تدخلات ملالي إيران تزج بالعراق في نفق الفراغ التشريعي
أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية متعاقبة، وتدهور أمني، وتحديات دولية وإقليمية، هذا هو المشهد العراقي في ظل استمرار التدخلات الإيرانية في العملية السياسية العراقية.
ورغم استمرار المباحثات بين الأطراف السياسية العراقية لتشكيل التحالفات والخروج من أزمة الانتخابات، إلا أن التدخلات المباشرة من قبل نظام الملالي في إيران تمنع حتى الآن الأطراف الفائزة من التوصل إلى اتفاق يخرج العراق من نفق الفراغ الدستوري والتشريعي الذي دخله بعد انتهاء الدورة التشريعية لمجلس النواب العراقي في 30 يونيو/ حزيران الماضي.
ودخل العراق في فراغ تشريعي مع بداية يوليو/ تموز الجاري، فالحكومة الحالية باتت حكومة تصريف أعمال، تقود العراق في مرحلة يصفها الخبراء السياسيون بالخطيرة، فهي المرة الأولى التي يشهد فيها العراق فراغا تشريعيا منذ عام 2003.
واعتبر الخبير القانوني جواس حسن، أن العملية السياسية في العراق أصبحت في فراغ ومعرضة للخطر منذ اللحظة التي بدأت فيها مرحلة الفراغ التشريعي، لأن النظام السياسي في العراق برلماني، وبالتالي جميع المؤسسات التنفيذية والهيئات تأخذ شرعيتها من البرلمان.
وحمّل حسن البرلمان السابق مسؤولية حدوث هذا الفراغ، وقال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن "البرلمان السابق تسبب في هذه المشكلة وتركها مفتوحة دون حسمها، لذلك نحن أمام مصير مجهول ولا نعلم كم سيستغرق هذا الفراغ التشريعي".
وأكد أنه "لا يوجد حل للمشكلة من الناحية القانونية، وأن الحل الوحيد يكمن في أن تسرع الأطراف السياسية من خطواتها باتجاه حل هذه الأزمة من خلال الاتفاق".
ومنذ إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية في 12 مايو/ آيار الماضي، كثفت طهران من تدخلاتها في العملية السياسية العراقية، وتواصل إرسال مسؤوليها العسكريين والسياسيين ومستشاريها إلى بغداد للمشاركة في مباحثات تشكيل الحكومة.
وتحولت السفارة الإيرانية في بغداد إلى مركز لتلك الاجتماعات التي تهدف إلى تثبيت التجربة الخمينية على العراق، وبناء حكومة طائفية تهمش فيها الأطراف الوطنية الداعية إلى إنهاء النفوذ الإيراني في العراق.
وشدد الخبير السياسي، صباح صبحي، على دور إيران وتدخلاتها التي حالت حتى الآن دون توصل الأطراف السياسية في العراق إلى اتفاق بشأن المرحلة المقبلة.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "إيران تسعى للسيطرة بشكل كامل على الحكومة المقبلة، من خلال المليشيات التابعة لها، وهذا ما لاحظناه مؤخرا من تقارب بين كتلة الفتح (الكتلة المؤلفة من المليشيات التابعة لإيران) وكتلة سائرون التي يتزعمها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر".
ويتزامن دخول العراق في الفراغ التشريعي مع تصاعد وتيرة العمليات المسلحة التي يشنها تنظيم داعش الإرهابي في المناطق المحررة من محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وأطراف ديالى وكركوك، مما يجعل الحكومة العراقية في موقف صعب خلال هذه الفترة التي تسبق تشكيل الحكومة المقبلة.
وأكد الخبير السياسي طارق جوهر لـ"العين الإخبارية" أن "مهمة الحكومة الحالية ستكون صعبة جدا، والمشاكل السياسية ستستمر، والحكومة المنتخبة ستتأخر كثيرا، وهذا سيؤدي بالنتيجة إلى تعطيل العملية السياسية بشكل عام وعدم تحقيق رغبة المواطن الذي كان يأمل في أن تأتي بعد الانتخابات حكومة شراكة وطنية تقدم الخدمات وتوفر الأمن والاستقرار".
وأشار جوهر إلى أن الحكومة الجديدة ستواجه تحديات في المناطق التي شهدت احتلال داعش، بعد عودة التدهور الأمني إليها، خصوصا مع وجود خلايا داعش في هذه المناطق، مستدركا بالقول: "الحكومة العراقية لا تستطيع وحدها السيطرة على الوضع الأمني، دون وجود توافق ودون وجود حكومة شراكة وطنية عاجلة".
ونوه إلى أن المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة العراقية لن تشهد استقرارا أمنيا دون وجود تنسيق بين قوات البيشمركة والجيش العراقي.