غريفيث يفشل في تمرير اتفاق منفرد بشأن ميناء الحديدة
كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” عن اعتزام المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الدفع باتجاه استئناف المشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين خلال الفترة القادمة بعد فشله في التوصل لاتفاق جزئي حول مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي وبمعزل عن مطالبة الحكومة اليمنية بحزمة شاملة للحل تتضمن انسحاب المتمردين من المدينة ونزع أسلحتهم قبل أي حوار.
ورجحت المصادر أن يعمل غريفيث على جمع الفرقاء اليمنيين على طاولة الحوار في أواخر يوليو الجاري بعد عرض خطته للتسوية في اليمن على مجلس الأمن الدولي خلال الأيام القادمة.
وقالت إن المبعوث الأممي اعترف بفشله في انتزاع اتفاق منفرد حول ميناء الحديدة ورغبته في التوجّه بدلا من ذلك لإيجاد تسوية شاملة يكون ملف الحديدة ضمن أجندتها.
وبحسب المصادر اصطدمت مقترحات غريفيث حول تطبيع الأوضاع في الحديدة برفض الحوثيين الانسحاب من المدينة والموافقة على نشر مراقبين تابعين للأمم المتحدة في الميناء، فيما اعتبرت الحكومة اليمنية أن أي اتفاق لا يتضمن انسحاب المسلحين الحوثيين من مدينة الحديدة يعد اتفاقا غير واقعي ولا يتلاءم مع طبيعة التطورات الميدانية على الأرض.
وفي تصريح صُحفي توقع غريفيث عودة الحكومة اليمنية والحوثيين إلى طاولة المفاوضات قريبا.
وقال غريفيث في مقابلة مع إذاعة الأمم المتحدة، الخميس، إن أولوياته تنحصر في” منع وقوع هجوم على الحديدة” و”بدء المفاوضات السياسية”، مشيرا إلى أن محادثاته خلال الأيام الماضية نجحت في منع “حدوث هجوم كبير على مدينة الحديدة ومينائها”.
ووصف غريفيث تمكنه من انتزاع موافقة قيادة الجماعة الحوثية على منح الأمم المتحدة “دورا قياديا في إدارة ميناء الحديدة” بأنه الإنجاز الثاني الذي تحقق من خلال جولته التي شملت عدن وصنعاء ومسقط والرياض.
وفي تعبير عن فشله في التوصل لاتفاق نهائي حول مصير الحديدة أكد غريفيث أن “حل قضية الحديدة مرتبط ببدء المفاوضات السياسية”، مضيفا “هدفنا هو معالجة مسألة الحديدة في سياق المفاوضات السياسية”.
وتتهم أطراف سياسية يمنية وعربية المبعوث الأممي بالسعي لفرض تسوية للملف اليمني لا تقدم أي تطمينات للدول المحيطة باليمن من ناحية أمنها القومي والاستراتيجي، في ظل التورط الإيراني بدعم الميليشيات الحوثية، ومحاولته نقل دائرة التأثير في الملف اليمني من المنطقة وربطه بالرؤية الاقتصادية والسياسية الأوروبية وابتزاز دول الإقليم ومقايضة مصالحها بالأمن القومي لتلك الدول.
أثار اقتحام ميليشيا الحوثي لمخازن برنامج الغذاء العالمي في محافظة الحديدة واختطاف اثنين من موظفي البرنامج موجة استنكار.
وقد اعتبر وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية، رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبدالرقيب فتح، العملية “جريمة حرب”، داعيا المجتمع الدولي إلى “إدانة هذا العمل والوقوف في وجهه واتخاذ الاجراءات الكفيلة بردع الميليشيا ومنعها من التدخل في عمل المنظمات الإغاثية”.
ومن جهتهم أدان حقوقيون مقتل سجين وجرح آخرين أثناء عملية اقتحام نفذتها الميليشيا لسجن الحديدة بهدف إجبار نزلائه على القتال إلى جانبها ضد القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي.
وتواجه خطط غريفيث للحل في اليمن بالعديد من التحديات نتيجة عدم اهتمامها بوضع الضمانات الخاصة بتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه وهي الجزئية التي ارتكزت عليها جهود سلفه إسماعيل ولد الشيخ أحمد في نهاية مهمته كمبعوث دولي في اليمن.
وأشار الباحث السياسي اليمني هاني مسهور إلى أن بوادر الحل السياسي التي يقدمها غريفيث تغلب عليها محاولة التقاط الفرصة المواتية التي تحققت بعد تحرير مطار الحديدة.
ولفت مسهور إلى أن نتائج معركة الحديدة أوصلت الحوثيين إلى قناعة بأنهم غير قادرين عسكريا على خوض حرب معركة كسر العظم بسبب موازين القوة التي فرضها التحالف العربي على الأرض مما دفعهم إلى القبول بتسليم ميناء الحديدة.
وعلى الصعيد الميداني تحقق قوات الجيش الوطني والمقاومة المدعومة من التحالف العربي المزيد من الانتصارات في جبهات صعدة والبيضاء وحجة والساحل الغربي.
وبموازاة استمرار القوات المشتركة في تأمين المناطق المحررة في الساحل الغربي بمحافظة الحديدة وتطهير مدينة التحيتا ومناطق الجاح والفازة، تمكنت القوات الحكومية من إحراز تقدم كبير في جبهة ميدي بمحافظة حجة، حيث تم تحرير ميناء حبل وقرية بني فاضل على البحر الأحمر والتقدم أكثر من 14 كم على الساحل الغربي بمحافظة حجة شمال الحديدة.
وعن الوضع داخل مدينة الحديدة قال الناشط اليمني علي عبدالله الأهدل أحد أبناء المحافظة في تصريح لـ”العرب” إن الميليشيات الانقلابية تستمر في نشر مسلحيها والعمل على تمركزهم في الأحياء والشوارع والبدء بزرع الألغام في الطرق الرئيسية المؤدية إلى مداخل المدينة واستهداف المناطق المحررة مثل “منظر” عن طريق قذائف الهاون. وكشف الأهدل عن أن المقاتلين الذين استقدمتهم الميليشيات الحوثية إلى المدينة باتوا يستحوذون على الكثير مما تقدمه المنظمات الإغاثية الأمر الذي شكل عاملا إضافيا لإرهاق المدينة التي باتت تعاني أيضا من شح المياه.
وفي محافظة البيضاء قال الصحافي اليمني عبدالوهاب بحيبح في اتصال هاتفي مع “العرب” من جبهة ناطع إن قوات الجيش في محور بيحان العسكري مسنودة بالمقاومة الشعبية وطيران التحالف العربي تمكنت من إحكام السيطرة على مناطق واسعة في محوري نعمان وناطع وتحرير عقبة القنذع وصولا إلى الجريبات بآل عواض.
وأضاف بحيبح “تم تحرير منطقة مفرق الجريبات وحصير الجار وصولا إلى تحرير جبل الأشعر والجحفة بمنطقة فضحة التابعة لمديرية الملاجم”. ويهدف تقدم الجيش الوطني إلى الوصول إلى مفرق عفار الاستراتيجي وذلك لقطع الطريق التي توصل الإمدادات إلى ميليشيا الحوثي المتواجدة في مدينة البيضاء.