مفاوضات المبعوث الأممي باليمن: موقف سلبي ورؤية منحازة للانقلابيين
«موقف سلبي وصادم، انحاز فيه إلى رؤية الانقلابيين خاصة فيما يتعلق بمعركة تحرير الحديدة»؛ رسالة تركها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث – بشكل غير مباشر – في نفوس أعضاء الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا؛ وذلك خلال آخر جلسة لمجلس الأمن.
وذلك حينما دعا إلى الاعتراف الدولي بالحوثيين في سابقة خطيرة ولأول مرة تخرج من مسئول أممي؛ حيث أبلغ مجلس الأمن أن الاتفاق حول ميناء الحديدة يجب أن يكون بين الأمم المتحدة وجماعة الحوثيين، وليس مع التحالف العربي، وهو مؤشر خطير، يكشف خطورة التحرك الجديد الذي يسعى المبعوث الدولي إليه.
والمتابعون للشأن اليمني؛ يشككون في امتلاك المبعوث الأممي لخارطة طريق واضحة الأركان، لإعادة إطلاق مفاوضات جديدة تفضي إلى إيجاد تسوية سلمية للأزمة اليمنية.
غريفيث، الذي بدأ يوم أمس الأحد زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، لإجراء مباحثات مع مسؤولين سعوديين بشأن الأزمة اليمنية، اتجه بعدها اليوم الإثنين إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن للقاء الرئيس عبدربه منصور هادي، أخفق في التوصل إلى صيغة اتفاق استثنائي حول مدينة الحديدة ومينائها، نتيجة لرفض الحوثيين الانسحاب من الميناء والمدينة، وأمام التعنت الحوثي انحرفت بوصلة المبعوث الجديد عن مسار المشاورات والتسويق لخطة سلام شامل، في ظل اشتراط الحوثيين لأن يكون الاتفاق حول مصير مدينة وميناء الحديدة جزءا من صفقة شاملة لإنهاء الحرب.
تحركات غريفيث التي قد لا تفضي إلى شيء مثله مثل سابقيه، تترافق مع تحركات موازية يقوم بها الاتحاد الأوروبي عبر مندوبه في اليمن، والذي يقوم بأنشطة تسويقية للسلام في صنعاء، ولكن في منأى عن الحكومة اليمنية الشرعية ومطالبها.
الأمين العام المساعد لمجلس الوزراء اليمني أبو الفضل الصعدي، قال إن مهمة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن يجب أن تكون في أساسها مستندة على المرجعيات الثلاث ممثلة بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن 2216، معتقدا أن أي مساعي يحاول غريفث طرحها خارج هذه المرجعيات لا يعول عليها، ولن تلاقي أي قبول لأنها في الأساس مخالفة لقرارات دولية.
وأوضح الصعدي أن أي طرح فيما يخص الحديدة ومينائها لابد من انسحاب الانقلابيين منها دون قيدا أو شرط، ومن ثم يمكن العودة إلى طاولة المفاوضات من حيث توقفت، مشددا على أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسئوليته في إنهاء معانة الشعب اليمني الذي تسبب فيه الانقلابين وعدم الشرعنة لمثل ذلك لأنه يوثر على سمعة المجتمع الدولي بأسره.
وأشار إلى أن زيارة المبعوث الأممي إلى العاصمة عدن ولقائه بالرئيس هادي عبدربه منصور والحكومة الشرعية، لن يكون فيها أي جديد ما لم تكون هذه المرجعيات هي الأساس.
بدوره، قال د. فارس البيل المحلل السياسي اليمني، إن زيارة غريفيث تأتي في إطار مساعيه للوصول بالأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار، كيفما اتفق، معتقدا أن هذه التجربة ليست الأولى لجهود الأمم المتحدة، فعلى مدار عامين وأكثر حاول المبعوث الأممي السابق، ووصل الأطراف إلى طاولة الحوار ثلاث مرات، أخرها في الكويت لأكثر من 100 يوم، ثم تلاشت كل هذه الخطوات بفعل تعنت الحوثي المستمر.
وأضاف البيل أن المبعوث الجديد قد يكون لديه أفكار جديدة في مبادرته لكنها في إطارها العام لن تخرج عن سابقاتها، مشيرا إلى أن المشكلة ليست في طبيعة المبادرة أو مضامينها أو حتى الوصول لطاولة التفاوض من جديد، بل إن الإشكالية الكبرى في أن كل مبادرات الأمم المتحدة وتحركاتها تخالف مضامين قراراتها الأممية، التي ترى الحل يبدأ من تراجع الحوثي عن كل خطوات الانقلاب؛ وليس العكس، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات حقيقية لالتزام الحوثي أو حتى الحكومة بالاتفاقات التي سيتم الاتفاق عليها وتطبيق القرارات، وهذا ما لا تعمل عليه الأمم المتحدة.
ولفت إلى أن الأمم المتحدة تتعامل مع المشكلة اليمنية باعتبارها صراعا بين متخاصمين، وبالتالي تنشأ مبادراتها على حلول هامشية غايتها تقسيم المناصب والمستقبل السياسي بين الحوثي والأطراف الأخرى، وهذا اختزال خطير للأزمة اليمنية، ويبرئ الحوثي من جرائمه ويعفيه من كل مشاريعه التدميرية بل ويكافئه عليها، مؤكدا أنه عندما تعتمد الأمم المتحدة على حل المشكلة من أسبابها وجذورها؛ على نتائجها، يمكن الاطمئنان لخطواتها وتحركاتها.