رجل المتناقضات..ما لا تعرفه عن حميد الأحمر

السبت 7 يوليو 2018 20:41:00
testus -US

رأي المشهد العربي

 

لم يكن حميد عبدالله الأحمر معروف داخل الشارع اليمني إلا بالتسكع خلف الفتيات في شوارع صنعاء، لكن القدر وحده صنع منه رجل أعمال ركب موج السياسة حفاظاً على مصالحه الشخصية، وصعد على سلم النهب الجائر إلى عالم المليارديرات، ثم تحول بفضل العصا السحرية للإخوان المسلمين إلى "قائد ثورة زائفة".

تربى حميد الأحمر في كنف أسرة بنت مجدها من ابتزاز الأنظمة السياسية التي تعاقبت على حكم اليمن، ومن يتابع ما يقوم به حميد الأحمر اليوم يجده نسخة طبق الأصل للأدوار التي قام بها أسلافه من أسرة آل الأحمر.

فجده وأعمامه كانوا حلفاء الأئمة، وهم بين من استعان بهم الإمام أحمد بن حميد الدين لنهب صنعاء عقب اغتيال أبيه في 1948م، لكن أطماعهم زجتهم في صدام مع الإمام منتصف خمسينات القرن الماضي فوجه الإمام بحملة عسكرية قتلت بعضهم (جده حسين الأحمر، وعمه حميد بن حسين الأحمر)، وحين اشتعلت ثورة 1962م التي أطاحت بالملكية استولى الشيخ عبد الله الأحمر (والد حميد) على جميع أملاك آل حميد الدين التي تقدر بـ(نصف مليون) لبنة في صعده وعمران والجوف إلى جانب قصور وعقارات في صنعاء.

وبعد الانقلاب على الرئيس عبد الله السلال تقرب الشيخ عبد الله الأحمر للرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني، لكن بعد أن قرر الرئيس قطع مخصصات المشائخ لإنقاذ خزينة الدولة، قاد الشيخ الأحمر انقلاباً ضده، ودفع بالمقدم إبراهيم الحمدي للرئاسة باعتباره شخصية عسكرية.

لكن المقدم إبراهيم الحمدي فاجأ بني الأحمر بأنه رجل صعب المراس وصاحب عقلية متفتحة، لذلك أقصى المشائخ ووجهاء القبائل من المراكز السياسية والعسكرية القيادية في الدولة.

استغلال النفوذ

وحين تولى الرئيس علي عبد الله صالح الرئاسة كان الشيخ عبد الله الأحمر في السعودية ورفض مبايعته إلاّ بعد مضي أكثر من شهرين، حين تم منحه منصباً رفيعاً في الدولة "رئاسة مجلس الشورى".

فظل آل الآحمر يتوارثون المناصب، حتى على مستوى مجلس النواب "المنتخب" الذي ظلت رئاسته حكراً لبني الأحمر، لكن ثقلهم تراجع مؤخراً بعد فشلهم في غل أيادي الحوثيين الذين انقلبوا على الشرعية.

" حميد الأحمر" استغل نفوذ أبيه كرئيس لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخواني)، ورئيس لمجلس النواب، وبدأ يبني ثروة أسطورية بطرق غير مشروعة مستقوياً بنفوذ الإخوان المسلمين الذي استشرى في أعقاب دورهم الكبير في الإطاحة بالجنوبيين والقضاء على سلطة الرئيس "علي سالم البيض" في حرب 1994م، التي كان نصيب حميد الأحمر منها منزل "علي سالم البيض" في عدن وعشرات الأراضي في عدن والمكلا.

ثروة حميد الأحمر

يمتلك الأحمر علناً نحو 200 شركة ومشروع استثماري في اليمن يمتد طيفها من البنوك وشركات الاتصالات للعقارات والمواد الغذائية والسيارات ووكالات العطور. كما يستحوذ على وكالات عالمية في قطاع التعهدات،  ومايظهر من شركاته الخلفية في بنما وجزر العذراء البريطانية يكشف الحلقة الخفية من حركة استثماراته والذي يخفي منها ما يسبب تعارضاً للمصالح ويكشف وجهه الاقتصادي أو السياسي أو العشائري عند اللزوم.

 ومن امبراطورية حميد الأحمر الخرافية بنك سبأ الإسلامي، شركة سبأ فون للاتصالات، قاعة أبولو للمعارض الدولية (أرضها من أملاك الدولة وكانت حديقة عامة)، وكيل حصري لشركة تويوتا للسيارات، وكالة شركة سيمنز الألمانية التي تتولى منذ سنوات إنشاء محطة مأرب الغازية بالشراكة مع شركة إيرانية،وشركة (ccc) التي استولى عليها وصادرها من عمه (يحيى بن حسين)، وكالة الطيران القطرية، وكيل شركة كنتاكي الأمريكية- والأرض نهبها من حديقة السبعين،وكالة الأيسكريم, ووكالة عطور, ووكالة أحذية, ووكالة (الشوكلاته).

