الرياض بين المشاورات والاتفاق.. استكمال وليس هدمًا
مع انطلاق مشاورات الرياض اليوم الأربعاء في العاصمة السعودية، أثيرت العديد من التساؤلات عن المستقبل السياسي الذي يمكن صناعته في هذا الإطار، ومدى ارتباط ذلك بالاتفاق الذي وُقّع في نوفمبر 2019.
فالاتفاق الذي وُقع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وما تعرف بالشرعية كان الهدف منه إحداث حالة من التوافق لضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية وشحذ الهمم وتوجيه بوصلة الاهتمام نحو ردع المليشيات الإرهابية، إلا أن المليشيات الإخوانية عملت على تحريف البوصلة كما كان متوقعًا وأفشلت الاتفاق على الأقل حتى الآن بسلسلة طويلة من الخروقات والانتهاكات.
إحدى صور تعامل حزب الإصلاح المهيمن على ما تعرف بالشرعية مع المشهد السياسي القائم حاليًّا هو محاولة الدفع نحو اعتبار أن مشاورات الرياض تلغي اتفاق الرياض، وهذا الأمر يأتي في سياق ما تمارسه المليشيات الإخوانية من استهداف متواصل لأي مكاسب سياسية يحققها الجنوب لا سيّما بعد سلسلة الانتصارات التي حازها الجنوب في أعقاب توقيع الاتفاق.
المستفيد الأول من الإجهاز على اتفاق الرياض سيكون حزب الإصلاح، فالاتفاق ألزم ما تعرف بالشرعية أن تسحب بعناصرها من الجنوب وتدفع بها نحو محاربة المليشيات الحوثية ونصّ كذلك على صرف الرواتب، ومن ثم فهذا الأمر يضر بالأجندة الإخوانية المشبوهة التي ينفذها حزب الإصلاح ضد الجنوب منذ فترات طويلة.
إعلان فشل الاتفاق - وهو ما ترغب فيها ما تعرف بالشرعية - لن يكون في صالح التحالف العربي، لا سيّما أن الممارسات الإخوانية المعادية والمتخادمة مع المليشيات الحوثية باتت تشكل تهديدًا خطيرًا بالتحالف بشكل مباشر، وهو ما يتوجب مواجهته بشكل حاسم.
يتجلى هذا الخطر مثلًا في ظاهرة تهريب الأسلحة للحوثيين، إذ تشارك المليشيات الإخوانية المنتشرة مثلًا في مناطق وادي حضرموت والمهرة في عمليات التهريب، وهذا الأمر يُشكل تهديدًا خطيرًا للتحالف العربي كونه يتيح للمليشيات فرصة لتكثيف عملياتها العدائية ومن ثم إطالة أمد الحرب.
يعني ذلك أن التأكيد على حتمية إنجاح اتفاق الرياض واعتبار المشاورات القائمة حاليًّا مُكمّلة إليه، أمرٌ في غاية الأهمية، لتفويت الفرصة أمام ما تعرف بالشرعية الساعية إلى إلغاء الالتزامات الملقاة عليها، فيما يخص تحديدًا سحب عناصرها من الجنوب وتوجيهها إلى محاربة المليشيات الحوثية وتحديدًا نقل قوات المنطقة العسكرية الأولى من حضرموت إلى مأرب وإخراج كذلك القوات المنتشرة في أبين.
وفيما حرص المجلس الانتقالي الجنوبي على المشاركة في المشاورات ضمن شراكته الراسخة مع التحالف العربي، فقد أكد في معرض موافقته على المشاركة قبل أيام، أن هذا الموقف يأتي إتساقًا مع اتفاق الرياض، في رسالة تأكيد جنوبية بأن الاتفاق لا يزال قائمًا رغم المساعي الإخوانية المتواصلة اعتبار الاتفاق جزءًا من الماضي.