حرب على كل شيء

السبت 27 أغسطس 2022 18:00:11
testus -US

رأي المشهد العربي

على مدار سنوات التاريخ الحديث في المنطقة، ربما لم يشهد وطنٌ حربا غاشمة ومروعة تستهدفه من كل النواحي، كتلك الحرب التي يتعرض لها الجنوب.. حرب خلفت واقعا مأساويا ينظر إليه العالم ثم سرعان ما يُغمض عيناه.

الاستهداف الذي يتعرض له الجنوب متنوع ومرعب ومريب، ليس استهدافا عسكريا وحسب كمن يشن حربا يستخدم فيها مجنزراته ومدرعاته وآلياته العسكرية الثقيلة، فهذا كاف لتدمير شعب بأكمله.

مع حدوث هذا الاستهداف المروع على فترات متلاحقة من تسعينات القرن الماضي، يتعرض الجنوب في الوقت نفسه لاستهداف آخر ربما يكون أشد خطورة، وهو حرب الهوية، تلك الحرب التي يسعى من ورائها العدو أن يقضي على كل ما هو جنوبي.

حرب الهوية تجلت في العديد من الصور، من فرض الأخونة في الجنوب وتهميش وإقصاء الجنوبيين وحتى إزاحة أعلام الجنوب ومطاردة وربما اغتيال من يحملها، وصولا إلى واقعة سرقة أرشيف تلفزيون عدن عن عدوان صيف 1994.

سرقة الأرشيف ليس فقط مجرد مخالفة للمواثيق أو حتى تزييف للواقع والحقيقة، لكن الأمر يبدو أكبر من ذلك بكثير، فقوى التطرف والإرهاب تجاهر بعدائها وحربها على هوية الجنوب عبر محاولة اجتثاث كل ما هو جنوبي.

تلك الحرب هي أخطر من حرب الدبابات والمجنزرات، فقوى الاحتلال تريد القضاء على كل ما هو جنوبي، وتسعى لجعل الجنوب مجرد اسم من الماضي لا حضور له ولا مستقبل لشعبه ولا وجود لقضية مواطنيه.

الحرب على كل ما هو جنوبي تزداد ضراوة مع تمكن الجنوب من تحقيق المزيد من المكاسب، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي أو المجتمعي، ومع بشاعة الاستهداف في الفترة الأخيرة، فقد تكون تلك هي الورقة الأخيرة في قبضة قوى الاحتلال التي ستنبطح أمام الجنوب، ولو بعد حين.