هلع إيراني من تفاهم أميركي سعودي لتعويض إمداداتها النفطية
وصفت إيران أمس الطلب الأميركي من السعودية ومنتجين آخرين في منظمة أوبك بتغطية أي نقص في الصادرات الإيرانية بأنه “جنوني ومذهل” وأعربت عن ثقتها بأن أوبك سترفض الطلب في اجتماعها بعد أسبوعين في فيينا.
لكن آمالها تعرضت لنكسة كبيرة بعد ساعات، حين كشف مصدر من داخل أوبك أن المنظمة سوف ترفض مناقشة الطلب الإيراني، الأمر الذي يمهد لاجتماع صعب بعد نحو أسبوعين.
وكشفت وكالة رويترز أمس أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتصل هاتفيا بالقيادة السعودية قبل يوم من إعلان انسحاب الولايات المتحدة في بداية الشهر الماضي، ليطلب من أكبر مصدر للخام في العالم المساعدة في إبقاء الأسعار مستقرة إذا تسبب القرار في عرقلة الإمدادات الإيرانية.
وقالت المصادر إن واشنطن قلقة من أن العقوبات قد تكبح شحنات النفط من إيران وتدفع الأسعار للصعود. وأكدت أن الرياض وواشنطن ناقشتا سياساتهما النفطية قبل الإعلان الأميركي بشأن إيران في 8 مايو الماضي.
وأشار محللون إلى أن الضغط المباشر على عدد من دول منظمة أوبك بشأن سياسات النفط قلما يحدث وأن المرة السابقة التي حثت فيها واشنطن السعودية على زيادة الإنتاج كانت في عام 2012.
وقالت الرياض إنه رغم أن أسعار النفط قفزت الشهر الماضي فوق 80 دولارا للبرميل، فإن السوق لم تتعاف بعد من هبوط طويل. وقبل الاتصال الهاتفي كان مسؤولون سعوديون يقولون إن من المبكر جدا زيادة الإنتاج.
وأصدرت الرياض بيانا داعما بعد أن فرضت واشنطن عقوبات جديدة على طهران. وقالت إنها مستعدة لزيادة الإنتاج بالتنسيق مع منتجين آخرين للتعويض عن أي نقص في المعروض.
وأصبح تراجع الإمدادات الإيرانية بحلول نهاية مهلة 180 يوما لفرض العقوبات الأميركية في حكم المؤكد، بعد أن أعلنت أكبر شركات التكرير الأوروبية مثل توتال وإيني وساراس وريبسول أنها ستوقف مشترياتها من النفط الإيراني بمجرد سريان العقوبات.
كما أعلنت أكبر شركات الشحن البحري مثل ميرسك تانكرز وشركات تكرير آسيوية مثل ريلاينس الهندية إيقاف تعاملاتها مع طهران رغم معارضة حكومات بلدانها للعقوبات الأميركية.
وستجتمع أوبك في 22 يونيو وتحتاج إلى توافق بين جميع أعضائها حتى تغير رسميا سياسات الإنتاج. وقال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه الأسبوع الماضي إنه لا يوافق على الرأي القائل بأن هناك حاجة محتملة لزيادة إمدادات النفط العالمية.
وطلب محافظ إيران في أوبك حسين كاظم بور أردبيلي إدراج العقوبات في جدول أعمال اجتماع أوبك. وقال “إنه أمر جنوني ومذهل أن نرى تحركات لتعويض أي نقص في صادرات إيران نتيجة للعقوبات غير القانونية على إيران وفنزويلا”.
كما سبق لوزير النفط الإيراني أن طلب الشهر الماضي دعم أوبك في مواجهة العقوبات الأميركية الجديدة وانتقد إعلان السعودية استعدادها لتوفير ما تحتاجه الأسواق من إمدادات.
وفي الجولة السابقة من العقوبات بحق طهران، والتي شارك فيها الاتحاد الأوروبي، انخفضت صادرات النفط الإيرانية أكثر من النصف إلى أقل من مليون برميل يوميا. ولا يعتزم الاتحاد الأوروبي المشاركة في العقوبات هذه المرة ودعا الولايات المتحدة لمنح شركاته إعفاء حتى يمكنها مواصلة العمل في إيران.
لكن الشركات الأوروبية أهملت توجيهات حكومات بلدانها، ووصل الأمر إلى إعلان بنك الاستثمار الأوروبي أنه لا يستطيع تجاهل العقوبات الأميركية رغم أنه تابع للمفوضية الأوروبية.
وستدخل العقوبات الأميركية على قطاع البترول الإيراني حيز التنفيذ في 4 نوفمبر المقبل. وقد بدأ الكثير من شركات التكرير الأوروبية والآسيوية بالفعل في تقليص مشترياتها من النفط الإيراني تدريجيا.
ولن يجد منتجو النفط من داخل أوبك وخارجها أي صعوبة في تعويض أي انخفاض في الإمدادات الإيرانية حتى لو توقفت نهائيا. ويمكن لتعليق اتفاق خفض الإنتاج الذي تشارك فيه 24 دولة أن يعيد إلى الأسواق 1.8 مليون برميل يوميا.
كما تملك دول كثيرة طاقة إنتاج إضافية كبيرة مثل السعودية وروسيا والعراق، ويمكن أن تقفز لتعويض أي نقص في الإمدادات لتحقيق عوائد كبيرة هي في أمس الحاجة إليها، خاصة في ظل الأسعار الحالية.
ويبدو أن فرض العقوبات يأتي في وقت مثالي لسوق النفط العالمية بسبب وفرة طاقة الإنتاج والارتفاع الكبير في إنتاج النفط الصخري الأميركي، الذي رفع إنتاج الولايات المتحدة إلى 10.5 مليون برميل لتتقدم على السعودية وتصبح ثاني أكبر منتج في العالم.
ويرى محللون أن أقسى ما تخشاه السلطات الإيرانية هو وصول العقوبات إلى إمدادات النفط بسبب أزماتها الاقتصادي الخانقة، التي أفقد عملتها نحو نصف قيمتها منذ بداية العام الحالي. ويمكن لتدهور الأوضاع الاقتصادية أن يعيد تفجير الاحتجاجات التي عمت جميع المدن الإيرانية في يناير الماضي.