النخبة الحضرمية.. شوكة في ظهر الإرهاب
رأي المشهد العربي
سطرت قوات النخبة الحضرمية منذ إنشائها ملاحم وتضحيات في تعقب جرذان تنظيم القاعدة الإرهابي ومطاردة أوكاره في مخابئها وإحكام السيطرة الميدانية، على المناطق التي يتواجدون فيها بهدف تطهيرها واستئصال آفة الإرهاب والتخلص من كل ما يعكر صفو الحياة الآمنة والمستقرة.
وقبل أكثر من عامين من اليوم كانت مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت تحت سيطرة تنظيم القاعدة، الذي فرض دخوله إليها في الثاني من ابريل/نيسان 2015م فارضاً سطوته ونظامه على الأهالي وممارسةً أبشع أساليب التضييق والقمع وزرع الخوف في نفوس المواطنين والأخطر من ذلك تشويه تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وخيمت الأعلام السوداء الخاصة بالتنظيم بالمنطقة معلنةً امتداد سيطرة حكم القاعدة ليس فقط على المكلا بل و على مدن مكتظة بالسكان في الساحل الحضرمي , في ذلك العام شرعت القاعدة في تطبيق نظام صارم فرضته بالقوة والتهديد على المواطنين مدعية بانها تحكم بـ ” شرع الله ” – حسب قولهم -.
ومنذ دخولهم آنذاك مارسوا أساليبهم العنيفة على المواطنين وانقلبت مدينة المكلا تلك المدينة المسالمة إلى مدينة خوف ورعب يقلق من يرتادها ولا يشعر بالأمن والطمأنينة حتى الخروج منها .
ومارست العناصر الإرهابية التابعة للقاعدة أساليبها الخاصة وشددوا الخناق لدرجة لم يستطع ساكنو المكلا والمدن الأخرى كالشحر وغيل باوزير من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي كما تعودوا .
واستغل متشددو القاعدة انشغال التحالف العربي في حربه ضد انقلاب ميليشيا الحوثي على الشرعية منذ عام 2015 وسيطروا على أجزاء في جنوب البلاد قبل أن تطردهم المقاومة و القوات حكومية بدعم التحالف العربي الذي تقوده السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وفق خطة عسكريه محنكة وضعها التحالف في ابريل/نيسان 2016.
ومنذ سيطرة القاعدة على زمام أمور الساحل الحضرمي وضع التحالف العربي بقيادة دولتي الإماراتي والسعودية وبالتحالف مع ضباط عسكريين حضارمة وإماراتيين وبتكتيك من محافظ حضرموت وقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء: فرج سالمين البحسني خطة تكوين نواة الجيش تحت مسمى “النخبة الحضرمية” .
وتنقسم محافظة حضرموت، البالغة مساحتها نحو 74٬530 ميل مربع، إلى منطقتين عسكريتين، هي الأولى والثانية إضافة إلى محافظة المهرة وجزيرة سقطرى، بين 6 مناطق عسكرية تشمل جميع المناطق.
وتكوّن جيش النخبة الحضرمية الذي أنشأ بقرار رئاسي بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة حيث جند الشباب في معسكرات خاصة بوادي حضرموت بدايةً بتدريب عسكري عالي وبإشراف ضباط عسكريين محليين ودوليين وكان التدريب بكافة أنواع الأسلحة وطريقة تفكيك الأسلحة والتعامل معها لتأهيل آلاف الشباب وتعزيزهم بالسلاح والذخيرة وبالمدرعات والدبابات وكافة العتاد العسكري.
استمرت التدريبات لأشهر وتكون ذاك الجيش الحضرمي من الصفر حتى حان موعد التحرير التي اتفق عليها الضباط العسكريين والتحالف العربي ودولة الإمارات على الدخول المباغت في يوم 24ابريل/نيسان 2016م وخوض معركة التحرير ضد تنظيم القاعدة.
في ليلة “24إبريل” الظلماء دخلت النخبة الحضرمية والقوات الإماراتية المسنودة بالتحالف في هجوم عنيف على تنظيم القاعدة وفي تلك المعركة التي استنزفت الكثير، واستمرت المعركة في تلك الليلة لساعات والتي شارك فيها جواً طيران التحالف العربي عبر الضرب على المواقع العسكرية وأماكن تجمعات التنظيم لتسفر عن خسائر فادحة في صفوفهم.
