خبراء: الصواريخ الحوثية محاولة يائسة لاستعادة التوازن العسكري على الأرض
أرجع خبراء مصريون أسباب تكثيف الحوثيين من إطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية في الفترة الأخيرة، إلى محاولاتهم اليائسة لاستعادة التوازن العسكري على الأرض، أمام ما تحرزه القوات الشرعية وقوات التحالف العربي من تقدم على مختلف جبهات القتال.
وقلل الخبراء في تصريحات نقلتها عنهم يومية "الاتحاد" الإماراتية من شأن التهديدات الحوثية باستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وفي باب المندب عبر الصواريخ الباليستية، مؤكدين أنه في حال حدوث ذلك فسيكون بمثابة مغامرة متهورة، قد يدفع الحوثيون وجودهم ذاته ثمناً لها، فقد تضطر القوى الدولية للدخول على خط الأزمة اليمنية لحماية مصالحها الحيوية.
وأشار الخبراء إلى أن استمرار إطلاق الحوثيين للصواريخ باتجاه الأراضي السعودية قد يأتي بنتائج عكسية على غير ما يريده الحوثيون، فبدلاً من أن يشكل عامل ضغط لإيقاف الحرب، أو القبول بالتفاوض، يمكن أن يواجه بمزيد من الضربات الجوية، أو زيادة الحشد الدولي ضدهم، الأمر الذي قد يعجل بهزيمتهم، حيث تشير التطورات العسكرية، وفق ما حققته قوات الشرعية والتحالف العربي من إنجازات إلى أن حسم الحرب في اليمن أصبح وشيكاً.
خبير العلاقات الدولية، الدكتور عبدالناصر سعيد، أشار إلى أن الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون على الأراضي السعودية تحمل ثلاث رسائل، سواء لدول التحالف العربي، أو للقوى الإقليمية والدولية، تتمثل الرسالة الأولى في أن الحوثيين لا يزالون موجودين على الأرض، ولا يزال لديهم القدرة على استهداف المدن السعودية، وتهديد المناطق الحيوية، غير أن تلك القدرة تتضاءل، وتصبح غير ذات جدوى أمام نجاح منظومة الدفاع الجوي السعودي في التصدي لها، وهو ما يجعل الرهان الحوثي على نقل الحرب باتجاه الداخل السعودي، رهاناً خاسراً. بينما تتمثل الرسالة الثانية في محاولة الإيهام بأن الحوثيين يمتلكون أوراقاً للضغط، ظناً منهم أن هذه الصواريخ يمكن أن تكون وسيلة ضغط على قوات التحالف العربي، ويمكن من خلالها تحقيق بعض المكاسب، في حال ما تم القبول بعملية تسوية سياسية لإنهاء الحرب. أما الرسالة الثالثة فتتمثل في إمكانية التصعيد الإقليمي والدولي، من خلال استهداف الملاحة في البحر الأحمر، وفي باب المندب، في حال ما اتجهت الحرب إلى غير مصلحة الحوثيين. علماً بأنه في حال ما استهدفت الصواريخ الحوثية للملاحة في البحر الأحمر، فسيكون ذلك بمنزلة مغامرة متهورة، قد يدفع الحوثيون وجودهم ذاته ثمناً لها، فقد تضطر القوى الدولية للدخول على خط الأزمة اليمنية لحماية مصالحها الحيوية، وهو ما يخشاه الحوثيون، رغم تلويحهم بتهديد الملاحة الدولية من وقت لآخر.
وأوضح خبير العلاقات الدولية أنه لا يمكن إنكار ضلوع إيران في دفع الحوثيين إلى التصعيد، بعدما أشارت الكثير من التقارير الدولية إلى قيام طهران بتهريب الأسلحة إلى الحوثيين منذ عام 2009، مشيراً إلى أن طهران مازالت تحتفظ بالورقة الحوثية للضغط والمساومة، لتحقيق مكاسب في ملفات أخرى، لاسيما بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وما يعقبه من عقوبات اقتصادية قاسية، الأمر الذي قد يدفعها إلى توظيف أوراقها كافة ومن بينها الورقة الحوثية للتصعيد الإقليمي، خاصة أن معاركها هي بالأساس خارج الأراضي الإيرانية، الأمر الذي يؤكد أن السلام في اليمن لا يمكن أن يمر عبر طهران.
