تحرير الحديدة .. الخطوة الأخيرة لتأمين باب المندب
لم يمر أسبوع على ترؤس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، القمة الثلاثية الأولى التي جمعت قادة إثيوبيا بإريتريا، وهدفت إلى استقرار مضيق باب المندب، حتى نفّذ الحوثيون 3 محاولات مسلحة يائسة في البحر الأحمر.
القمة الثلاثية، التي توّجت جهودا إماراتية لتفعيل الاستقرار في واحد من أهم ممرات التاريخ والجغرافيا، وهو باب المندب، حيث تتحرك بضائع العالم بين القارات الثلاث، أثارت حقد الحلف القطري الإيراني، فسعى لإرباك ممرات الملاحة بعمليات إرهابية متتالية.
لقد انعزلت إثيوبيا عن البحر بشكل مباشر مع استقلال إريتريا عنها، وهو ما عطّل "عصب" التجارة والتواصل كميناء على الضفة الأفريقية من البحر الأحمر، ومن المنتظر أن يصب التعاون الإماراتي الإثيوبي الإريتري بإحياء الدور للدول الثلاث في مواجهة الحلف القطري الذي يدير مصالحه بإثارة الصراعات داخل الدول أو بين بعضها.
قبل هذه القمة، كانت القوات اليمنية المشتركة المدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن قد وصلت على مشارف الحديدة، الميناء اليمني الأهم على البحر الأحمر، مهددة بقطع يد الحوثي ومنعها من إيذاء البحر الأحمر وممره الدولي.
وصاحب ذلك الوصول ضجيج عالمي يعبر عن قلقه من تأثير حرب استعادة الدولة اليمنية من الحوثي على البحر الأحمر ومصالح العالم، ضاربا عرض الحائط بما يمثله الوجود الحوثي في الحديدة من أذى لليمن واليمنيين قبل المنطقة والإقليم والبحر.
ومع أن الضغوط لم تؤثر على سير المعارك، إلا أنها أحدثت ضجيجا سلبيا منح الحوثي وقتا، ظن البعض أنه سيكون للتفاوض أو لترتيب عوامل قوته قبل المعركة، غير أن ما بدا أنه أعطاه فرصة لينفذ ما يمكن وصفه بـ"حلاوة الروح" الحربية.
يدرك الحوثي أنه سيخسر الحديدة في أقرب وقت، وتدرك إيران أنها مرشحة لخسارة مغامرتها في اليمن، فالحديدة ستتحرر عن قريب.
ويدرك حزب الله، الذي خرج أمينه العام ليحشد المقاتلين باسم الشيعة للحرب داخل اليمن، أن خسارة الحديدة ستجعل الحوثي عبئا خالصا عليهم، ولذا لا بد من إلقاء آخر الأوراق، وهي عمليات إرهابية داخل البحر الأحمر، انتهت كلها بالفشل.. فقد بعثر صاروخ موجه زورقا حوثيا أراد الاقتراب من ميناء المخا قادما من عمق البحر.. وذهبت صواريخ وطائرات مسيرة أدراج الرياح أطلقت في ليلة واحدة على مواقع القوات المشتركة.. وكان الأخير هو استهداف ناقلة نفط سعودية أثناء مرورها في باب المندب.
يحاول التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات، ترتيب المنطقة كلية لتخدم الاستقرار، وتؤدي إلى تعاون عربي أفريقي، ينعكس بالخير على مصالح الدول الجارة.. وهي مصالح في لغة الحاضر تعني مصالح للإقليم وللعالم كله، الذي يبذل جهودا مضنية لمكافحة التوترات وتخفيف الصراعات والتضييق على منافذ الإرهاب، من أجل مزيد من الاستقرار والرفاه والتحضر.
وفي المقابل، يحاول حلف "الفوضى"، وبإصرار عنيد، استغلال كل الفرص لإغراق المنطقة في صراعات تؤدي إلى اضطراب التجارة العالمية، وتخنق المجتمعات المحلية، مستغلا كل قلق في أي دولة من الدول.
تحركات "الحوثي" المسلحة قالت للعالم إن "تحرير الحديدة" ليس فقط مصلحة لليمنيين، بل هو أيضا لإغلاق باب للشر والأذى لمصالح العالم في واحد من أهم ممرات التجارة العالمية.
يستهدف الحوثي إرباك الحركة الملاحية في المنطقة، وأقلها رفع سعر التأمين، ولكن أخطر ما ينتج عن هذه العمليات هو إثارة الأفكار الشريرة التي كانت تحاول اختبار الأمن البحري في هذه المنطقة والتي بذل العالم جهودا كبيرة لإيقاف القرصنة فيها بعد سنوات هددت الجميع.
ويؤكد كل ذلك ما ظل التحالف يقوله عن الخطر الذي يمثله بقاء جماعة مثل الحوثي مختطفة دولة مثل اليمن لها كل هذا الامتداد البحري، تتصرف بدون التزام لا لليمنيين ولا لجيرانهم، بل خدمة لمصالح الممول الذي لا يرى اليمن سوى ساحة لنشر الفوضى.