اليوم.. بلجيكا وفرنسا في صراع من أجل مقعد في نهائي المونديال

الثلاثاء 10 يوليو 2018 08:37:00
testus -US
وكالات:

تتجه أنظار عشاق كرة القدم العالمية، الثلاثاء، صوب ملعب “كريستوفسكي” بمدينة سانت بطرسبرغ، لمتابعة مباراة نصف النهائي الأول لكأس العالم المقامة في روسيا، والتي تجمع منتخبي فرنسا وبلجيكا.

وهذه هي المواجهة الـ49 بينهما، كانت الغلبة للمنتخب البلجيكي بتحقيقه الفوز 20 مرة، أولها وديا عام 1905 (7-0)، وآخرها وديا في 2015 (4-3)، وكان آخر انتصار رسمي لبلجيكا في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم، سبتمبر 1981 (2-0). فيما حققت فرنسا 16 انتصارا فقط، أولها وديا عام 1907 (2-1)، وآخرها وديا أيضا عام 2004 (2-0)، وكان آخر انتصار رسمي لفرنسا في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع لكأس العالم 1986 (4-2). فيما تعادل المنتخبان في 12 مباراة، كان أولها وديا عام 1904 (3-3)، وآخرها وديا أيضا عام 2013 (0-0)، وكان آخر تعادل رسمي بينهما سلبيا أيضا في تصفيات أمم أوروبا عام 1976.

ويسعى منتخب بلجيكا المتأهل لهذا الدور على حساب البرازيل بهدفين لهدف في ربع النهائي، لمواصلة المشوار والفوز للوصول للمباراة النهائية واقتناص أول لقب عالمي له، خاصة وأن الجيل الحالي هو أفضل الأجيال البلجيكية على مر التاريخ. وقدم المنتخب البلجيكي أداء تصاعديا خلال المونديال، وتمكن من تصحيح العديد من الأخطاء التي وقع فيها، ليواصل سلسلته دون هزائم في آخر 24 مباراة. ويعلم تماما المنتخب البلجيكي أنه أمام المرشح الأول والأبرز للتتويج باللقب العالمي، خاصة بعد أن ودّعت البرازيل المونديال، وسيلعب الإسباني روبيرتو مارتينيز المدير الفني بقوته الضاربة ولكن دون اندفاع خاصة وأن المنافس يمتلك سرعات كبيرة وقادر على صناعة هجمات مرتدة خطيرة.

ويمتلك مدرب بلجيكا وفرة من اللاعبين التي لا يمتلكها غيره من مدربي المنتخبات الكبرى، أبرزهم تيبو كورتوا وتوبي ألدفايريلد وكومباني وفيتسل ودي بروين ومروان فلايني وإدين وثورغان وعدنان يانوزاي وموسى ديمبلي، ولا يعاني أي لاعب من الإصابة. وارتفعت أسهم الجارين في التتويج باللقب بعد مشوارهما المثالي منذ بداية البطولة، وكلاهما يحوز الأسلحة اللازمة في مختلف خطوطه، فضلا عن أن أغلب اللاعبين يعرفون بعضهم البعض من الدوري الإنكليزي.

وقال روبرتو مارتينيز مدرب بلجيكا إن الروح القتالية للاعبي فريقه يمكن أن تكون حاسمة أمام فرنسا في انتزاع بطاقة الظهور في نهائي كأس العالم لكرة القدم. ويلعب فريق مارتينيز ضد المنتخب الفائز بكأس العالم 1998 في سان بطرسبرغ بعدما بلغت بلجيكا قبل النهائي لأول مرة منذ كأس العالم 1986 عندما احتلت آنذاك المركز الرابع. وقال الإسباني مارتينيز “يعمل اللاعبون معا بشكل استثنائي على مدار سنوات عديدة ويستحقون ما وصلوا إليه اليوم. أعتقد أن أهم شيء عملنا عليه هو مفهوم اللعب الجماعي”. الإمكانيات الفردية والموهبة من الأشياء المهمة لكن في مثل هذه البطولات من الضروري جدا اللعب بشكل جماعي”.

وأضاف “إنها رحلة إلى المجهول. لم يسبق لنا الوجود في مثل هذا الموقف ولهذا السبب نحن في حاجة إلى التحلي بالروح القتالية بشكل أكبر من أي وقت أمام فرنسا. نريد أن نقدم أفضل نسخة من أنفسنا”. ويرى المدرب تشابها كبيرا بين منتخبي بلجيكا وفرنسا خاصة في ما يتعلق بتوفر المواهب في التشكيلة المكونة من 23 لاعبا. وتملك بلجيكا العديد من اللاعبين المميزين مثل روميلو لوكاكو وإيدن هازارد وكيفن دي بروين بينما تضم تشكيلة فرنسا الثنائي الهجومي الخطير أنطوان غريزمان وكيليان مبابي. وكان مبابي حاسما في الانتصار 4-3 على الأرجنتين في دور الستة عشر لكن مارتينيز قال إن فريقه لن يرتكب خطأ التركيز على لاعب واحد.

