جهود غريفيث تصطدم بتعنت الميليشيا
تعثرت الجهود التي يبذلها المبعوث الدولي الخاص باليمن، مارتن غريفيث، بشأن استئناف محادثات السلام، وترتيب وضع مدينة وميناء الحديدة، بسبب تعنت الميليشيا وتحايلها على المقترح الخاص بانسحابها من المدينة والميناء، ووضعهما تحت إشراف المنظمة الدولية.
ووفق مصادر سياسية رفيعة، تحدثت إليها «البيان»، فإن المحادثات التي كانت مقررة بين الجانب الحكومي ونائب المبعوث الدولي الخاص باليمن، معين شريم، تعثرت بعد أن تبين أن ميليشيا الحوثي تراوغ في قبولها للخطة المقترحة من المبعوث الدولي، والتي تقترح انسحاب الميليشيا من مدينة وميناء الحديدة، ووضع مراقبين دوليين للإشراف عليهما، ومن ثم الدخول في محادثات سلام شاملة، واتفاق لوقف إطلاق النار.
وأوضحت المصادر أن الميليشيا التي وافقت على وجود مراقبين دوليين في ميناء الحديدة، تتحايل حتى الآن على شرط سحب مسلحيها من الميناء والمدينة، وتطالب بالبقاء إلى حين إنجاز اتفاق سلام شامل، وتطالب بأن يتم إعلان وقف شامل للعمليات العسكرية قبل الذهاب إلى محادثات السلام المقترحة، وهو أمر يتعارض مع المقترحات التي وضعتها الأمم المتحدة، ووافقت الشرعية والتحالف عليها.
مواقف مهادنة
وقالت المصادر إن أطرافاً دولية تظهر المهادنة مع ميليشيا الحوثي، من خلال الضغوط التي تمارسها على الشرعية للقبول بوجود مراقبين دوليين في ميناء الحديدة فقط، وإعلان وقف شامل لإطلاق النار في المحافظة، وإطلاق سراح المعتقلين، ومن ثم الذهاب إلى محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة.
وأشارت المصادر إلى اللقاءات التي عقدها سفراء غربيون مع فريق المفاوضين عن الشرعية، والمطالبة بتجاوز شرط الانسحاب الكامل للميليشيا من مدينة الحديدة، والقبول بوجود مراقبين دوليين كخطوة أولى نحو استئناف محادثات السلام، وقالت إن بعض السفراء الغربيين أظهروا مواقف مهادنة للميليشيا، إلا أن الجانب الحكومي نبه هؤلاء إلى توافق المجتمع الدولي على ضرورة أن يكون أي حل سياسي مستنداً إلى القرارات الدولية والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
واستبعدت المصادر العودة إلى المشاورات خلال الأيام المقبلة، مؤكدة أن الوضع على الأرض يُبين أن الميليشيا استخدمت الهدنة في الحديدة لالتقاط الأنفاس، بعد الهزيمة التي منيت بها في الهجوم المفاجئ على المدينة، ووصول القوات المشتركة إلى مطار المدينة.
وقالت المصادر لـ «البيان» إن هذه الميليشيا، وكما هي عادتها، تتحدث عن القبول بالحلول السياسية عند شعورها بالهزيمة، لكنها الآن تعيد ترتيب صفوفها، وحشد المزيد من المقاتلين من المناطق الجنوبية للحديدة.
تعزيزات قتالية
وحسب هذه المصادر، فإن الميليشيا أرسلت تعزيزات قتالية كبيرة إلى مدينة الحديدة طوال فترة الهدنة، كما أقامت العشرات من الخنادق والسواتر الترابية في مداخل المدينة ووسط إحيائها، كما حولت المناطق السكنية إلى مواقع عسكرية، واحتجزت السكان كرهائن لاستخدامهم كدروع بشرية، وكلها وقائع توضح أن الميليشيا ليست جادة في حديثها عن قبول الخطة الأممية بشأن ميناء ومدينة الحديدة.
وإذ أعادت المصادر التذكير بالوضع الإنساني المأساوي لملايين من السكان في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، أكدت أن الشرعية والتحالف، يضعان نصب أعينهما سلامة المدنيين، وأن الجانبين وضعا خطط عسكرية لهزيمة الميليشيا في حال وصلت الجهود التي يبذلها المبعوث الدولي إلى طريق مسدود، ولكن بما يجنب المدنيين أي أضرار، كما حدث في معارك الساحل الغربي.
وقالت المصادر إن قوات الشرعية تواصل تقدمها نحو مركز ولادة ميليشيا الحوثي في محافظة صعدة، من خمسة اتجاهات، وفِي مناطق قليلة السكان، لتجنب أي أضرار بهم، وبالمثل، واصلت حشد الآلاف من المقاتلين في جنوبي مدينة الحديدة وأطرافها، من أجل الالتفاف على المدينة والتحكم بمداخلها، وقطع كل خطوط إمدادات الميليشيا في المدينة والميناء، لإجبارها على الاستسلام دون الدخول في حرب شوارع وسط تجمع سكاني يضم مئات الآلاف.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي، أشار مؤخراً إلى هذه الخطة، مؤكداً أن قوات الشرعية لن تنجر لحرب مدن أو حرب شوارع، ولكنها ستقوم بإغلاق كافة طرق إمدادات المليشيا، لإجبارها على الاستسلام، وهي الخطة التي اتبعتها القوات المشتركة في الساحل الغربي، وأدت إلى تحرير أكثر من مئتي كيلومتر بدون إلحاق أي أضرار بالمدنيين.