تـآمـر قـطـر أفقـدهـا دورهـا الإقليمي وكبّدها خسائر فادحة

الثلاثاء 15 مايو 2018 04:09:40
testus -US
البيان

أكد خبراء وسياسيون أنّ قطر دفعت مليار دولار لجماعات إرهابية لتحرير مواطنيها المختطفين في العراق، وأشاروا إلى أن الدوحة دعمت وموّلت، وما تزال، الجماعات المتطرفة والإرهابية في المنطقة. وأشار الخبراء إلى أن المقاطعة العربية لقطر كبدتها خسائر مالية واقتصادية كبيرة، لافتين إلى أن قطر أقامت دورها الإقليمي وسياستها الخارجية ضد مصالح «التعاون الخليجي».

وشهدت أبوظبي أمس حلقة نقاشية حول الأزمة في قطر بعنوان: عام من المكابرة قراءة استراتيجية في مخرجات المقاطعة والتي نظمها مركز الإمارات للسياسات أمس.

وأكدت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، الدكتورة ابتسام الكتبي، خلال كلمتها في افتتاح المؤتمر أن قطر تُقِيم علاقةً خاصة بإيران، وهذا شأن سيادي، إلا أنه يبدو غير ذلك حين يصبح مُهدِدَاً لمصالح «مجلس التعاون»، وهي المنظمة التي تنتمي إليها قطر، والتي من المفترض أنْ ترفض تدخلَ إيران في شؤون دول مجلس التعاون الداخلية أو تهديد أمنها واستقرارها.

وأوضحت انه بعدَ نحو عام على أزمة قطر تترسخ القناعة مجدداً بأن سياسات قطر لا تعمل لصالحِ مجلس التعاون، ويتأكد يوماً بعد يومٍ أن الدوحة أقامت دورها الإقليمي وتوجهات سياستها الخارجية على كل ما يعاكس التوجهاتِ العامةَ للمجلس ومصالح دوله.

وأوضحت أن التقارير نشرتها وسائل إعلام عالمية، خلال الفترة الماضية، كشفت إنفاق قطر نحو مليار دولار على الجماعات الإرهابية لتحرير مواطنيها المختطفين في العراق، وهو دليل آخر على أن اتهام دول المقاطعة لقطر بالتورط مع الجماعات الإرهابية لم يأت من فراغ؛ فالشواهد التي ذكرتها الصحف العالمية وغيرها تثبت ذلك.

وأضافت: لقد تسبّبت المقاطعة العربية لقطر، في تكبّد الأخيرة خسائر مالية واقتصادية كبيرة، بفعلِ تخارج ودائع وتراجع الإيرادات المالية، ما دفعها للبحث عن مصادر تمويل مختلفة. والتقارير الدولية تقول بتراجع الأصول الاحتياطية الأجنبية لقطر، ويفيد صندوق النقد الدولي، قبل شهرين، بأن البنوك القطرية فقدت نحو 40 مليار دولار من التمويلات الأجنبية منذ قرار المقاطعة العربية.

وتناولت الجلسة الأولى أثر المقاطعة في الاقتصاد القطري. وتحدث فيها الدكتور حمد التويجري من جامعة الملك سعود والمهندس عمر باحليوه. وأكد المشاركون تأثر تجارة قطر بمقاطعة الرباعي العربي، وبدأ الميزان التجاري بالانخفاض كما شهدناه في الربع الثاني والثالث من عام 2017. وأشاروا إلى انخفاض في الحساب الجاري لقطر عقب المقاطعة ووصل إلى 35%. وأكد المشاركون أن قطر أصبحت طاردة لرؤوس الأموال الأجنبية بعد المقاطعة، ومن الملاحظ أن معدل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في انخفاض.

وأضاف المشاركون في الجلسة إنه قبل المقاطعة حققت قطر نمواً اقتصادياً بمعدل 6%، إلا أن النمو في عام 2017 تراجع إلى 2.5%، وفي عام 2018 أصبح نحو 1.8%، أي النمو الاقتصادي القطري خسر 60% بالرغم من ارتفاع أسعار الغاز والنفط في عام 2017 مقارنة بعام 2016.

الكلفة السياسية

وتناولت الجلسة الثانية التكلفة السياسية للمقاطعة وتراجع الدور القطري وانحسار قوتها الناعمة وشارك فيها أساتذة العلوم السياسية والخبراء محمد بن هويدن، وعبدالخالق عبدالله، وسالم اليامي، وعبدالعزيز الخميس.

