عن عمر يناهز 58 عاما، توفيت في تونس اليوم السبت، السياسية والحقوقية ميّة الجريبي، أشرس وأشهر امرأة تونسية عارضت بقوة نظام زين العابدين بن علي ووقفت بوجه سياسته الاستبدادية طوال سنوات حكمه، بعد صراع طويل مع المرض، لتنتهي بذلك مسيرة أكثر من 30 سنة من نضالها السياسي والحقوقي.
ودخلت الجريبي التي ولدت سنة 1960 من أب تونسي وأم جزائرية، عالم السياسة مبكرا من خلال والدها الذي ناصر الزعيم التونسي صالح بن يوسف ضد الحبيب بورقيبة إبان الاستقلال 1956، ونشطت حقوقيا أوائل الثمانينيات في فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في محافظة صفاقس، وناضلت من أجل رفع وعي المرأة والدفاع عن حقوقها، حتّى باتت اليوم أنموذجا يحتذى به لدى عدد كبير من نساء تونس.
وشاركت الراحلة التي قارعت ونافست الرجال في المشهد السياسي، في تأسيس حزب "التجمع الاشتراكي التقدمي" برفقة السياسي أحمد نجيب الشابي، قبل أن يتغير اسمه لاحقا ويصبح "الحزب الديمقراطي التقدمي"، ونالت عضوية مكتبه السياسي عام 1986.
توصف بـ"المرأة الحديدية"، بعد دخولها في معارك ضد نظام بن علي، حيث كانت من النساء القلائل اللاتي عارضن بقوة سياسة نظام بن علي الاستبدادية وطريقته في تسيير الدولة، وخاضت عدة تحركات احتجاجية للتنديد بالممارسات القمعية الديكتاتورية التي كان يتّبعها بن علي ضد معارضيه، وعلى سبيل المثال دخلت في إضراب عن الطعام في أكتوبر 2007 مع أحمد نجيب الشابي، احتجاجا على قرار المحكمة طرد الحزب من المكاتب التي يشغلها وسط العاصمة تونس.
أول امرأة تقود حزبا سياسيا
أصبحت أول امرأة تقود حزبا سياسيا في تونس، بعد أن تم انتخابها عام 2006 على رأس حزبها، والثانية على مستوى المغرب العربي بعد زعيمة حزب العمال الجزائري لويزة حنون.
وبعد أحداث الثورة التونسية وسقوط نظام بن علي عام 2011، قادت حزبها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي وانتخبت عضوا في المجلس، وتركت بصمتها في صياغة الدستور التونسي الجديد، بسبب مواقفها الداعمة للحقوق والحريات ولترسيخ الديمقراطية.
ورغم مناهضتها الشديدة لنظام بن علي، رفضت الراحلة بعد الثورة إقصاء أعضاء حزب التجمع الدستوري (حزب بن علي) من الترشح للانتخابات التشريعية والحياة السياسية، واعتبرت أنّه يتنافى مع مبادئ الديمقراطية، وأنّ العدالة الانتقالية ومحاسبة من تورط في الفساد وصنع القرار هو الطريق الأسلم.