خارطة طريق قديمة - جديدة
رأي المشهد العربي
انطلقت فعليًّا في العاصمة السعودية مشاورات الرياض، وسط آمال عديدة بأن تقود إلى وضع لبنات تسوية سياسية شاملة تحقّق السلام والاستقرار وتردع المخاطر المهدّدة للأمن الإقليمي.
المشاورات أحدثت حالة من الترقب لما يمكن أن تسفر عنه في المرحلة المقبلة، لا سيّما أنها تعقب سنوات من الخلل الشديد في سير الحرب على المليشيات الحوثية الإرهابية من جرّاء ما مارسته ما تعرف بالشرعية من تآمر وخيانة وتخادم مع الحوثيين مع تحويل بوصلة العداء وتوجيهها ضد الجنوب لاستهدافه.
مآلات المشاورات التي انطلقت اليوم لا يجب أن تنفصل عما كان قد تم التوصل إليه في 2019 عندما تم توقيع اتفاق الرياض الذي أفشلته المليشيات الإخوانية بخروقاتها العديدة، ومن ثم فهناك حاجة ملحة أن يتم البناء على اتفاق الرياض لإعادة تشكيل خارطة طريق تكون قديمة جديدة تضمن البناء على هذا التوافق وكذا العمل على إزاحة أي عوامل قد تؤدي إلى إفشاله من قبل المليشيات الإخوانية.
فاتفاق الرياض الهدف الرئيسي منه هو ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية وتفكيك الاستهداف الذي تمارسه المليشيات الإخوانية ضد الجنوب وسحب تلك العناصر من أراضيه وتوجهها لمحاربة المليشيات الحوثية الإرهابية، وتأتي مشاورات الرياض اليوم وهي تسعى لإعادة هيكلة الأمور والقضاء على حالة الاعوجاج التي ظهرت على مدار السنوات الماضية، ما يعني أنّ الاتفاق لا ينفصل عن المشاورات.
نجاح مشاورات الرياض يتوقف على إعلان خارطة طريق شاملة تُلزم كل طرف بالأدوار التي يفترض أن يقوم بها، والحديث هنا تحديدًا عما تعرف بالشرعية الإخوانية التي باتت ملزمة أكثر من أي وقت مضى بأن يتم إجبارها على دفع عناصرها لمحاربة المليشيات الحوثية، لا سيّما بعدما رفضت الأخيرة المشاركة في مشاورات الرياض التي يرعاها مجلس التعاون الخليجي.
فالرفض الحوثي للمشاركة على الأقل حتى الآن، يُفسَّر بأنه رغبة من المليشيات في أن يكون الحسم العسكري هو الحل، ومن ثم فما بعد مشاورات الرياض يتوجب أن يكون ليس كما قبلها، وربما تجد ما تعرف بالشرعية نفسها أمام فرصة أخيرة إما تختار مواجهة الحوثيين بكل الطرق الممكنة أو تقرر أن تنتحر سياسيًّا.
جنوبيًّا، يبقى اتفاق الرياض هو الدعامة التي تربط بين الجنوب والتحالف العربي، فعلى الأرض يبذل الجنوب جهودًا عسكريًّا لدحر الإرهاب بكل أشكاله بما في ذلك الإرهاب الحوثي، وعلى الصعيد السياسي أيضًا فهناك حالة من الانفتاح الجنوبي على أي خطوات ينسجم فيها مع التحالف لتحقيق الأهداف المشتركة، وهذا هو المنطلق الرئيسي الذي دفع المجلس الانتقالي للمشاركة في مشاورات الرياض.