وأكد محمد بن هويدن أن المقاطعة تسببت في تكلفة سياسية على نظام الدوحة، وأهمها انكشاف قطر، وفقدان قوتها المتمثلة في الموارد المادية. وأشار إلى أنه بعد الربيع العربي أصبح هناك رفض لدور قطر، والمقاطعة نقلت الرفض إلى المواجهة، المواجهة أدت إلى انكشاف قطر سياسياً أمام العالم، وأصبحت لا تستطيع المناورة.

وأوضح أن سمعة قطر كلاعب ووسيط سياسي تراجعت، فلم يعد أحد يلجأ إليها لحل النزاعات، بعد أن كانت تلعب دور الوسيط في اليمن والسودان ولبنان أصبحت طرفاً في المشكلات ولم يعد أحد يثق بقطر كلاعب سياسي أو وسيط مؤكداً أن المواجهة مع الدوحة كانت حتمية لوقف قطر عند حدها لتعود إلى رشدها.

بدوره، قال الدكتور عبدالخالق عبدالله إنه بعد مرور عام على المقاطعة تبدو قطر أنها متعبة ومنهكة سياسياً، ولكنها مكابرة ومستعدة لدفع فاتورة المقاطعة، وكذلك تحمل التكلفة السياسية والنفسية والاقتصادية، ويبدو أنها قررت ألا ترفع راية الاستسلام وتستمر في التغريد خارج السرب لسنوات قادمة.

واعتبر أن هناك دوافع وراء استمرار مكابرة قطر، لافتاً إلى أن هناك أسباباً وراء ذلك، منها أن أكبر إخفاق لقطر هو الإخفاق في المهمة الرئيسية وإنهاء المقاطعة، رغم التوسل لأميركا وأوروبا ووظفت المنابر إلا أنها لم تنجح في مساعيها، وحاولت قطر من خلال قدراتها الدبلوماسية تدويل الأزمة وتخطي البعد الإقليمي والعربي، واللجوء إلى التدويل، إلا أنها فشلت في ذلك. كما فشلت في اختراق المحور السعودي الإماراتي، حيث حاولت إحداث توتر في العلاقات بين الدولتين.

وأكد أن المقاطعة حق سيادي لأي بلد يشعر بأن هناك طرفاً يؤذيه، والدول الأربع لم تمارس هذا الحق من دون دليل. ولا توجد دولة أكثر رغبة وقدرة واطلاعاً على ملف الأزمة من الكويت، وهي الطرف الوحيد الذي أقر الجميع بأنه طرف مقبول.

وقال: خلال الـ15 سنة الأخيرة تصرفت قطر كعملاق إقليمي، وكان لديها الفرصة للظهور والتمدد ولكن بعد عام واحد فقط من المقاطعة، عادت إلى حجمها ووزنها، فكانت سنة واحدة من المقاطعة قضت على 16 عاماً من الاستثمار في عملقة قطر، كما حاولت أيضاً خلال العشرين سنة الماضية خلق انطباع بأنها النموذج الصاعد إعلامياً وسياسياً وتنموياً، ونجحت المقاطعة في هدم كل ما فعلته، وحطمت الأسطورة التي كانت تحاول إشاعتها بأن قطر هي المستقبل.

تحديات

من جهته، قال الباحث السعودي، الدكتور سالم اليامي: ما يحدث من قطر سياسات منفردة ليس الآن فقط ولكن من فترة طويلة، مشيراً إلى أن قطر استبدلت العلاقات التاريخية مع أشقائها بعلاقات مع دول أخرى تشكل تحديات للأمن القومي الخليجي.

مؤكداً أن المقاطعة هي الطريق الوحيد لدفع قطر لتقديم تنازل وتغيير موقفها، وهي بسبب تعنتها من يجب أن يُلام. والدور الكويتي محمود، وهناك إصرار على أن الوساطة يجب أن تكون خليجية.

فيما أكد أستاذ العلوم السياسية، عبدالعزيز الخميس، أن وسائل الإعلام القطرية انكشفت، وأصبحت «الجزيرة» مثلها مثل غيرها مجرد تعبير عن النظام القطري، مشيراً إلى أن دول المقاطعة وقعت في أخطاء من خلال التقصير في فتح ملفات قطر أمام المجتمع الدولي، والتأخُّر في نشر ما يدين قطر من وثائق وأدلة. ولم يكن التواصل مع الغرب حول القضايا العادلة جيداً، وكانت المطالبة بإغلاق الجزيرة غير مقنعة للرأي الغربي وأظهرت أن المقاطعين ضد حقوق الإنسان وحرية التعبير.