كما يملك عدداً من الجامعات الخاصة والمستشفيات الخاصة، ومن الأراضي ما يساوى في المساحة مدينة (الحديدة)، كذلك شركة التليفونات الثابتة (الكبائن)، وهناك العديد من (المدن السكنية) التي يملكها الشيخ حميد في عدة محافظات يمنية، فضلاً عن العديد من القصور في الدول العربية.

رجل الصدفة

وخلال مرض والد(حميد) الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وابتعاده عن الحياة السياسية أدرك آل الأحمر أن نجم قبيلتهم آيل للأفول إذا ما رحل الشيخ الذي يتمتع بنفوذ واسع، خاصة وأن خليفته المتوقع- نجله "صادق الأحمر"- ضعيف الشخصية ويفتقر لحكمة ودهاء والده.

 كما أدرك حزب الإصلاح أن رحيل الشيخ سيسبب له خسارة فادحة كونه العنوان الذي يجتمع تحته التيار القبلي الذي يشكل 65% من التركيبة التنظيمية للحزب.

وإنطلاقاً من تلك الظروف استغل الإسلاميون "الإصلاح" قلق آل الأحمر، وروح المغامرة لدى "حميد" لصناعة رمزاً بديلاً يشغل الفراغ السياسي للشيخ عبد الله الأحمر ويستثمر اسمه في الحفاظ على الولاءات القبلية داخل الحزب، وبالمقابل يكفل لآل الأحمر حماية لمصالحهم.

حميــد الأحمـــر ركب موج السياسة حفاظاً على مصالحه الشخصية، ومن يستمع لحواراته التلفزيونية يدرك هذه الحقيقة من فكره المتواضع الذي لا يمت لعالم السياسة بأي صلة.

تناقضات الأحمر

عرف الأحمر بالمتناقض  في 2/2/2011م أعلن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح مبادرته بشأن تجميد التعديلات الدستورية ورفض التمديد والتوريث وفتح السجل الانتخابي، ووافقت المعارضة عليها وقتها "بصورة غير رسمية"، وكان منتظراً إلغاء تظاهرتها لليوم التالي لكن حميد الأحمر أحبط كل شيء على خلفية فشل محاولته لابتزاز الحكومة.

ويوم المبادرة الرئاسية كان هناك لقاء بين الجانب الحكومي (المالية، الاتصالات، الشئون القانونية) وشركة "سبأفون" ومثلها حميد الأحمر بنفسه مع محاميه حيث جرى التباحث حول (20) مليون دولار ضرائب مستحقة على "سبأفون" كان حميد يتنصل عن سدادها إضافة إلى موضوع تجديد رخصة "سبأفون" لـ(10) سنوات قادمة فعرض حميد على الحكومة أن تقوم بتسوية كل ذلك مقابل إلغاء تظاهرة يوم 3/2/2011م وتسهيل موافقة المشترك على المبادرة الرئاسية في اجتماعهم المقرر يوم 6/2/2011م، فرفض الجانب الحكومي هذا الابتزاز- وبدى الأمر على الأرجح أن السلطة كانت قد قررت وضع حدٍ لاستهتار حميد الأحمر وابتزازها المتواصل بقوى التمردات القبلية وأعمال التقطع والاختطافات- خاصة وأنها تواجه ضغوطاً شعبية.

وفي تاريخ 6/2/2011م اجتمع اللقاء المشترك، وكان التوجه العام في تصريحاته لوسائل الإعلام أنه موافق على المبادرة التي تعهد فيها الرئيس برفض التمديد والتوريث، و بعد الاجتماع بيومين تواصل مع كل من: الإخوانية توكل كرمان، ميزار الجنيد، عبد الله هذال، غسان أبو لحوم، رضوان مسعود، وفهد القرني وبدأ بتشكيل مجموعات عمل لتأجيج التظاهرات والاعتصامات.

وقد ساعد سقوط النظام المصري يوم 11/2/211م على استلهام الشعارات والتجارب واسقاطها على الساحة اليمنية، لكن كل تلك الأحداث لم تكن تحظى بتفاعل شعبي يتجاوز القواعد التنظيمية لأحزاب اللقاء المشترك، رغم كل التعبئة التي جندتها قناتي "الجزيرة" و"سهيل" واللتان حرصا على تقديم حميــد الأحمر كـ"زعيم"، لذلك كان لابد من مجزرة 18 مارس لاستجداء عطف الساحة الشعبية ولتبرير انقلاب الجناح العسكري بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، حتى لو كان الثمن عشرات القتلى ومئات الجرحى.

يقال إن ثروة حميــد الأحمر الذي فشل في إكمال دراسة المرحلة الثانوية،60 مليار دولار لكن لا أحد يعرف الحجم الحقيقي لثروته وأين هى، وهل هى أموال مشروعة أم أنها مرتبطة بالفساد وملطخة بالعمالة والكذب والزيف ؟