وقال الدكتور سعيد: من خلال مراجعة أنواع الصواريخ التي أطلقها الحوثيون خلال الفترة الماضية، يتبين امتلاكهم لمنظومة صواريخ متنوعة المدى، استطاعوا الحصول عليها من أكثر من مصدر، بداية بعمليات التهريب التي نشطت منذ ما قبل الحروب الحوثية مع الدولة اليمنية (2004 إلى 2009)، إضافة إلى ما استولوا عليه من القواعد العسكرية للجيش اليمني عقب الانقلاب على الشرعية عام 2014، وما حصلوا عليه في أثناء تحالفهم مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، قبل وبعد مقتله، فضلاً عن عمليات التطوير المحلي المستمرة لتلك المنظومة بمساعدة إيران. لكن ما يمتلكه الحوثيون من صواريخ باليستية سواء البعيدة أو المتوسطة أو القصيرة المدى لا يمنحهم القدرة على الإفراط في استخدامها من دون إحداث تأثير حقيقي في مجريات الحرب، نظراً لصعوبة الحصول عليها، وعدم قدرتهم على تهريبها، مع العلم أن قدرة الحوثيين على تصنيع صواريخ باليستية بعيدة المدى، داخل اليمن تظل محدودة، وأقصى ما يمكن فعله هو تطوير ما لديهم من صواريخ للتلويح بها دون أن تشكل خطورة حقيقية، سواء على الأراضي السعودية أو حتى على الأمن الإقليمي، في ظل وجود الأساطيل الدولية في باب المندب. وأشار إلى أن استمرار إطلاق الحوثيين للصواريخ باتجاه الأراضي السعودية قد يأتي بنتائج عكسية على غير ما يريده الحوثيون، فبدلاً من أن يشكل عامل ضغط لإيقاف الحرب، أو القبول بالتفاوض، يمكن أن يواجه بمزيد من الضربات الجوية، أو زيادة الحشد الدولي ضدهم، الأمر الذي قد يعجل بهزيمتهم، حيث تشير التطورات العسكرية، وفق ما حققته قوات الشرعية والتحالف العربي من إنجازات إلى أن حسم الحرب في اليمن أصبح وشيكاً، وفي حال ما تم ذلك، سيكون بمنزلة استعادة جديدة لفاعلية الدور العربي الغائبة، ذلك أن الإنجاز في اليمن، يؤشر على فرص النجاح في ملفات أخرى، وهو ما تأمله الشعوب العربية منذ سنوات.
وفي الإطار نفسه، أوضح المحلل السياسي الدكتور حسن أبوطالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الرسالة الأساسية من وراء إطلاق الصواريخ الحوثية تجاه السعودية هي أن توقف قوى التحالف العربي غاراتها مقابل أن يوقف الحوثيون إطلاق الصواريخ، وبذلك يطرح الحوثيون شكلاً جديداً للمفاوضات يعني بالتوصل إلى تفاهمات يرون أنها يجب أن تعكس واقعاً عسكرياً فيه قدر من التعادل وبعيداً عن أي قرارات دولية أو تفاهمات إقليمية سابقة، وبهذا المعنى فإن على المبعوث الأممي لليمن أن يتخلى عن أي محاولة لتطبيق القرار 2216، الذي يطالب الحوثيين بتسليم السلاح إلى الحكومة الشرعية والخروج من المدن التي يتحصنون بها، مقابل المشاركة في أي صيغة حكم يتفق عليها وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، مع إمكانية إجراء بعض تعديلات جزئية على تلك المخرجات.
وأكد الدكتور أبوطالب أن التفاعلات الإقليمية لا توفر فرصاً كبرى للحوثيين لفرض رؤيتهم كاملة أو الجزء الأكبر منها، فالمرجح أن تتحول السياسة الأميركية المهادنة في اليمن إلى سياسة نشطة في مواجهة الحوثيين كامتداد لقرار الرئيس الأميركي ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، وتولى جون بولتون منصب مستشار الأمن القومى للرئيس ترامب، والمعروف عنه موقفه من إيران وامتداداتها الإقليمية بقوة أكبر، وبما يجعل إيران تحت ضغط دولي أكبر، وهي السياسة التي من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة أكثر ميلاً لدعم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات لحسم الحرب اليمنية ومنع إيران من أن تحقق أي مكاسب من استمرار الحوثيين كقوة تمرد مناهضة للمصالح الأميركية ومصالح حلفائها.
وقال أبو طالب: في كل مرة يطلق الحوثيون صواريخ باليستية في اتجاه الأراضي السعودية، يزعمون أن تلك الصواريخ هي صناعة يمنية 100 في المئة وكأن اليمن لديه من المعامل الإلكترونية والمختبرات ومصانع السلاح والكوادر البشرية والأقسام العلمية في الجامعات اليمنية ما يتيح له صنع هذا العدد الكبير من الطرازات ذات المسافات المختلفة والقدرات التدميرية المتباينة، في ظل حالة حصار وضعف الموارد وفقر مالي وبما يعكس معجزة لا تستطيع أن تفعلها دول أخرى ذات أوضاع وظروف أفضل بمئات المرات من الأوضاع القائمة في اليمن، ومن هذه الطرازات الصاروخية التي تتباهى بها المصادر الحوثية منظومات «الصرخة وزلزال 1 و2 و3، وقاهر وقاهر 1 وبركان وباب المندب» وغيرها، وأن بعضها تصل سرعته إلى «4.5 ماخ»، كما هو الحال لمنظومة صواريخ «بدر» التي أطلقت على مطار الملك خالد في محيط العاصمة الرياض، ويلاحظ هنا أن كل هذه المنظومات ذات أسماء إيرانية متداولة أو شبيهة بها، وبما يؤكد أن الأمر لا علاقة له بصناعة محلية يمنية لا من قريب أو بعيد، ومن التقارير المتداولة أنه يتم تهريب تلك الصواريخ في صورة قطع مجزأة عن طريق البحر، وأن كوادر إيرانية تقوم بتركيبها على الأراضي اليمنية ومن ثم تستخدم وفقاً لما يتم تهريبه ويتم تجميعه وفي التوقيت الذي يرسل رسالة ذات مغزى سياسي أو معنوي.