وفي البر تمكن الجنود من الدخول إلى المكلا وأحكموا سيطرتهم على مدينة المكلا في أقل من “28ساعة” فيما قام التنظيم بالانسحاب من أماكن سيطرته متوجهين إلى غرب المكلا , وامتدت قوات النخبة الحضرمية في دخولها حتى غرب المكلا ملاحقةً عناصر تنظيم القاعدة عقب الفرار من الهجوم المباغت, وقتها كانت تلك لحظة التحرير التي شهدتها مدينة المكلا بعد عام كامل من سيطرة القاعدة على المكلا.
وكان للإمارات دوراً بارزاً قبل كل الدول المشاركة في التحالف حيث استقطبت الشباب وتكفلت بتدريبهم تدريباً عسكرياً عالياً بإشرافها وتوجيهاتها مع توجيه محافظ حضرموت واللواء البحسني وقيادات عسكريين محليين ودوليين الذين جهزوا الشباب في معسكرات تدريب خاصة دامت لأشهر حتى تم تجهيزهم وارفادهم بالسلاح والعتاد.
وموخرا وضمن جهود التحالف العربي في مكافحة الإرهاب, تم إطلاق عملية الفيصل على أكبر معاقل التنظيم الإرهابي في حضرموت, وانتصرت قوات المنطقة العسكرية الثانية وطهرت المعقل الذي كان يتخذ وكرا لتنفيذ عمليات تخريبية في حضرموت.
وكانت عملية الفيصل صعبة ودقيقه لكن بالتخطيط الإماراتي الحكيم وصمود الرجال في الميدان كان الانتصار ساحق على عناصر الإرهاب. ورغم وعورة السلاسل الجبلية لوادي المسيني كان تمشيطها من قبل الجنود مشي على الأقدام .
وقد عملت فرق الألغام على تفكيك عدد من العبوات والألغام التي زرعها عناصر الإرهاب لتلغيم الوادي, فهذا العمل يعتبر عمل منظم في الترتيبات الأمنية وبتنسيق مع جميع الأجهزة الأمنية في ساحل حضرموت ودعم قوات التحالف العربي المستمر.
وأظهرت النخبة الحضرمية منذ تحرير المكلا وساحل حضرموت وغيرها من المناطق واستتباب الأمن، صلابة الإنسان الحضرمي وقدرته الفائقة عندما يمتلك قراره السياسي والعسكري وأنه أهلا لأن يتولى حماية أرضه وعرضه.
وعقب تحرير المكلا وساحل حضرموت واستقرار الأمن دأبت السلطة بتنفيذ مشاريع تنموية وازدهاريه التي كانت نقطة ميلاد جديد وتحول لمحافظة حضرموت لما تمتلكه من ثروات تؤهلها أن تكون في الريادة وتؤهلها للازدهار والتطور.
ومنذ التحرير إلى اليوم، قتلت قوات النخبة الحضرمية 400 عنصر إرهابي، وتم إلقاء القبض على 100 عنصر إرهابي، ومعظمهم مطلوبون دولياً، ويشكلون خطراً كبيراً، وخلال العامين تمكنا من العثور على أكثر من 85 طناً من الألغام والقذائف والذخائر والمتفجرات في مخابئ ومعسكرات للتنظيم، وفي الضربة الجوية الأخيرة التي استهدفت مجاميع للقاعدة في السيطان، قتل أكثر من 40 إرهابياً، كما تمكنت القوات العسكرية والأمنية من ضبط أسلحة وذخائر.
قائد المنطقة العسكرية الثانية بحضرموت اللواء فرج سالمين البحسني، قال في تصريحات صحفية إن قوات النخبة الحضرمية كان لها دور كبير استرجاع وتطبيع الحياة العامة للمواطنين بشكل حر وعودة المرافق الاقتصادية وفي المؤسسات وعودة البنية التحتية تدريجياً إلى العمل من قضاء وصحة وتعليم وعودة العمل من جديد وتثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة الحضرمية.
وثمن البحسني دور دولة الإمارات العربية المتحدة الهام والكبير وذلك لأن لديها خبرة وتجربة ولديها مستوى عالي من الجاهزية في مجال المؤسسات العسكرية أو الأمنية مطالباً بمزيد من الاستفادة من هذه الخبرة وإلى مزيد من الاستفادة من الدعم ليجري العمل على وتيرة عالية لتطوير الأجهزة الأمنية في حضرموت.