الحوثيون يخسرون ممرات البحر الأحمر.. من يحسم معركة الساحل الغربي في اليمن؟

السبت 7 يوليو 2018 12:01:00
testus -US


استطاعت القوات الحكومية منذ الانقلاب الحوثي في أواخر 2014 من السيطرة على نصيب الأسد من الأراضي على حساب المليشيا المدعومة من إيران ما يؤكد أن خارطة السيطرة والنفوذ بين طرفي النزاع اليمني تشهد تحولا نوعيا في الساحل الغربي على البحر الأحمر.

والمتابع الجيد لهذه الأحداث يعلم أن المعركة الأهم على الساحل حول مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي لا تزال معلقة تحت ضغوط دولية.

بعد مرور الربع الأول من العام الرابع للحرب، انتزعت القوات الحكومية المسنودة من التحالف العربي، مساحات واسعة في الساحل الغربي خلال وقت قياسي.

وتمكنت القوات من إحراز أهداف كبيرة من خلال التقدم والسيطرة على محافظتي البيضاء (وسط)، وحجة (شمال غرب)، بل وفي محافظة صعدة (شمال)، معقل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) المدعومة من إيران.

ويقدم "المشهد العربي" في ما يلي خارطة السيطرة والنفوذ الجديدة في اليمن:

** مكاسب مهمة في الساحل الغربي

في مطلع عام 2017 سيطرت القوات الحكومية على مدينة وميناء المخا، بعد الالتفاف على الحوثيين من الخط الساحلي لمديرية باب المندب.

لكن المساحة الأكبر من الشريط الساحلي لمحافظات تعز (جنوب غرب)، ولحج (جنوب)، والحديدة (غرب)، ظل في قبضة الحوثيين، وظلت المياة الإقليمية تحت رحمة صواريخهم.

وفي منتصف أبريل الماضي، بدأت قوة عسكرية ضاربة مدعومة من الإمارات، ثاني أكبر دول التحالف، عمليات ضد معاقل الحوثيين في
الساحل الغربي لتعز.

وتوجت هذه العمليات بالسيطرة على مديريتي الوازعي وموزع، وما تبقى من مديرية ذوباب وباب المندب، التابعة إداريا لتعز.

توقفت القوات الحكومية على مشارف مدينة البرح غربي تعز، لتؤمن مفرق الوازعية الاستراتيجي من أي هجمات حوثية لاستعادة ما خسرته في الساحل الغربي.

وفي منتصف مايو الماضي، قامت قوات مؤلفة من "ألوية العمالقة" في الجيش اليمني، والقوات التابعة لطارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل، والمقاومة التهامية، بتدشين مرحلة ثانية من العمليات العسكرية لتحرير محافظة الحديدة والسواحل الخاصة بها.

وبفضل ضخامة القوات والعتاد العسكري المقدم من التحالف، تمكنت قوات الحكومة الشرعية في وقت وجيز، من السيطرة على مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة.

وزحف القوات نحو منطقة الحيمة والفازة، وأمنت مساحات واسعة من التحتيتا، وصولا إلى مديرية الدريهمي على مشارف مدينة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أكتوبر 2014.

وبعد أن وصلت القوات الحكومية إلى مشارف مطار الحديدة الدولي، بدأت أصوات دولية مناهضة للعملية العسكرية تتعالى بشكل غير مسبوق.

وتطالب تلك الأصوات بوقف العملية العسكرية حفاظا على أرواح المدنيين، وضمان عدم توقف ثلثي الإمدادات التي يتلقاها الشعب اليمني عبر ميناءي الحديدة والصليف.

وتنتظر قوات الشرعية والتحالف نتائج جولات مكوكية يجريها مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث بين صنعاء وعدن، لإقناع الحوثيين بتسليم الميناء والانسحاب من الحديدة دون قتال.

لكن جماعة الحوثي التي تسيطر على محافظات بينها صنعاء منذ سبتمبر 2014، ترفض الانسحاب من الحديدة، وأعلنت أنها ستسمح للأمم المتحدة بـ "دور فني ولوجيستي فقط" في ميناء الحديدة.

وفي حال فشل جهود غريفيث المدعوم بقوة من بلده بريطانيا في مجلس الأمن الدولي، ربما تنطلق المرحلة الثالثة من معركة الحديدة لاستعادة ميناء ومدينة الحديدة.

وإذا حدث ذلك، فسيكون الحوثيون قد خسروا سيطرتهم على جميع الممرات المائية على البحر الأحمر.

** بقية المحافظات

خلافا للساحل الغربي، لم تشهد باقي الأراضي اليمنية تحولا نوعيا في خارطة السيطرة والنفوذ خلال العام الجاري، عما كانت عليه أواخر العام الماضي.

ففي محافظة الببضاء، سيطرت القوات الحكومية على مديرية قانية المحاذية لمحافظة مأرب، وتوغلت نحو أولى مناطق السوادية، رغم أن القتال يتركز في سلاسل جبلية ويصعب تجاوزها.

وفي حجة، أعلنت القوات الحكومية، الأسابيع الماضية، أنها حققت تقدما في مديرية حرض.

كما تقدمت في مديرية حيران لتكون قد بسطت سيطرتها في مديريتين بالمحافظة المتاخمة للحدود الجنوبية السعودية، وهي ميدي وحرض.

وفي معاقل الحوثيين بصعدة، تحدثت القوات الحكومية عن تمكنها بإسناد من التحالف، من فتح جبهات عسكرية داخل المحافظة أبرزها: كتاف، والملاحيظ، وباقم، ورازح.

وتسعى القوات الحكومية والتحالف إلى نقل المعركة إلى معقل الحوثيين.

ومع تقدم القوات اليمنية من داخل الأراضي السعودية، تسعى المملكة عبر هذا التقدم إلى حماية أراضيها من هجمات التسلل الحوثية.

وتهدف أيضا إلى منع الحوثيين من نصب منصات صواريخ باليستية على شريط المملكة الحدودي، ما يمكن الحوثيين من استهداف العمق السعودي.

** مستقبل غامض

إذا عجزت الجهود عن احتواء معركة الحديدة وجمع الأطراف اليمنية على طاولة المفاوضات مجددا، يتوقع مراقبون أن تكون معركة استعادة الحديدة مفصلية في النزاع المتصاعد منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

وخلافا للاستنزاف الكبير الذي تعرض له الحوثيون في معركة الساحل الغربي، ومقتل العشرات بشكل شبه يومي، يرى خبراء عسكريون أن تحرير الحديدة سيصيب الحوثيين بمزيد من الوهن الاقتصادي والعسكري.

كما ستفقدهم خسارة الحديدة أهم ورقة تفاوضية، وهي المياه الإقليمية، وستكون مفتتحا لتحرير محافظات متاخمة للحديدة لا يمتلك الحوثيون أي حاضنة شعبية فيها، وخاصة محافظتي ريمة (وسط) والمحويت.

وما زالت العاصمة صنعاء ومحافظات عمران، وحجة، وصعدة، والمحويت (شمال)، وذمار، وريمة، وإب (وسط)، وأجزاء واسعة من الجوف والبيضاء وتعز في قبضة الحوثيين.

وربما يشكل الحل السياسي الذي يسعى إليه المجتمع الدولي طوق نجاة لجماعة الحوثي.

لكن خلافات ما زالت دائرة بشأن تقديم النقاشات العسكرية حول انسحاب الحوثيين من المدن وتسليم السلاح الثقيل، على النقاشات السياسية حول تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون الحوثي طرفا فيها.