الأكراد ودمشق.. لقاءات جس نبض على طريق اللامركزية
في خطوة تأتي بعدما استعاد النظام السوري مناطق واسعة من البلاد خسرها في بداية النزاع المستمر منذ 2011، أصدر "مجلس سوريا الديمقراطية" بيانا بشأن محادثاته الأولى الرسمية العلنية مع دمشق لبحث مستقبل مناطق الإدارة الذاتية في الشمال، وكان عنوانه "اللامركزية".
وأعلن المجلس، السبت، أن هدف اللقاء الذي جمعه مع ممثلين عن دمشق "وضع الأسس التي تمهد لحوارات أوسع وأشمل لحل كافة المشاكل العالقة".
وقال الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار إن اللقاء كان عبارة عن "جس نبض" بشأن توجهات الطرفين وتصوراتهما لمستقبل سوريا، بينما أشار النظام السوري "ضمنيا" إلى قبوله حكما "لا مركزيا" في بعض المناطق.
وأضاف أن وفد مجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، والمدعومة من واشنطن، تحدث عن "إجراءات حقيقية على الأرض"، قائلا إن المباحثات تطرقت لمستقبل مناطق الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي السوري التي تقع تحت سيطرة المجلس.
وفي وقت سابق من السبت أعلن مجلس سوريا الديمقراطية، في بيان، أن اللقاء تطرق إلى تشكيل لجان بين الطرفين لتطوير المفاوضات بهدف وضع خريطة طريق تقود إلى حكم "لا مركزي" في البلاد.
وعن مضمون هذه اللجان قال درار إنها ستكون "خدمية" بالدرجة الأولى، مبررا ذلك بأن مثل هذه النوعية من الخدمات "سوف تزرع عوامل الثقة بين الطرفين".
وأكد الرئيس المشترك لمجلس سوريا المشترك أن اللجان ستناقش "إعادة تأهيل سد الفرات (بمدينة الرقة)، وتوزيع الكهرباء والمياه، وقضايا أخرى في مجالات الصحة والتعليم والسجل المدني".
وتابع "إذا لمسنا تقدما بشأن عمل هذه اللجان الخدمية، يمكن أن تتطور لمناقشة الوضعين السياسي والعسكري"، موضحا أن الاجتماع لم يتطرق إلى تسليم أو تسلم مناطق الأكراد.
"اللامركزية" والتنازل
ووفقا لبيان صدر السبت عن المجلس، ونشره على حسابه على فيسبوك، من المفترض أن يضع الجانبان خريطة طريق تقود إلى حكم "لا مركزي" في البلاد. لكن هل النظام في دمشق مستعد للوصول إلى اللامركزية؟
يقول الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية إن أقصى ما يطمح إليه النظام هو تعديل قانون الإدارة المحلية (107) "الفاشل الذي سبب كثيرا من الأزمات (..) النظام يريد أن يمنح المناطق شيئا من التفويض لتدير نفسها بنفسها".
ومضى يقول: "نحن نطرح مشروعنا بشأن لا مركزية إدارية، من خلال تجربتنا في إدارة مناطقنا في شمال شرق سوريا، وهو تطبيق ناجح حتى الآن".
بينما قالت الرئيسة المشتركة للمجلس أمينة عمر: "نأمل أن تكون هذه الموافقة الضمنية للنظام بشأن اللامركزية خطوة في الاتجاه الصحيح".
لكن دمشق سبق وأن كررت إصراراها على استرداد كافة مناطق البلاد، بما فيها مناطق الأكراد، فهل من الممكن أن يتنازل المجلس عن إدارة المناطق الذاتية التي يحكمها في الشمال الشرقي من البلاد.
تقول أمينة عمر: "لم يتطرق اجتماعنا إلى ذلك، لم يحدث اتفاقا بشأن ذلك، لا يمكننا مناقشة التنازل بل الاتفاق على إدارة مناطقنا، وهذا يعتمد على نوع التفاوض بيننا (المجلس والحكومة)".
وعن شروط المجلس الرئاسي لسوريا الديمقراطية إذا ما استدعت المفاوضات أن يتنازل الأكراد عن إدارة مناطق نفوذهم قالت: "لا شروط مسبقة لدينا، المفاوضات ستعتمد على مصلحة الطرفين".
وأكدت عمر لموقع سكاي نيوز عربية أن الطرفين لم يتفقا بعد على عدد اللجان أو موعد تشكيلها أو مضمونها، كما لم يحددا مواعيد أي محادثات مقبلة.
وكان عضو المجلس الرئاسي لسوريا الديمقراطية حكمت حبيب قال لـ"سكاي نيوز عربية" إن المجلس "يرغب في إدارة المناطق التي يسيطر عليها بإدارة ذاتية وديمقراطية، وذلك بالتزامن والتنسيق مع العاصمة المركزية دمشق، وتحت راية جيش واحد، وبنك مركزي واحد، وعلم واحد".
يذكر أن نفوذ الأكراد في سوريا تصاعد مع انسحاب قوات النظام تدريجيا من مناطقها في العام 2012، ليعلنوا لاحقا الإدارة الذاتية ثم النظام الفدرالي قبل نحو عامين في منطقة "روج أفا".
وتضم هذه المنطقة الجزيرة (محافظة الحسكة)، والفرات (شمال وسط، تشمل أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة)، وعفرين (شمال غرب) التي باتت منذ أشهر تحت سيطرة قوات تركية وفصائل سورية موالية لها.
يذكر أن وزير الخارجية السورية وليد المعلم أعرب، العام الماضي، عن استعداد دمشق للحوار مع الأكراد حول إقامة "إدارة ذاتية".