الهبة الحضرمية الثانية.. الشرعية تقترب من الخسارة الكبيرة
لا تزال الهبة الحضرمية الثانية، تفرض نفسها كأحد أهم التطورات السياسية التي يشهدها الجنوب في الفترات الأخيرة، لما تمثله من حراك سياسي يقود إلى تغيير شامل في المعادلة.
الهبَّة بدأت بتشكيل نقاط شعبية لحماية نفط حضرموت من النهب الذي لطالما ارتكبته الشرعية الإخوانية، ضد الجنوب في مساعيها المشبوهة لاستنزاف ثروات الجنوب والعمل على إفقاره.
تعزَّزت الهبة بفعاليات شعبية حاشدة، تضمّنت دعمًا من كل أطياف الشعب لهذه النقاط الشعبية، وهو ما منح هذه الهبّة صبغة شعبية أوسع نطاقًا، لتضاعف من الضغوط وتضيِّق الخناق بشكل أكبر على معسكر الشرعية.
الزخم الكبير الذي حازته الهبة الشعبية جعلها تتغيَّر نوعًا في استراتيجية مطالبها التي توسعت لتشمل إزاحة كاملة للنفوذ الإخواني من المحافظة سواء إداريًّا أو عسكريًّا.
فالشرعية التي راهنت كثيرًا على سياساتها القمعية، تجد نفسها قاب قوسين أو أدنى من إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، وهذا الفصيل العسكري الصانع الأولى لكل المعاناة الأمنية التي تعانيها حضرموت لما يؤويه من عناصر إرهابية متطرفة.
خروج قوات هذه المنطقة هو أحد نصوص اتفاق الرياض، لكن المسار الموقع في 5 نوفمبر 2019 في العاصمة السعودية، لم تلتزم الشرعية بشقه العسكري، وراهنت على إطالة الوقت سياسيًّا والاستفزاز أمنيًّا لتضمن بقاءً طويل الأمد لها في هذه المنطقة.
حرص الشرعية على استمرار وجود نفوذها الأمني في حضرموت راجع بشكل أساسي إلى أنها تريد الإبقاء على قوة طاغية لها في الجنوب، تكون قادرة على التوسع في جرائم نهب وتهريب النفط، إلى جانب ضمان العمل على صناعة فوضى أمنية شاملة تصل إلى حد "صناعة الإرهاب" في حد ذاته.
غرس الأشواك في مسار اتفاق الرياض ظنّته الضمانة النهائية لوجودها في حضرموت، لكن الهبة الشعبية الأخيرة جاءت لتغيِّر الكثير من نصوص المعادلة، وتُهيئ المجال نحو خروج المليشيات الإخوانية من حضرموت بشكل كامل.
خروج الشرعية من حضرموت سيكون ضربة مدوية لمشروعها التآمري والعدائي ضد الجنوب، بعدما استغلت نفوذها في المحافظة لعدة أهداف، بينها نهب وتهريب والنفط، وأيضًا توظيف عناصر المنطقة العسكرية في شن حروبها على الجنوب، علمًا بأنّ الكثير من عناصر هذه المنطقة هم في الأساس من العناصر الإرهابية.
يُضاف إلى ذلك أنّ الشرعية الإخوانية لا تريد خسارة حضرموت التي تعتبرها مركزًا رئيسيًّا في تحريك عناصرها لارتكاب أي عمليات إرهابية في الجنوب، كما أنّ موقعها الجغرافي يضعها في نقطة استراتيجية لإيواء العناصر الإرهابية.
الأكثر من ذلك أن الشرعية تتخوف من أن يتحول حراك حضرموت إلى نموذج ملهم، بمعنى أن يكون وسيلة أمام الجنوبيين في كل مكان للخروج وإزاحة النفوذ الإخواني بما يضرب أجندة الشرعية في مقتل.
رعب الشرعية من بلوغ هذه النقطة الخاسرة دفعها لمحاولة تغيير بوصلة الاهتمام بهذا الحراك، تارة بافتعال نعرات أمنية في مناطق أخرى، أو بتحركات سياسية مشبوهة تقوم على قلب الحقائق، وإثارة قضايا بعيدة عن بوصلة الأحداث.