وقال المدرب الإسباني “يملك الفريقان مزيجا رائعا بين الشباب والخبرة وتوفر الكثير من اللاعبين أصحاب المواهب. سنكون في حاجة إلى مراقبة مبابي، ونكون في المكان المناسب”. وتابع “نريد أن نغلق المساحات أمام اللاعب لكننا لن ننسى الآخرين لأن فرنسا تملك نزعة هجومية هائلة”. وأضاف “هذه المجموعة (في بلجيكا) تحتاج إلى اللعب دون خوف حتى تبقى كل الخيارات مفتوحة. إنها مثل رحلة إلى القمر ونحن في حاجة لمواجهة ذلك بالكثير من الأحلام”. وسيلعب الفائز مع إنكلترا أو كرواتيا في نهائي كأس العالم الأحد المقبل.

على الجانب الآخر، تأهلت فرنسا لهذا الدور بعد أن عبرت أوروغواي بسهولة في ربع النهائي بهدفين دون رد، وإلى الآن يقدم منتخب الديوك الكرة الأجمل والأسهل في المونديال مترجمين المهارات التي يمتلكها والتي سهلت عليه مهمة الوصول للمربع الذهبي. ويعلم ديدييه ديشامب المدير الفني للديوك أنه أمام فريق كبير مر باختبارات صعبة وقوية خلال المونديال ويكفيه الإطاحة بالبرازيل أحد أهم وأقوى المرشحين للبطولة قبل أن يودعها. ولن يندفع ديشامب في هجومه ولكنه يعلم تماما إمكانيات لاعبيه ولاعبي المنافس، وسيلعب على السرعات والمهارات التي لديه أمام التزام دفاعي.

واستعاد المدير الفني لاعب الوسط ماتيودي بعد انتهاء إيقافه لتكتمل صفوفه قبل هذه المباراة الهامة. ويمتلك مجموعة مميزة من اللاعبين هم، لوريس وبافار وعادل رامي وأومتيتي وميندي، وكانتي وتوليسو وبول بوغبا وعثمان ديمبيلي وأنطوان غريزمان وأوليفيه جيرو.

صراع الزملاء

قال ناصر الشاذلي، لاعب وسط بلجيكا، إن اعتياد زملائه على مواجهة لاعبي فرنسا، في الدوري الإنكليزي الممتاز، سيضيف نكهة رائعة على مباراة المنتخبين، في نصف نهائي كأس العالم. ويأتي الشاذلي (28 عاما)، لاعب وست بروميتش ألبيون، الذي هبط من البريميرليغ في الموسم المنقضي، ضمن 11 لاعبا في تشكيلة بلجيكا، ينتمون لأندية إنكليزية، فضلا عن خمسة آخرين في تشكيلة فرنسا الأساسية.

وقال الشاذلي في مؤتمر صحافي، عقب تدريب المنتخب البلجيكي “نعرف كل هؤلاء اللاعبين جيدا.. نعرفهم من الناحية الخططية، وما يمكن أن يقدموه، فضلا عن قدراتهم الفردية.. أعتقد أن هذا يمثل أفضلية لنا، عند وضعنا لخطتنا”.

وستشهد المباراة مواجهات بين العديد من الزملاء، في مانشستر سيتي، بطل الدوري الإنكليزي، وتشيلسي ومانشستر يونايتد وتوتنهام هوتسبير، وكذلك تنافسا بين زملاء في برشلونة وباريس سان جرمان وموناكو. وستكون هناك مواجهة مثيرة بين لاعبي تشيلسي، تيبو كورتوا حارس مرمى بلجيكا، وزميله إيدين هازارد، أمام زميليهما في الفريق اللندني، نغولو كانتي وأوليفييه جيرو.

وسيواجه بول بوغبا، لاعب وسط فرنسا، زميليه في مانشستر يونايتد، مروان فيلايني وروميلو لوكاكو. وأضاف الشاذلي “بالنسبة إلي، الوجود ضمن التشكيلة المشاركة مع المنتخب، كان انتصارا في حد ذاته.. القدرة على المشاركة، وتسجيل هدف الفوز في إحدى المباريات، يعد أمرا مذهلا”. وأحرز الشاذلي هدفا، في الوقت المحتسب بدل الضائع، ليقود بلجيكا للانتصار 3-2 على اليابان، في دور الستة عشر.

