حكومة هادي.. أينما تكونوا يدرككم الفساد
"فساد المرتبات.. فساد في الوظائف.. فساد شركات النفط.. فساد الكهرباء.. فساد المنح الدراسية..."، تلك هو حالة اليمن الجريح، الذي تعاني الموازنة العامة للبلاد، من عجز كبير أدى إلى عدم انتظام صرف رواتب الموظفين بجانب نهب الحوثيين لمستحقات الشعب.
وتمارس الحكومة عبثاً حقيقياً بالمال العام بدءاً من الرئاسة مروراً بالحكومة التنفيذية وانتهاءً بالأعداد الكبيرة من المسؤولين والمستشارين الذين صدرت لهم قرارات تعيين خلال الفترات الماضية.
غضب شعبي
وأطلق ناشطون حملة واسعة لانتقاد الفساد الحكومي بعد تسريب سند رسمي يظهر راتب محافظ البنك المركزي اليمني محمد زمام (40 ألف دولار) أي ما يعادل 20 مليون ريال شهرياً ليفتح الباب على فساد كبير تتكشف فيه حقائق مذهلة عن لوبي فساد في دهاليز وأروقة الحكومة برئاسة بن دغر.
وذهب زمام إلى اتهام محافظ البنك السابق منصور القعيطي بأنه هو من كان يتسلم راتبه بالدولار، كما عزز زمام حديثه بوثيقة تثبت طلب المحافظ السابق القعيطي زيادة راتبه إلى 50 ألف دولار (25 مليون ريال يمني).
رواتب بالعملة الصعبة
ويتقاضى أعضاء الحكومة مبالغ كبيرة كمرتبات ومستحقات وحوافز شهرية تصرف لهم بالعملة الصعبة (الدولار)، في الوقت الذي يتواجد معظمهم خارج البلاد وليس لديهم أي مهام أو أعمال حقيقية.
وتقول مصادر خاصة مطلعة، إن راتب الوزير الواحد في الحكومة يصل إلى (8 آلاف دولار) أي ما يعادل 4 ملايين ريال يمني تقريباً، بينما راتب نائب الوزير 6 آلاف دولار في ظل وجود عشرات النواب والوكلاء والمستشارين لكل وزارة، فيما هناك أيضاً ما يسمى بالوكيل المساعد أو المستشار من الدرجة نفسها، بجانب نثريات وبدل سفر، وكذلك بدل إقامة إضافة إلى مكافآت عند حضور أي فعاليات أو مؤتمرات خارجية.
35 مستشارا لرئيس الحكومة
وتؤكد المصادر أن نائب رئيس الوزراء بمفرده يتسلم راتباً يقدر بنحو 12 ألف دولار، أي ما يعادل 6 ملايين بالريال اليمني، مؤكداً أن رئيس الحكومة لديه أكثر من 35 مستشاراً جميعهم تم تعيينهم كتسوية وضع من أجل الراتب و90% منهم لا يمارسون أي مهام، كما أن بعض المسؤولين الذين صدرت لهم قرارات أخيراً كانوا في مناصب سابقة كالبرلمان ولا يزالون يتقاضون مرتبات مزدوجة من عدة جهات.
في سياق متصل، أكد مصدر في وزارة الخارجية أن راتب السفير اليمني لا يقل عن 10 آلاف دولار.
شركات النفط بمأرب.. امتداد لفساد أكبر
أما على مستوى الفساد والعبث في شركات النفط وتحديداً شركة صافر للنفط في محافظة مأرب، فيقول أحد موظفي الإدارة العامة، إن راتب مدير الشركة سالم الكعيتي الرسمي يقدر بأكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون ريال يمني، ومثله كذلك مدير شركة الغاز في المحافظة، كما أنهم مخولون باعتماد مبالغ أخرى لأنفسهم تعادل مرتباتهم وذلك كنثريات ومصروفات شخصية.
ويتحجج المسئولون في الحكومة بالعجز وشح الموارد لدفع مرتبات موظفي الدولة في المناطق المحررة فقط بانتظام، فيما يمكن لمرتب واحد من مرتبات المسئولين أن يغطي مرتبات المئات من الموظفين المستمرين في أعمالهم دون تقصير وفي مقدمتهم المعلمون والأطباء الذين ينقذون حياة الناس.
بن دغر يفاقم أزمة اليمن
يعتبر راتب محافظ البنك المركزي الكبير مجرد عنوان للفوضى والفساد الذي يفاقم مأساة اليمن المدمرة ويثير شفقة العالم لدولة منهارة تعجز عن صرف رواتب عشرات الآلاف من الموظفين فيما يتقاضى موظف حكومي راتباً يفوق رواتب رؤساء دول عظمى ، حيث إن ميزانية عام 2018 عندما أعلن عنها، قال رئيس الحكومة بن دغر إنها ستكون تقشفية في الوقت الذي لم يتم فيه تحديد قيمة واردات الغاز والنفط كبنود رئيسية.
فساد رئيس الحكومة في الكهرباء ووقود الديزل
رئيس الحكومة بن دغر كان قد صرح سابقاً، وأمام وسائل الإعلام، بأن كلفة شراء وقود الديزل لمحطات كهرباء عدن تصل إلى 60 مليون دولار شهرياً، وهناك تصريح رسمي لسكرتيره الإعلامي غمدان الشريف بأن الكلفة الشهرية لوقود كهرباء عدن تصل إلى 40 مليون دولار، بينما واقع الكميات التي تصل لمحطات الكهرباء تقول عكس ذلك وبأن تلك المبالغ مُبالغ بها كثيراً، حسب القائمين على المحطة.