إعلام

وتناولت الجلسة الثالثة إعلام قطر خلال الأزمة، وتحدث فيها نبيل الحمر، مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام، والدكتور علي راشد النعيمي رئيس دائرة التعليم والمعرفة، والإعلامي عضوان الأحمري، ومحمد الحمادي رئيس تحرير جريدة الاتحاد.

وقال نبيل الحمر إن قطر بدأت مناوشاتها مع الدول الأخرى اعتماداً أولاً على قناة الجزيرة، وكانت ميزانيتها خيالية، أما الذراع الثانية فهي الجماعات غير الربحية العالمية. وأكد أن «الجزيرة» بدأت هجومها أولاً على البحرين، وكان هناك تدخل من دول الخليج.

بدوره، قال علي النعيمي إن المال السياسي والإعلام هما مرتكزات السياسة والنفوذ القطري. وكان ذلك وفق استراتيجية، مشيراً إلى ضرورة أن نقود المعركة الإعلامية، ونركز على مواجهة قطر من دون تشتت، ويكون التركيز على تمويل الدوحة ومساندتها الإرهاب.

في السياق، قال عضوان الأحمري إن قطر تقوم بإعادة تدوير الأخبار وهي معركة استنزاف إعلامي، مؤكداً أن المشكلة التي تعانيها قطر تأتي من مصادر غربية تنشر أخبار تخفيها قطر على مجتمعها، حيث تريد إيهام الشعب القطري أنها لا تتأثر بالمخاطر الاقتصادية والسياسية، ومع الأسف دول المقاطعة لم تستثمر في هذه الإخفاقات القطرية.

وقال محمد الحمادي: نحن في الإمارات لا ننشر الأخبار الكاذبة والمفبركة، وعلينا التعاون مع زملائنا الإعلاميين الغربيين ونستفيد منهم. وأوضح أنه يجب ألا ننزل إلى مستوى قطر، فهناك إعلاميون غربيون مرتزقة وآخرون غير مطلعين، وعلينا التعامل معهم حالة بحالة.

وأكد أن الإعلام القطري في البداية استخدم الهجوم ضد مصر والسعودية، مشيراً إلى أنه طالما أن قطر انكشفت نحن ربحنا معركة الرأي العام المحلي، ولكن يبقى علينا أن نقنع الآخر وقال: الخطاب الإعلامي في قطر كان ممنهجاً يحاول تقزيم البحرين والهجوم على الإمارات بشراسة.

مسارات

وتناولت الجلسة الرابعة المسارات المستقبلية وتحدث فيها الإعلاميان عبدالرحمن الراشد وعبدالرحمن الجنيد.

وقال عبدالرحمن الراشد: لا تزال قطر تنزف مالياً واقتصادياً، والتكلفة عليها بسبب المقاطعة عالية جداً، وقدرتها على التأمين وإقناع الشركات بالاستثمار لديها تتراجع، كما أنها لا تزال تعاني إعلامياً وسياسياً، وبينما كانت في السابق تُهاجِم باتت الآن تُهاجَم.

وأوضح أن استمرار مقاطعة قطر لثلاث إلى أربع سنوات مقبلة أمر مريح جداً للدول الأربع، فهو يُقلِّل كثيراً من المشاكل التي كانت تُسبِّبها لها الدوحة. وبالنسبة لقطر فالعزلة تسبب لها إلى جانب التكلفة السياسية والاقتصادية مشاكل اجتماعية تتعلق بشعور المجتمع القطري بالعزلة. وأشار إلى أن قدرة قطر على التحالف مع إيران تُواجَه بمشكلات منها القاعدة الأميركية.

من جهته، قال الإعلامي عبدالرحمن الجنيد: يجب الاستثمار في دراسة مصادر التهديد المستقبلية وخصوصاً مع تشكل قوى قادمة من الشرق، أخذاً في الاعتبار أن قطر توظف التناقضات على المسرح الدولي في خدمة مصالحها معتبراً أن بقاء مجلس التعاون الخليجي في شكله الحالي لا يخدم مصالح دوله، ولا بد من امتلاك الجرأة للتفكير وطرح بدائل أخرى.

