بعد خروجه من القبر ومحاولة دفنه حياً.. يمني يكشف خفايا التعذيب الذي لاقاه في سجون المليشيا
كانت حياة المواطن، فتحي غليسي، تسير بشكل طبيعي قبل دخول ميليشيا الحوثي إلى مدينته الخوخة، ولأنه لا ينتمي لأي تيار سياسي فضّل البقاء في بيته ومزاولة عمله بائعاً في إحدى المحلات التجارية بالمدينة، ولم يفكر بالنزوح وتشريد أطفاله وعائلته
وفي صبيحة 22 من فبراير 2017 كان فتحي على موعد مع حدث مأساوي غيّر مجرى حياته الهادئة، حيث تم إخفاؤه قسرياً منذ هذا التاريخ عاماً كاملاً وثلاثة أشهر في سجون ميليشيا الحوثي، بعيداً عن طفليه وأسرته، وبدون أي سبب أو جناية ارتكبها إلا تمسكه بأرضه ومدينته.
يروي فتحي قصته لـ «البيان» بالقول إنه ذهب ذلك اليوم لمقر عمله كالمعتاد، ولم يخطر بباله ما الذي سيحصل له لاحقاً، وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً فوجئ بسيارة عسكرية حوثية، وعدد من مسلحي الميليشيا يطوقون المحل التجاري الذي يعمل به، مضيفاً: ظننت أنهم يطلبون شخصاً غيري، لكنهم وجهوا بنادقهم إلى صدري، على الرغم من أنني أعزل، وعصبوا عيني وكبلوا يدي خلف ظهري وحملوني في السيارة العسكرية إلى المعتقل، وقد علمت فيما بعد أن ذلك المعتقل الذي أخذتني الميليشيا إليه هو مسجد الشيخ أحمد بن سالم في مدينة زبيد، حيث حوله الحوثيون إلى سجن كبير، وأخفوا داخله المئات من الأبرياء، وقاموا فيه بأبشع عمليات التعذيب ضد المعتقلين الذين كنت واحداً منهم.
صنوف التعذيب
تبتدع ميليشيا الحوثي صنوفاً لا تخطر على البال من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، إذ تعمل على التنويع والابتكار مع كل معتقل تختطفه، وقد نال فتحي غليسي نصيباً وافراً من هذا التعذيب الوحشي أثناء فترة اعتقاله على يد مشرف حوثي يدعى «عمار أبو إسلام».
يصف غليسي عمليات التعذيب التي تعرض لها بأنها مميتة ووحشية، لا يمكن أن يفعلها إنسان لديه ضمير حي وإنسانية، ويضيف: «كانوا يأخذونني من الزنزانة في الثانية ليلاً، ويبدؤون باستجوابي وتعذيبي حتى أنني كنت أتمنى الموت لأرتاح من الألم الشديد، كانوا يقتادونني معصوب العينين، مكبلاً، ويضربونني في كل مكان من جسدي حتى يغمى عليّ، ثم يطلبون مني الاعتراف بتهم كاذبة، يقولون لي اعترف أن لديك تواصلاً مع التحالف، وأنك تحدد مواقعنا للطيران، وكانوا يفعلون ذلك مع كل المعتقلين، ومنهم معتقلون مسنون تزيد أعمارهم عن الـ 80 عاماً، حتى أن البعض يعترف بأشياء لا علاقة له بها من شدة التعذيب الذي يلقاه».
ويردف فتحي: من أشكال التعذيب التي مارسها الحوثيون عليّ أنهم كانوا يصبون مادة البنزين فوق رأسي وجسدي، ثم يجعلونني أقف في الشمس من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثالثة عصراً، وإذا سقطت من الإجهاد ينهالون عليّ ضرباً دون رحمة.
ويضيف: «في إحدى الليالي ذهبوا بي إلى مقبرة قريبة من المسجد وأسقطوني في قبر محفور حتى اختنقت، ثم أخرجوني وهددوني بالدفن حياً، وقد شاهدت أشخاصاً آخرين ممن كانوا معتقلين معي وهم يعذبون بالدفن في القبور ولا تظهر سوى رؤوسهم، أما أجسادهم فكانت كلها مطمورة تحت تراب القبر».
ولفت إلى أن ميليشيا الحوثي أفرجت عنه بعد نقله إلى سجن البحث الجنائي بمدينة الحديدة، وبعد عجزها في الحصول على أي معلومات لديه.