توفير الخدمات بأهمية تحصين الجبهات
رأي المشهد العربي
ركزت الاجتماعات الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي على مجابهة أزمات تردي الخدمات ووضع خطط سريعة لمعالجة أزمات الكهرباء والمياه والمشتقات البترولية، مع استعار حرب الخدمات التي تشنها الشرعية الإخوانية ضد أبناء الجنوب، بما يؤكد إدراكه بأن توفير الخدمات العامة للمواطنين لا يقل أهمية عن تحصين جبهات الجنوب عسكريا لصد أي اعتداءات إرهابية.
تعّول الشرعية على إثارة غضب أبناء الجنوب وشغلهم في قضايا فرعية بعيدا عن الهدف الرئيسي الذي يتمثل في استعادة دولتهم، وتعمل على خلط الأوراق عبر تحميل المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية هذا التردي، في حين أنها تستحوذ على سلطة اتخاذ القرار داخل المؤسسات الخدمية، وترفض تمكين الانتقالي من الإدارات المحلية التي تتحكم في بوصلة جودة الخدمات المقدمة.
تضغط الشرعية الإخوانية على الجنوب من أجل تفكيك اتفاق الرياض والتراجع عما ترتب عليه من أوضاع سياسية وعسكرية من خلال تشكيل حكومة المناصفة أو سحب مليشياتها من أبين وشبوة ووادي حضرموت والمهرة، وبالتالي فإنها تجد السبيل الأمثل عبر خلق حالة من الفوضى في الجنوب تبرهن من خلالها على فشل الاتفاق في تحقيق أهدافه، في حين أن تجميدها عمل الحكومة يعد سببا رئيسيا في حالة التردي التي أصبحت مهيمنة على احتياجات أبناء الجنوب اليومية.
فشلت الشرعية الإخوانية في بعثرة أوراق الاتفاق من خلال حشودها العسكرية التي تزج بها إلى الجنوب بين الحين والآخر ولم تحقق اختراقا يذكر في جبهة أبين وظلت العاصمة عدن بعيدة المنال عن مليشياتها الإرهابية، ما يجعلها ترمي بثقلها نحو خلخلة أركان السلطة المحلية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وينعكس ذلك مباشرة على الخدمات العامة تحديدا في فصل الصيف الذي تتزايد فيه ساعات انقطاع التيار الكهربائي.
تعد حروب الخدمات بمثابة الحرب الوحيدة التي تجيدها الشرعية الإخوانية وتنجح من خلالها في معاقبة أبناء الجنوب الذين يرفضون أن يكونوا بيئة حاضنة لممارساتها الاحتلالية في محافظات الجنوب، الأمر الذي يجعل التعامل مع الأزمات اليومية أولوية قصوى للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدرك بأن ما يتعرض له الجنوب في الوقت الحالي نتيجة خطط مدروسة وليس مجرد أزمات مؤقتة من الممكن حلها بسهولة.