ويتم صرف مبلغ ورقم خيالي في توريد مادة الديزل إلى محطة الكهرباء في عدن بشكل يومي في ظل صيف ساخن وارتفاع في درجة الحرارة نتيجة الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي وخروج متواصل في المنظومة الكهربائية جراء هشاشة المحطة الكهربائية وتردي أوضاعها الفنية.
وأوضحت كهرباء عدن أنه تم اعتماد توريد 56 ألف طن من الديزل شهريا لمحطات كهرباء عدن ولحج وأبين بينما لاتصل هذه الكميات إلى المحطة وأن ما يصل لايتجاوز الـ30 طنا وأقل من ذلك في بعض الأشهر، بينما محطات التوليد بحاجة لأكثر من 80 ألف طن لتعمل بصورة طبيعية على مدار الساعة.
ويقول اقتصاديون إنه لو تم حساب سعر الطن الديزل بالسوق المحلي الواصل لميناء الحديدة الذي لايزال تحت سيطرة المليشيات الحوثية والذي يشارك فيها نفس التاجر بمناقصات عدن بسعر 540 دولارا للطن الواحد من مادة الديزل فإن 56000 ألف طن ديزل يساوي 30,240000 دلاور شهريا وهي أعلى كمية من بين جميع المناقصات التي تقدمها شركة مصفاة عدن علما بأن هناك وقودا رديئا تصل قيمته إلى 300 دولار للطن الواحد من مادة الديزل، وهذه النوعية غالبا ما تستورد لعدن وبحسب نتائج الفحص المختبري بمصفاة عدن التي تؤكد ذلك.
اقتصاديون يؤكدون فساد الحكومة
وبحسب الاقتصاديون، فأنه يقدر ما يصرف على محطة توليد الطاقة بعدن بحوالى (مليوني دولار) يوميا ما يعادل (مليار) ريال يمني تقريبا 30 مليار ريال يمني شهريا حسب تصريحات بن دغر أنه تم اعتماد 60 مليون دولار شهريا، حيث إن مبلغا كهذا يعادل إنشاء محطات كهربائية حديثة ومتطورة خلال سنة وأقل من ذلك"، مضيفين بأن المبالغ يضاهي توليد الطاقة الكهربائية ويقوم على إنارة دولة ليل نهار دون انقطاع، كما قد يساعد على إنشاء وتوليد مفاعل نووي في عدن.
ويطالب حقوقيون وناشطون مؤسسات وهيئات مكافحة الفساد فتح تحقيق فوري بخصوص النهب المنظم للمال العام في قطاع وقود الكهرباء وشراء الطاقة، فهناك مئات الملايين من الدولارات نهبت بهذا الصفقات وأسعار مبالغ فيها كثيرا لشراء وقود الديزل على حساب خدمات أساسية كان الشعب بأمس الحاجة لها.
فساد التعيينات
سبق أن شن نشطاء جملة من الانتقادات بحق الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية احتجاجًا على تعيينات عائلية لأقارب وزراء ومسؤولين في الحكومة ب مواقع وظيفية مهمة بعيدًا عن المعايير المتبعة.
وتواجه الحكومة برئاسة بن دغر جملة من الانتقادات تأتي في مقدمتها تعيينات بعض الموظفين التي لا تفتقر فقط إلى المعايير الصحيحة، وإنما أيضاً بدأت تأخذ منحىً عائلياً في العديد من الحالات ، وتحديداً صدورها قرارات تعيينات في الوزارات والسفارات والمنح الدراسية والتي تصْدرها الحكومة بطريقة مخالفة للقانون واستناداً إلى معيار القرابة الأسرية من كبار المسؤولين الذين انتزعوا قرارات تعيين في مناصب عليا للأبناء والأصهار والزوجات والأقارب.
وكشفت وثائق عن كشوف بأسماء قيادات في حكومة بن دغر تحمل أرقاما خيالية تم الاستيلاء عليها من المال العام سخر لشراء شقق ومساكن فخمة خارج اليمن تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
فساد المنح الدراسية
وفي فساد مخيف يضاف إلى قائمة الفساد المالي في الحكومة، شن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة ضد ما وصفوه بالفساد المتواصل الذي تمارسه الحكومة من خلال إيفاد أبناء وأقارب المسؤولين الحكوميين للدراسة خارج البلاد
ونشرت وثائق تحوي على قرارات وزارية صادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تتضمن بيانات طلاب وطالبات معظمهم من أبناء وأقارب مسؤولين حكوميين ومنحهم منحًا دراسية وابتعاثهم إلى الجامعات الكندية والمصرية والماليزية والصينية.
ويقول ناشطون، إن مثل هذه المنح التي يحتكرها أبناء المسؤولين الحكوميين تأتي على حساب المتفوقين من الطلاب اليمنيين وحرمانهم من المساعدات المالية المقرّة لهم طبقًا للقانون رقم 19 المعني بالبعثات والمنح الدراسية الصادر في العام 2003.
يقول مراقبون، إن الحكومة برئاسة بن دغر، باتت تخضع لسيطرة عوائل محددة تمثل مراكز نفوذ فيها.
ويشهد الريال اليمني عدم استقرار وتدهورا وارتفاعا مخيفا في سوق العملات ينذر بكارثة وشيكة وحتمية في قادم الأيام.