نقطة محورية

سرق كيليان مبابي الأضواء خلال المباراة التي جمعت المنتخب الفرنسي لكرة القدم أمام نظيره الأرجنتيني في دور الستة عشر من المونديال وحصل أنطوان غريزمان على لقب أفضل لاعب في المباراة أمام أوروغواي في دور الثمانية. هل حان دور أوليفييه جيرو للحصول على لقب أفضل لاعب في المباراة أمام المنتخب البلجيكي في الدور قبل النهائي؟ ولم يضع جيرو بصمته بتسجيل هدف للمنتخب الفرنسي، خلال مشواره نحو الدور قبل النهائي، ولكن مازال جيرو يقود هجوم المنتخب الفرنسي في روسيا. وتساءل البعض لماذا فضل المدرب ديديه ديشامب بقاءه في الفريق في المقام الأول، وعدم استدعائه للاعبين أمثال أنتوني مارسيال وألكسندر لاكازيت والمغضوب عليه كريم بنزيمه.

ومع ذلك، تظل مساهمة جيرو مهمة للفريق كنقطة محورية في اللعب الهجومي. ويتطلع جيرو لتسجيل هدف ليضع نفسه أمام الفرنسي العظيم زين الدين زيدان في قائمة أفضل الهدافين للمنتخب الفرنسي.

ويحتل جيرو المركز الرابع مناصفة مع زيدان، حيث سجل 31 هدفا في 79 مباراة، خلف تيري هنري (51 هدفا) وميشيل بلاتيني (41 هدفا) وديفيد تريزيغيه (34 هدفا)، ويأتي العديد من اللاعبين خلف جيرو أمثال جاست فونتين وجان بيير بابان ويوري دجوركاييف.

ولم يشارك جيرو كأساسي في المباراة الافتتاحية للمنتخب الفرنسي، في البطولة الحالية، التي فاز بها 2-1 على أستراليا ولكنه شارك في الدقيقة 70 بدلا من غريزمان.

وفضل ديشامب الاعتماد على سرعة الثنائي عثمان ديمبلي ومبابي في الوسط خلال المباراة الأولى. وقام المدرب بتغيير رأيه في المباراة الثانية أمام بيرو، وقال عن جيرو: “فقط عندما لا يكون موجودا ندرك مدى فائدته”. وكانت تسديدة جيرو هي التي مهدت لمبابي تسجيل الهدف الذي ضمن لفرنسا مقعدا في الأدوار الإقصائية.

ومنذ هذه المباراة استمر جيرو في اللعب طوال المباريات التالية، في المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي مع الدنمارك، والفوز على المنتخب الأرجنتيني 4-3 والتغلب على أوروغواي 2-0 في دور الثمانية.

وقال ديشامب “ربما لا يملك أسلوبا متوهجا مثل لاعبين آخرين ولكن الفريق يحتاجه في كل مباراة حتى لو لم يسجل”. وأضاف “إنه مفيد في الهجوم ولكن أيضا في الألعاب الهوائية وفي الدفاع. يفعل أشياء كثيرة ليكون الفريق متوازنا”.

وتابع “يستفيد اللاعبون الآخرون من تواجده لأنه يجذب اهتمام المدافعين”. ويعتبر جيرو قويا في الألعاب الهوائية حيث يبلغ طوله 1.93 متر، ويمكنه أن يحتفظ بالكرة وله لمسة رائعة لجعل اللاعبين يدخلون في الهجمات. وتأمل فرنسا الآن أن يدخر الأهداف لمباراة الدور قبل النهائي أمام المنتخب البلجيكي. وقال ديشامب “صحيح أنه لم يسجل حتى الآن، ولكنني أعيدها، حتى الآن”. وتابع “لو كان سجل قبل هذه المباراة كانت الأمور ستصبح جيدة لأن المهاجم يحب دائما التسجيل، ولكن جيرو دائما ما يكون كريما للغاية ولا يتذمر عندما يتعلق الأمر بالعمل الجاد”. وتعلّم ديشامب، كقائد للمنتخب الفرنسي الذي توج بمونديال 1998، كيفية تقدير المهاجم الذي يعمل بكد عندما شارك ستيفان غيفارش طوال البطولة ولم يسجل أي هدف.

ولكن، غيفارش خاض 14 مباراة فقط مع المنتخب الفرنسي وسجل هدفا وحيدا. ولكن معدل أهداف جيرو في المباريات لا يختلف كثيرا عن الـ51 هدفا الذي سجلهم هنري في 123 مباراة، في مسيرته الدولية التي بدأت في 2011. وعلى مستوى الأندية، ارتبط في الغالب مع فريق أرسنال بعد انضمامه إليه في 2012 قادما من فريق مونبلييه.

