للإرهـاب جذور وبذور
صلاح السقلدي
حتى حين كان الإرهاب يستهدف قيادات جنوبية اشتراكية بعد عام 90م في شوارع صنعاء، وبعد حرب 94م أيضا، فقد كانت الآلة الإعلامية والفكرية في صنعاء تقول عن الضحايا بأنهم نتاج تصفيات حسابات سياسية قديمة قادمة من عدن . في ذات الوقت الذي كانت فيه تلك الجماعات الإرهابية تقر على رؤوس الأشهاد بأنها تقف وراء تلك العمليات التي تستهدف الشيوعيين الملاحدة، ودعاة الانفصال بحسب تعبيرها.
- الإرهاب كان وما يزال: مسدس، ومركبة مفخخة وعبوة ناسفة و فكر تدميري دموي بمتناول أياد بعض القوى السياسية والحزبية والعسكرية والدينية المتشددة وشخصيات نافذة معروفة بالاسم لمجابهة الخصوم السياسيين منذ عودة الجماعات المتطرفة من أفغانستان مطلع عقد التسعينات وتجنيدها في بلاط تلك القوى بوجه الحزب الاشتراكي وكوادر دولة الجنوب السابقة، وتحديدا غداة تفجر الأزمة السياسية مطلع عام 93م وللإجهاز على فكرة "وثيقة العهد والاتفاق" الطموحة لبناء دولة مدنية بيعدا عن هيمنة القوى التقليدية الفاسدة، وقبل ذلك كانت أزمة الاستفتاء على دستور الوحدة وصولا لاستخدامها اي تلك الجماعات المتطرفة رأس حربة بحرب 9م الكارثية، وبقية تسلسل الأحداث بصورتها الدراماتيكية معروفة.
- اليوم نحن إزاء حلقة جديدة من سلسلة توحش طويلة تعيد انتاج نفسها بذات الأدوات وبنفس الأساليب(مفخخات فتاوى منابر دينية وإعلامية ومالية للتحريض أولا على القتل والتفجير قبل كل عملية، ولتبريره بعد العملية والصاق التهمة بالضحية وإدانة الجثث،وتبرئة القتلة) ، كل هذا كان يتم لتحقيق ذات الغرض السياسي القديم الجديد، ولاستهداف ذات الرأس القديم الجديد وهو رأس الجنوب،الجنوب كدولة تاريخ وإرث وهوية وجغرافيا. فإن كان بالأمس يتم استهداف الجنوب تحت ذريعة استهداف الحزب الاشتراكي الملحد الخارج عن الملة وعن طاعة ولي الأمر، فاليوم كذلك يتم استهدافه بذريعة الانتقالي الانفصالي،وبنفس الوسائل.
كانت تلك القوى تحاول عبثا ان تصور الأمر بأن خلافها منحصرا مع الاستراكي وليس مع كل الجنوب، مع ان الوقائع اثبتت قبل وبعد ذلك ان الجنوب ببشره وشجره وحجره هو المطلوب أولا واخيرا وليس فقط الاشتراكي.
-خلاصة القول لمَـن يود التوقف عند آفة الإرهاب نقول له: أن يدرك أولاً أن للإرهاب جذور وبذور، جذور مغروسة بأعماق الأمس، وبذور تُـبذر في تربة اليوم لتنمو وتتبرعم، فهو ليس وليد اليوم او حالة طارئة بالمشهد قد تنتهي بأية لحظة ،بل سيبقى ما بقي صانعوه في حصنهم الحصين قابعون، وما بقيت أسبابه ومنابعه ترفده بالمال والفكر والمنبر، وما ظلت حاجة أصحابه له قائمة. كما انه ليس محصورا بضرره على مسدس كاتم او سيارة مفخخة،فهذه المفخخة ليست إلا اللمسة الأخيرة للتفخيخ الشامل، فقبلها يتم تفخيخ العقول بعبوات فتاوى تحريضية ناسفة، وحشو الجيوب بشظايا مالية دامية شديدة الانفجار.