كيف صنعت الامارات توازن سياسي في اليمن؟
ياسر اليافعي
يعيش الشارع اليمني جنوباً وشمالاً حالة من التفاؤل لم يعهدها منذ سنوات طويلة، ولا سيما بعد التحول السياسي النوعي وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي والذي ضم شخصيات سياسية وعسكرية تمثل طيف واسع من ابناء اليمن .
هذا التحول النوعي والاستحقاقات السياسية الجديدة التي شهدتها وتشهدها اليمن ما كان لها ان تحدث لولا تدخل دول التحالف العربي ممثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الامارات عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وتنموياً وإغاثياً.
التحول التاريخي الهام الذي تعيشه اليمن هذه الأيام، انطلق مع اعلان عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية في العام 2015 بعد ان حاولت مليشيا الحوثي الإيرانية السيطرة على كل اليمن بقوة السلاح بما في ذلك الجنوب، لفرض اجندة دخيلة عليه ولتكريس سياسية الاحتواء والتهميش، ضاربين عرض الحائط بكل الاتفاقيات الموقعة منذ عام 1990 وصولاً الى مخرجات الحوار 2014 .
دعمت دول التحالف العربي منذ انطلاق عاصفة الحزم القوات الجنوبية التي تشكلت وقتها للدفاع عن عدن ومنع مليشيا الحوثي الإيرانية من السيطرة عليها، وهذا الدعم اسفر عن تحرير كل الجنوب من مليشيا الحوثي، وتشكيل قوات عسكرية وأمنية جنوبية وبروز قيادة سياسية وعسكرية، وهو الامر الذي كان له الأثر الكبير في إشراك أبناء الجنوب فعلياً في صناعة القرار السياسي ضمن الشرعية بعيداً عن أي وصاية من قوى النفوذ، واوجد حالة توازن سياسية جديدة ما كان لها ان تتم لولا دعم دول التحالف ومساندة دولة الامارات لأبناء الجنوب طوال السنوات الماضية.
معرفة طبيعة الصراع في اليمن وخلفياته كان واضح في تعامل التحالف العربي مع الأزمة اليمنية، حيث كان لها دور كبير في منع أي قوة شمالية من السيطرة على الجنوب بقوة السلاح حتى لا تتكرر مأساة 1994 بحق أبناء الجنوب مرة أخرى.
استمرت الامارات في دعم هذا التوجه بكل قوة، وهدفها من ذلك إرساء سلام دائم وشامل في اليمن شمالاً وجنوباً، يضمن للناس حقوقهم ويمنع تفرد أي مراكز نفوذ بالسلطة لأن ذلك سيقود الى جولة عنف جديدة سيكون لها انعكاسات سلبية على المنطقة برمتها.
حاولت عدد من القوى بينها مليشيا الحوثي وجماعة الاخوان تعطيل هذه الاستراتيجية لأنهم يدركون أهميتها في استقرار اليمن وتحصينه مني أي اختراقات خارجية ولأنها ستنهي سنوات من الحروب والصراع السياسي، وهذه القوى اصلاً تريد اليمن تبقى في الفوضى لأنها لا تجد نفسها الا في بيئة غير مستقرة ومجتمع يعاني الفقر والفساد والحرمان.
لذلك شنت حروب إعلامية وسياسية متعددة على دول التحالف وتدخلها في اليمن، وخصصت قنوات ومنابر إعلامية متعددة داخلية وخارجية لمهاجمة دولة الامارات ودورها في اليمن، وتحويلها من صديق داعم الى عدو، وتصويرها للشعب اليمني انها تنحاز لطرف ضد الأطراف الاخرى، وهذا غير صحيح بالمطلق وهو ما اثبته الأيام.
هدفت هذه القوى الى تكريس وجودها في الجنوب بغض النظر عن الرفض الشعبي لها، وبغض النظر عن ما تعيشه هذه المحافظات من انعدام للخدمات وأساسيات الحياة، وعودة التنظيمات الإرهابية اليها.
لكن إصرار دولة الامارات على نجاح استراتيجيتها ومواجهة هذه المشاريع وداعميها، كان الأقوى بمساندة محلية وشعبية واسعة، ودعم إقليمي ودولي كبير، ليكتب لجهود الامارات النجاح من خلال اشراك القوى الفاعلة على الأرض في صناعة القرار، بما يشعر الناس بالرضى ويلبي تطلعاتهم، ويرفع عنهم الظلم وكل ذلك سيساهم في صناعة سلام حقيقي ينعكس ايجاباً على حالة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في اليمن وهذه اهم اهداف عاصفة الحزم.