وفي سياق متصل أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أن الحكم الأوروغواياني أندريس كونيا سيدير مباراة الدور قبل النهائي بكأس العالم التي تجمع بين بلجيكا وفرنسا. وأقصى المنتخب الفرنسي نظيره الأوروغواياني من دور الثمانية ولكن الفيفا لا يضع في حساباته هذه الروابط الرياضية عندما يقوم بتعيين الحكام.

وأدار كونيا (41 عاما) مباراتين في النسخة الحالية من المونديال في دور المجموعات، حيث أدار المباراة التي فاز بها المنتخب الفرنسي على نظيره الأسترالي 2-1، والتي شهدت للمرة الأولى في تاريخ المونديال استخدام نظام حكم الفيديو المساعد، كما أدار المباراة التي تغلب فيها المنتخب الإسباني على نظيره الإيراني 1-0.

أحلام هنري

عندما يحصل مدرب على منصب في جهاز منتخب آخر غير وطنه، فإن الفرصة تبدو قائمة دائما في إمكانية مواجهته لمنتخب بلاده يوما ما في إحدى البطولات. ويبدو أن هذه اللحظة قد حانت للنجم الفرنسي الدولي المعتزل تيري هنري، الذي يعمل حاليا مساعدا للإسباني روبيرتو مارتينيز مدرب المنتخب البلجيكي، وربما يكون هذا هو ما كان يدور في ذهنه حينما جلس في الصف الأول من حافلة الفريق في مدينة كازان الروسية.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها كأس العالم مثل هذا الموقف، حيث كان هناك الكثير من الأمثلة، يأتي في مقدمتها المدرب السويدي زفن غوران إيركسون الذي واجه منتخب بلاده مرتين في المونديال، حينما كان يتولى تدريب منتخب إنكلترا. كما واجه النجم الألماني السابق يورغن كلينزمان منتخب بلاده، عندما كان يتولى تدريب منتخب الولايات المتحدة في المونديال الماضي بالبرازيل عام 2014.

لكن مواجهة هنري لمنتخب فرنسا ستكون من العيار الثقيل، حيث يستعد النجم الأسمر للوقوف ضد منتخب بلاده بالدور قبل النهائي لمونديال روسيا 2018. لم يلعب هنري في التشكيلة الأساسية لمنتخب فرنسا في نهائي نسخة البطولة عام 1998 التي توج منتخب (الديوك)، حيث كان يبلغ من العمر حينها 20 عاما، لكنه لعب دورا بارزا في حصول الفريق على كأس الأمم الأوروبية بعدها بعامين، عقب فوزه على إيطاليا في المباراة النهائية التي جرت بهولندا.

وأصبح هنري الآن جزءا هاما في الطاقم التدريبي الذي يعمل برفقة مارتينيز، حيث أصبح الفريق على بعد انتصار وحيد من أجل التأهل إلى نهائي كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه. كان هنري من أوائل الأفراد الذين تلقوا اتصالا من مارتينيز من أجل الانضمام للطاقم الفني لمنتخب بلجيكا، عندما تولى المدرب الإسباني المهمة عام 2016، خلفا للمدرب مارك فيلموتس.

ويعمل هنري ضمن الطاقم المعاون لمارتينيز الذي يضم المدربين الإنكليزي غرايم غونز والويلزي ريتشارد إيفانز، حيث بات جزءا لا يتجزأ من الجهاز الفني للفريق الذي يضم مجموعة من اللاعبين الذين أظهروا قدرتهم على المنافسة على البطولة الأهم في عالم الساحرة المستديرة.

وجاءت رغبة مارتينيز في ضم هنري لطاقمه المعاون، في ظل امتلاكه خبرة الفوز بالبطولات الدولية الكبرى. ورغم مهاراته التدريبية التي يمتلكها، كان مارتينيز لاعب وسط مغمور يلعب مع أندية إنكليزية متواضعة مثل سوانزي سيتي وويغان أتلتيك، بالإضافة لفريق ماذرويل الاسكتلندي.

ويعطي هنري الكثير من الثقل للجهاز الفني الذي نجح في الحصول -حتى الآن- على أفضل النتائج من مجموعة من اللاعبين المتميزين بحجم إيدين هازارد وكيفن دي بروين وروميلو لوكاكو، الذين أخفقوا في الحصول على النجومية التي يستحقونها خلال البطولات السابقة.

وانسحب هنري من ملعب كازان الجمعة الماضي متجنبا مواجهة الصحافيين الذين انتظروه لسؤاله عن المباراة المنتظرة أمام فرنسا بمدينة سان بطرسبرغ.