كيف يدعم السياق الدولي السعودية والإمارات لتحرير الحُديدة في اليمن؟

الاثنين 14 مايو 2018 14:00:13
testus -US
قسم الرصد :

يمثل ميناء الحُديدة في اليمن، الذي ما تزال تسيطر عليه ميليشيا الحوثي، آخر منفذ بحري لها للتزود بالأسلحة المهرّبة من إيران، بينما تمنع هذه المليشيا دخول المساعدات الإغاثية عن طريقه والتي تهدف لتخفيف معاناة اليمنيين جراء الانقلاب وسياساته. وبنظرة سريعة إلى خريطة اليمن يتضح لنا أنّ ميناء الحديدة هو الممر الأول لجميع الجزر اليمنية، وأهمها حنيش الكبرى والصغرى، ومن هنا تكتسب معركة الحديدة (226 كم غربي صنعاء) التي يخوضها "التحالف العربي" لدعم الشرعية في اليمن قيمة إستراتيجية كبرى، بعدما تمكن التحالف وقوى الشرعية اليمنية حتى الآن من تحرير أكثر من 80% من الأراضي اليمنية، بما فيها عدن، العاصمة الثانية في البلاد، إلى جانب تمكّن التحالف من إبعاد المليشيا الانقلابية عن باب المندب، وتحرير المكلا من تنظيم "القاعدة" الإرهابي، وتحرير المخا وحيس والخوخة، وتضييق الخناق على الحوثيين في معقلهم صعدة وصنعاء، لا سيما بعد الأنباء الأخيرة عن سيطرة قوات الشرعية اليمنية على مواقع جديدة في مديرية كتاف بمحافظة صعدة.

نجاح "التحالف" في معركته السياسية والإعلامية

ومع ذلك فإنّ ثمة عملاً إستراتيجياً كبيراً ينتظر قوات "التحالف العربي" وقوى الشرعية لتحرير العاصمة صنعاء، لا سيما وأنّ السياق الإقليمي والدولي المستعد أكثر من أي وقت مضى للتصدي لمشروع إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، سيدفع الحوثيين، المدعومين من إيران، إلى رفع وتيرة التصعيد؛ للتخفيف عن تضييق مساحات المناورة الإيرانية في الإقليم.


ونجح التحالف السعودي-الإماراتي في اليمن في المعركة السياسية والإعلامية ضد مليشيا الحوثي وضد الدعم الإيراني لهم، وأظهر مخاطر إطلاق الحوثيين الصواريخ على المدن السعودية واستهداف ناقلات النفط. وهناك اليوم، بإجماع المراقبين، تفهُّم سياسي أمريكي وغربي متعاظم، وإدراك أكبر للتهديدات التي بات يمثلها الحوثيون على المنطقة وعلى الملاحة في البحر الأحمر، ما يعزز التفهّم الدولي للمعركة التي يخوضها التحالف العربي في الحديدة، فبقاؤها بأيدي الحوثيين بقاء لتهديد الملاحة الدولية في باب المندب وقناة السويس، وعرقلة الحركة البحرية من خلال زرع الألغام وتهريب السلاح.

لماذا ...تحرير الحديدة؟

والواقع أنّ ثمة تغيرات أساسية حصلت على الأرض في صالح التحالف العربي، ومن أهم تلك التغيرات انضمام أقارب الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ومناصريه إلى صف المناوئين للحوثيين. وبالتالي فإنّ من المرجح أن يُصيبهم تحرير الحديدة بشلل شبه كامل، فهو سيفتح نوافذ شاسعة لتحرير ما تبقى من محافظات ساحلية في الشمال والجنوب، وهي إنجازات أساسية ومستحقة للوصول إلى مدن الوسط، وعلى رأسها بالطبع العاصمة. وفي حال قبول الحوثيين بمطالب قوى الشرعية والتحالف العربي، واستمعوا لصوت العقل وقبلوا بتسوية سياسية، فإنّ تحرير الحديدة سيوفر في كل الأحوال لتحالف الشرعية أوراق قوة مهمة يمكن استخدامها للضغط السياسي في مواجهتهم وبقية القوى المُخاصِمَة، وللحصول على مكاسب أعلى في أي مفاوضات مستقبلية محتملة، تقودها الأمم المتحدة أو عبر وساطات دولية وإقليمية.

تعز وانتزاع الغطاء عن الحوثيين

وثمة إجماع بين المراقبين والخبراء في الشأن اليمني أنّه مع نهاية العام 2017 وبداية 2018 دخلت التوازنات السياسية والعسكرية في محافظة تعز مرحلة جديدة؛ فلقد أسهم اقتتال الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح في صنعاء الذي انتهى بمقتله على أيديهم في توسيع تراجُع الحوثيين في تعز؛ فقد فقدوا ما كان يوفره لهم صالح وحزبه "المؤتمر الشعبي العام" من غطاء سياسي وأخلاقي للتدخل العسكري في محافظة مُستنفرَة ضدهم مناطقياً ومذهبياً وسياسياً، وباتوا فيها أقرب إلى طرف مهزوم يتنافس بقية اللاعبين على وراثة ما تبقى له من مواقع قوة ونفوذ.

"الإصلاح" وعرقلة جهود الإمارات في الساحل الغربي

ومع الإنجاز الذي حققته دولة الإمارات في اليمن، تحت قيادة المملكة العربية السعودية للتحالف العربي، اتضحت أكثر فأكثر طموحات "حزب الإصلاح-الإخوان المسلمين في اليمن" إلى وراثة السلطة السياسية والعسكرية في تعز، نظراً للأهمية الجيو-إستراتيجية التي تُمثِّلها المحافظة؛ في سياق وكالته الإقليمية لكلٍّ من قطر وتركيا. وحزب "الإصلاح"، بدلاً من خروجه من حالة "التساكن التكتيكي" مع الحوثيين، يقوم بوظائف هذه الوكالة الإقليمية على أتمّ وجه، على ما يبدو، ذلك أنّ هيمنته على منافذ تعز الغربية سيمثّل، بنظره ونظر كل من قطر وتركيا، عامل إقلاق للقوات اليمنية المناوئة للحوثيين، وهي قوات تدعمها الإمارات في الساحل الغربي. ويخوض "الإصلاح" هذه الحرب ضد جهود الإمارات-المنضوية تحت "التحالف العربي"- تلبيةً لمقتضيات الصراع التركي-القطري على حوض البحر الأحمر، وبما يضرّ بمصالح السعودية، التي شهدت علاقتها بتركيا توتراً أكبر، إثر أزمة جزيرة "سواكن"، الواقعة شرقي السودان، والمطلة على ساحل البحر الأحمر.

يُذكر أنّ أبرز المعارك العسكرية تدور حالياً في اليمن على محور الساحل الغربي؛ حيث لم تعد مدينة الحديدة بمينائها الإستراتيجي بعيدة عن جهود التحرير التي تضطلع بها، وفق صحيفة "العرب" اللندنية، قوات يمنية جيدة التنظيم والتسليح والتدريب ومدعومة بشكل من قبل القوات الإماراتية، كما تحظى بغطاء جوّي يوفره طيران "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية.