مكالمات ترامب السرية مع قادة العالم تربك حسابات مساعديه
بعد فترة قصيرة على توليه مهام منصبه العام الماضي، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعطاء رقم هاتفه الخاص لعدد من قادة العالم، الأمر الذي ترتب عليه إجراؤه مكالمات سرية لم يعرف بها حتى مسؤولو البيت الأبيض، بحسب ما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها.
وحسب التقرير الذي اعتمدت فيه الصحيفة على مقابلات مع مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، فإنه لم يكن لدى مستشاري البيت الأبيض أي علم على سبيل المثال بمكالمة دارت في أبريل/نيسان 2017 بين ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو، إلا بعد أن نشر المسؤولون الكنديون موجزا حول تلك المهاتفة.
وبموجب قانون السجلات الفيدرالي الأمريكي، يتعين إجراء المحادثات مع قادة العالم من داخل غرفة العمليات، إذ يتم الإعداد لها بشكل مكثف، ومراقبتها من جانب البيت الأبيض، كما يقدم مستشارو الأمن القومي الإفادات للرئيس، فيما يقدم الخبراء الإقليميون نقاطا للحوار.
كما يبقى مستشار الأمن القومي بجوار الرئيس طوال المكالمة، فيما يجري توزيع تفريغ للمكالمات على مستشاري البيت الأبيض الكبار، الذين يتولون إصدار بيان حول المكالمة.
لكن بالعودة لمحادثة ترامب مع ترودو، لم يكن لدى المسؤولين الأمريكيين ما يعتمدون عليه سوى ذاكرة الرئيس لبيان تفاصيلها.
ويكشف عن هذا المأزق، البيان الرسمي المقتضب الذي صدر من البيت الأبيض بشأن المكالمة، والذي اكتفى بالقول إنها "كانت ودية للغاية".
غير أن المأزق الذي يواجهه المسؤولون في البيت الأبيض في تقديم الإفادات حول المكالمات ليس كل شيء، لكن بحسب المسؤولين الذين تحدثوا للصحيفة فإن نقص الاستعداد من جانب الرئيس يؤدي إلى تفاعلات مع قادة العالم، لا يمكن التنبؤ بها.
وأعطت الواشنطن بوست مثالا على ذلك، وقالت إن "ترامب نادرا ما يقرأ الموجز الليلي المخصص له الذي يتناول قضايا مهمة من المرجح أن تثار خلال المحادثات والاجتماعات، ويحاول مستشاروه تسهيل الأمر عليه بوضع أهم المعلومات المقدمة إليه وأكثرها حساسية في ملف أحمر".
كما كانت مكالمات ترامب السرية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من بين أكثر المكالمات إثارة لقلق المسؤولين والمراقبين.
وكان ترامب دعا بوتين في نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار الماضيين لزيارة البيت الأبيض لعقد اجتماع قمة، وذلك على عكس نصائح مستشاريه، الذين كانوا يرون بأن فرص إحراز التقدم قليلة على صعيد عدد من الملفات المهمة.
ويكمن قلق بعض مستشاري البيت الأبيض في أن بوتين، الذي أجرى محادثات عديدة مع ترامب، يستغل عدم خبرة الرئيس ونقص المعلومات المفصلة لديه بشأن عدد من القضايا، فيما يقوم بالوقت ذاته باللعب على الأوتار الحساسة لدى ترامب.
وعلى سبيل المثال يشكو الرئيس الروسي لترامب من "الأخبار الملفقة"، ويبدي إليه أسفه لكون مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية أو "الدولة العميقة" بحسب تعبيره، تتآمر ضدهما معا، وهذا على حد قول مسؤول أمريكي كبير.
ويضيف المسؤول الأمريكي إن بوتين قال لترامب: "ليس خطأنا، بل هم المسؤولون التابعون الذين يحاربون ضد صداقتنا".
وبحسب المسؤولين الذين تحدثوا لـ"الواشنطن بوست" فإن ترامب يكون خلال مهاتفته لقادة كندا وبريطانيا وألمانيا "حازما ومتعجرفا بل ومتنمرا أحيانا" إزاء القضايا التي يؤمن بها بشدة، كقضية التجارة، ولا يخجل من مقاطعة حلفائه ليكمل وجهة نظره.
لكن في محادثة بوتين، فيتحدث معه بـ"نبرة تصالحية أكثر، وكثيرا ما يعامل الرئيس الروسي كمصدر ثقة لديه".
وقالت الصحيفة إن ذلك تجلى في سؤال وجهه الرئيس الأمريكي إلى نظيره الروسي خلال المكالمة التي دارات بينهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حيث قال ترامب: "إذن، ما رأيك ما الذي ينبغي أن أفعله بشأن كوريا الشمالية؟".
في حين رأى بعض المسؤولين في أن طلب ترامب النصيحة من بوتين شيء من السذاجة، إذ يظهر تصديقه الأول أن الولايات المتحدة وروسيا شريكتان في جهود نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية.
لكن مسؤولين آخرين اعتبروا أن سؤال ترامب كشف عن دهاء يتمتع به، ومحاولة لامتداح الرئيس الروسي لكسب دعمه، خاصة أن روسيا جارة لكوريا الشمالية، ولطالما شاركت في الجهود الدبلوماسية المتعلقة ببرنامجها النووي.