تحليل: قراءة سريعة في المشهد اليمني والجنوبي
مثل الإعلان الرئاسي الصادر في 7 ابريل 2022م نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي اليمني، ونهاية لحقبة الرئيس هادي وحزب الاصلاح التي استمرت لنحو عشر سنوات، وبداية لمرحلة جديدة عنوانها الأبرز القيادة السياسية الجماعية لمرحلة انتقالية تسبق الحل النهائي والشامل سلما أم حربا.
دعونا أولا ننظر في الفرص التي توفرت للمجلس وأهمها:
1- تجميع القوى التي تحارب الحوثيين ضمن هيكل قيادي واحد، الأمر الذي يعزز من قدرتها على التعامل مع الحوثيين سلماً أو حرباً.
2- تشكيلة المجلس التي ضمت قيادات فاعلة ومجربة ومتفانية في مواجهة الحوثيين كهدف مشترك.
3- الفرصة التي وفرها المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف لأن يعمل المجلس الرئاسي والحكومة من عدن.
4- المؤسسات المعاونة للمجلس، الأمر الذي كان يفترض أن تعزز من دوره وفاعليته في حال قيام هذه المؤسسات بأداء المهام المنوطة بها بفاعلية وكفاءة رغم اختلال تركيبتها وعضويتها لصالح أطراف غير فاعلة وغير مستحقة.
5- الدعم الواسع الذي حظى به مجلس القيادة الرئاسي على المستويين الإقليمي والدولي الذي كان يجب أن يعزز من دوره وشرعيته.
التحديات والإخفاقات:
1- لم يتمكن المجلس من وضع وتنفيذ سياسات وخطط ملموسة لمواجهة تفاقم المشكلات والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المناطق المحررة [الجنوب].
2- أخفق المجلس في توحيد المجهود الحربي وتوجيهه ضد الحوثيين بسبب افتعال خلافات ومعارك بينية جانبية.
3- عدم استجابة الحوثيين للجهودالاقليمية والدولية لتشكل الهدن المتكررة أساسا من أجل تحقيق سلام دائم وشامل وعادل.
4- عدم قدرة المجلس على بلورة رؤى وسياسات وأعمال واضحة وجادة للتعامل مع الحوثيين سلماً أو حرباً.
تعمد جناح في المجلس أن يجعلوه بمثابة استمرارية بدرجة أو بأخرى لحقبة الرئيس هادي,وهذا الوضع صب في مصلحة الحوثيين على الأقل من خلال استمرار سيطرتهم على الشمال اليمني وتهديد الجنوب وأراضي التحالف,في حين تم التعويل على حسن نوايا الحوثي الذي يمتلك من عناصر القوة ما يمكنه من فرض شروطه, في المقابل عجزت الحكومة عن خلق نموذج جاذب ومقبول.
هذه هي عقدة الصراع الحالي ومجلس القيادة لم يتمكن حتى اللحظة من منح الناس الأمل بالأفضل...ولم يشعر الناس بأي تحسن في الخدمات والأمن.
دوليا انشغالات العالم والأقليم بقضايا داخلية وخارجية كثيرة ستجعل الملف اليمني مهملاً أو، على أقل تقدير، بعيداً عن الاهتمامات.
مستقبل الجنوب:
على الرغم من إخفاقات المجلس على صعيد الشمال ألا أن الجنوب ظل صامدا في وجه الحوثيين وحرب الخدمات بل وحقق العديد من المكاسب منها انهاء بؤر التوتر في شقرة وفي شبوة وضرب الجماعات الارهابية, كما استطاع الانتقالي إدارة حوار جنوبي ناجح في الداخل والخارج, واصبح الأقوى حضورا في كل محافظات الجنوب.وينبغي الوصول إلى عاصمة الوادي في محافظة حضرموت وآخر معقل للإخوان في المحافظة ليكمل بذلك سيطرته الكاملة على الجنوب.
ولاستكشاف مستقبل الجنوب ينبغي التوقف عند بعض التطورات الخارجية والداخلية ومنهاء مشاورات الرياض وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي والجهود الدولية.
حيث شكّل الخطاب الأول للمبعوث الأممي الرابع إلى اليمن "هانز غروندبيرغ" أمام مجلس الأمن، إعادة تقييم للملف اليمني، وذلك عبر التطرق إلى مشاركة الجنوب في العملية السياسية، إذ حمل الخطاب في صياغاته ومضامينه العديد من الدلالات ذات التوجهات الجديدة للمجتمع الدولي، حيث بات يُدرك أهمية إعادة ترسيم مشهد "الحل السياسي الشامل" وهو ما يُعد خطوة مهمة نحو إعادة النظر في مدى ثقل وتأثير المجلس الانتقالي الجنوبي، وأدواته الدبلوماسية في مشاورات السلام المستقبلية، وهو ما أكده المبعوث الأممي حول "عدم تجاوز تمثيل الجنوب"، مثلما كان يتم في كافة المسارات الأممية السابقة.
شرعنة المجلس الانتقالي الجنوبي: برغم كونه قد أضحى طرفا معترفا به دوليًا منذ التوقيع على اتفاق الرياض كممثل عن قضية الجنوب، إلا أنّ ما ورد في إحاطة المبعوث الأممي "هانز غروندبيرغ" دفع نحو "الشرعنة الأممية" للمجلس الانتقالي.
وفي وقت كانت تتركز فيه الجهود الأممية على تمديد الهدنة اليمنية وتوسيعها حتى تصل إلى وقف دائم للحرب، جاء تزحزح للموقف الأميركي من قضية الجنوب عبر تصريح لافت للمبعوث الخاص للرئيس جو بايدن السيد تيموثي ليندركينغ، لصحيفة «إندبندنت» فقد جاء تعليقه عن الموقف الأميركي الجنوب: «نعتقد أنّ اليمنيين يجب أن يتخذوا قراراتهم الخاصة في شأن مستقبلهم بما في ذلك هذه القضية».
يواجه الانتقالي تحديات وتعقيدات جمة تفرض عليه استغلال كل الفرص المتاحة لانقاذ شعب الجنوب من ويلات الحرب وتردي الأوضاع المعيشية والخدمية, وفي نفس الوقت السير بثبات وديناميكية نحو هدف استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.
العميد الركن/ ثابت حسين صالح
*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.