلفون بتجميع أكوام القمامة ومخلفات مواد البناء من الشوارع والأزقة والساحات العامة، ومن ثم نقلها إلى المقلب الخاص بذلك خارج المدينة، وتم تجميع ونقل ما بين 35 - 54 طنا من القمامة أسبوعيا من المدينة.
كان من المفترض أن تستمر تلك الحملة أشهراً عدّة لولا بعض المعوقات أهمها: الاعتراضات المتكررة من بعض المواطنين على موقع رمي القمامة (المحرقة)، وعدم جدية السلطة المحلية في حل تلك الإشكاليات، اصطناع بعض موظفي صندوق النظافة لعراقيل، بدلاً من أن يكونوا مساهمين في النجاح، كذلك الانقطاعات المتكررة للمحروقات عن عاصمة المحافظة، مما تسبب في توقف المعدات عن العمل.
في ذات السياق تواصل تهاني حسين، حديثها الإيجابي عن حملة نظافة العاصمة عتق، وأكدت أن عتق كانت في أمس الحاجة لها، في ظل تقاعس السلطة المحلية عن تحمل مسؤولياتها، وتراكم النفايات فيها، وعدم توفير مقلب نفايات، فما كان من هيئة الهلال الأحمر وعبر فريقها في شبوة، إلا القيام بالدور الكبير وتلبية الاستغاثات المتكررة للمواطنين الذين ضاقوا ذرعاً من مماطلات ووعود السلطات، وأحدثوا نقلة نوعية في المدينة خلال شهر واحد، وطالبت باستمرار حملات النظافة في عموم مديريات المحافظة، ودعت المواطنين إلى التعاون مع فرق النظافة، والابتعاد عن الصراعات، وتعطيل مصالحهم بأيديهم.
من ضمن الحلول المقترحة لاستمرار العمل، بعد أن واجه بعض الصعوبات من جهات متعددة ومن بعض المواطنين:
توفير محرقة مستقلة لا توجد عليها إشكالات خارج المدينة، وإبعاد مسؤولي الصندوق عن العمل المباشر في الميدان، لما يسببه وجودهم من تحسس لدى العمال الذين لم تعد الثقة موجودة فيهم، وقيام شركة النفط بالمحافظة بتوفير كمية من المحروقات مخصصة لمعدات النظافة حتى لا يتعطل العمل.
بعبارات الشكر والامتنان، يقول الشاب فائز أحمد حسن مرعي، «مهما حاولت جاهداً أن أعبر للهلال الأحمر وفريقه في شبوة عن شكري وامتناني، لوقفتهم الإنسانية بجانبنا كمواطنين، فلن اعطيهم حقهم، فالكلمات والحروف لن توفيهم قدرهم، لهذا أقدم لهم هنا أجمل عبارات الشكر والعرفان، لعلها تعبّر ولو قليلاً عما اشعر به، وهو شعور جميع المواطنين في عاصمة محافظة شبوة (عتق).
ويختم عبدالله عوض الجبواني، أركان القوات الخاصة بالمحافظة، حديثه لـ «الاتحاد»، مشيداً بذلك الجهد المبذول لجعل عتق عاصمة خالية من القاذورات وأكوام القمامة، خلال شهر، وهو جهد يشكر عليه فريق الهلال الأحمر الإماراتي الذي أوكل المهمة لمتعهد النظافة، وجميع العمال الذين بذلوا ويبذلون جهدهم في سبيل بقاء المدينة نظيفة، وخالية من مسببات الأمراض المختلفة، التي قال عنها «وما أكثرها منذ إعلان مليشيات الانقلاب حربهم العبثية».
أتت حملة النظافة العامة والشاملة لمدينة عتق عاصمة محافظة شبوة، بتمويل من «الهلال الأحمر» الإماراتية، واستمرت شهراً كاملاً، لتضاف إلى الدور المهم والمتميز الذي تقوم به «الهلال الأحمر» من خلال ما تقدمه من دعم للعديد من المشروعات والأنشطة الخدمية والتنموية والإنسانية في شبوة، وبما يسهم في تخفيف حجم الأعباء والمعاناة التي تعانيها المحافظة والمواطنون فيها، بسبب ظروف وتداعيات الحرب العبثية التي أعلنتها مليشيات الانقلاب الحوثية على الوطن وشرعيته الدستورية.
حلة جميلة
يضيف كرم علي عبد الرحيم باجمال، رئيس المجلس الأهلي عتق، عن حملة النظافة التي شهدتها العاصمة عتق خلال شهر مضى، ولاقت ارتياحا شعبيا من مختلف شرائح المجتمع، وأظهرت عتق بحلة جميلة لم نرها من قبل حرب المليشيات الحوثية على الشرعية الدستورية وعلى الوطن برمته، ودعا باجمال لاستمرارية الهلال في دعمه لحملات النظافة للمدينة، ومواصلة دعمه السخي في جميع المجالات، ومنها حملة النظافة لواجهة مركز المحافظة.
الوجه الجميل
بينما يرى الدكتور محمد المنصوري، أن حملة نظافة العاصمة عتق كشفت الوجه الجميل لها، بعد سنوات عجاف عاشت خلالها المدينة في وضع كارثي وصحي وبيئي لا تحسد عليه، ووجه شكره وتقديره لهيئة الهلال الأحمر على ما تقدمه من خدمات تنموية وإغاثية وإنسانية للمحافظات اليمنية المحررة، ومنها محافظة شبوة، وهذا ليس بجديد وغريب على دولة الإنسانية ومواقفها الثابتة والراسخة دولة زايد الخير والعطاء.
تغير ملحوظ
يؤكد فهد عوض عبدالله، رئيس لجنة مكافحة الفساد في المحافظة أن عتق شهدت تغيراً ملحوظ خلال تجربة الشهر الواحد التجريبي في مجال النظافة، وذلك مرده كما يراه فهد من خلال تبني «الهلال الأحمر الإماراتية» للحملة وتسليمها للمتعهد محسن سنان، وكان لها الأثر الإيجابي في ذلك التحسن النوعي الذي غاب خلال سنوات ماضية عديدة عن جميع شوارع العاصمة عتق، مشيراً إلى أن الحملة أعادت ملامح المدينة للبروز، بعد أن تكدست بأكوام القمامة لفترات طويلة. ولم ينس رئيس مكافحة الفساد توجيه شكره وامتنانه لذلك العمل الإنساني لهيئة الهلال الأحمر الذي أتى في وقته المناسب وبعد أن وصل سيل المعاناة الزبى.