طريق مسدود

أكد المعارض القطري سلطان بن سحيم آل ثاني أن تنظيم الحمدين يسير بقطر إلى طريق مسدود.

وكتب بن سحيم في تغريدات على «تويتر»: «كل يوم دليل، كل يوم برهان. العالم بأسره يشير إلى قطر بأنها دولة داعمة للإرهاب، بينما نظام الحمدين يسير ببلادنا إلى طريق مسدود، والضحية أبناء شعبنا». وأضاف: «المكابرة والخداع لم تحل أزمة قطر، كل ما حدث أن شعبنا تزداد معاناته من جراء لعبة خبيثة يلعبها نظام الحمدين. سيأتي اليوم الذي تدفع فيه السلطة القطرية ثمن كوارثها ضد شعبنا». دبي - البيان

الخلاصات والاستنتاجات: 5 سيناريوهات لمستقبل الأزمة

في ختام الحلقة النقاشية، القت الدكتورة ابتسام الكتبي أهم التوصيات الخلاصات والاستنتاجات المستمدة من المداخلات والنقاشات التي أثيرت في الجلسات الأربع.

مشيرة إلى أن المقاطعة كبدت قطر خسائر مالية واقتصادية كبيرة؛ كما يجب عدم إغفال الكلفة الاجتماعية للمقاطعة، والمتمثلة بشعور القطريين بالانعزال والابتعاد عن باقي دول الخليج.

وأوضحت أن قطر دولة ثرية؛ ولديها أصول أجنبية ثابتة، واحتياطي مالي كبير، فضلاً عن وارداتها من الغاز والنفط.

ويمكن لقطر بهذه الأدوات أن تتغلب على آثار المقاطعة في الأجل القصير، لكن في الأجل البعيد لا يمكنها تحمل تكاليف وأعباء المقاطعة.

وأشارت إلى انه توجد خمسة سيناريوهات ممكنة لمستقبل الأزمة مع قطر،السيناريو الأول، استمرار الوضع الراهن الذي يخلق كُلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية لقطر، ولا تشعر معه دول الرباعي العربي بأنها تخسر شيئاً كثيراً. وهذا السيناريو هو الراجح في المدى القصير على الأقل.

والسيناريو الثاني، توسيع المقاطعة الاقتصادية؛ من خلال تحفيز عملية هروب رؤوس الأموال من قطر، أو منع الشركات من التعامل مع قطر من خلال فرض عقوبات ثانوية على الشركات المخالفة.

وهذا الخيار يخلق مزيداً من الضغط المالي والاقتصادي على قطر. ويبقى هذا السيناريو محتملاً. والسيناريو الثالث، تعزيز قطر تحالفها مع إيران وتركيا والقوى المناهضة مثل الحوثيين؛ لزيادة التهديدات ضد دول المقاطعة، وبخاصة السعودية، والإضرار بأمنها، وبما ينقل الأزمة إلى مستوى جديد. وهذا السيناريو مستبعد في الوقت الحالي لأنه يُرتب كُلفاً إضافية على قطر، وبخاصة في ظل التطورات الأخيرة المرتبطة بالاتفاق النووي الإيراني.

وساطة

أما السيناريو الرابع، التوصل إلى مقايضة بين الدول الأربع وقطر؛ تقوم على تقليص هذه الدول مطالبها مقابل قطع قطر علاقاتها مع «الإخوان» والفاعلين ما دون الدولة، بما في ذلك قطع الدعم المالي أو السياسي، ووقف ممارسات توفير الملاذ الآمن للحركة، ووقف الدعم المالي والمعنوي للمعارضات الخليجية في الخارج والتلاعب في النسيج الاجتماعي الخليجي.

وستقوم الدول الأربع بالمقابل برفع العقوبات، والعودة إلى علاقات ما قبل الأزمة تقريباً.

ويتطلب تحقُّق هذا السيناريو تجدد الوساطة الأميركية، لكن هذه المرة بشكل قوي من أجل إنهاء الأزمة من خلال التوصل إلى هذه المقايضة. أما السيناريو الأخير، قبول قطر بمطالب الدول الأربع عقب زيادة العقوبات أو فرض مزيد من العزلة؛ ويتطلب هذا السيناريو استمرار الموقف الأميركي المتذبذب في الأزمة، مع قيام وزارة الدفاع والخارجية الأميركيّتين بتعديل مواقفهما ليتوافق مع موقف الدول الأربع. وهذا السيناريو يمكن أن يتحقق في المدى المتوسط أو البعيد.