صحيفة دولية: الارتباك الأميركي في إدارة الأزمة مع إيران يدفع دول الخليج إلى البحث عن بدائل
قالت صحيفة "العرب" اللندنية أن الارتباك الأميركي في إدارة الأزمة مع إيران يدفع دول الخليج إلى البحث عن بدائل، وهو خيار بدأ خلال رئاسة أوباما، ويبدو أنه سيتجدد الآن في ضوء إعلان هذه الدول عن رغبتها في توسيع الاعتماد على الذات في تحقيق أمنها الإقليمي.
وخففت تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، الجمعة، من حملة الرئيس دونالد ترامب على إيران ووجهت رسائل طمأنة للمسؤولين في طهران بأن واشنطن لا تخطط لإسقاط النظام. ويأتي هذا ليتناقض مع مساعي واشنطن لبناء “ناتو عربي” كجزء من خطتها لمواجهة شاملة مع إيران.
وكان ماتيس قال، الجمعة، إن الولايات المتحدة لم تتبنّ سياسة لتغيير النظام في إيران أو دفعه إلى الانهيار وأضاف للصحافيين “نريدهم أن يغيروا سلوكهم في ما يخص عددا من التهديدات التي يمكن أن يشكلها جيشهم ومخابراتهم ومن ينوبون عنهم ووكلاؤهم”.
ويرجح محللون ألا تعكس تصريحات ماتيس تغييرا في الاستراتيجية بقدر ما هي محاولة لترك الأبواب مفتوحة أمام تهدئة تقوم على قبول إيران بتعديلات جوهرية على الاتفاق النووي تقترحها إدارة ترامب، وأهمها تعهد طهران بالتوقف عن مزاحمة الدور الأميركي في الشرق الأوسط وتهديد مصالح حلفاء واشنطن في المنطقة.
لكنهم حذروا من أن خطاب التهدئة قد يفهم في إيران على أنه تراجع من ترامب، وأنه أوحى لوزير الدفاع للقيام بذلك بدلا منه، وأن الأمر قد يفهم من دول خليجية حليفة على أن واشنطن عادت إلى استراتيجية ترضية إيران التي كانت تعتمدها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وقد يضفي كلام ماتيس المزيد من الشكوك لدى دول الخليج ومصر على خطط واشنطن للحد من النفوذ الإيراني، وهي خطط لا تقف عند الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية، بل تضع ضمن عناصرها المواجهة العسكرية، وهو ما يبرر مساعي واشنطن لبناء تحالف أمني مع الدول العربية.
وقال مسؤولون أميركيون وعرب إن إدارة ترامب تمضي خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة.
وذكرت أربعة مصادر أن البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي والتدريب العسكري ومكافحة الإرهاب وقضايا أخرى مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.
والخطة التي ترمي إلى تشكيل ما وصفه مسؤولون في البيت الأبيض والشرق الأوسط بنسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو “ناتو عربي”، من شأنها أن تزيد الضغوط على إيران.
وقالت عدة مصادر إن إدارة ترامب تأمل في أن تتم مناقشة ذلك التحالف الذي أُطلق عليه مؤقتا اسم “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي” خلال قمة تقرر مبدئيا أن تعقد في واشنطن في 12 و13 أكتوبر القادم.
وأكد البيت الأبيض أنه يعمل على فكرة التحالف مع “شركائنا الإقليميين الآن ومنذ عدة أشهر”.
وقال مصدر أميركي إن مسؤولين سعوديين طرحوا فكرة إقامة حلف أمني قبيل زيارة قام بها ترامب العام الماضي إلى المملكة، لكن الاقتراح ظل يراوح مكانه.
وذكرت مصادر من بعض الدول العربية المشاركة أيضا أنها على علم باستئناف الجهود لإحياء الخطة.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي سيشكل حصنا في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط”.
ورفض المتحدث تأكيد أن ترامب سيستضيف قمة في تلك المواعيد. كما نبهت المصادر إلى أنه لا يزال غير مؤكد ما إذا كانت الخطة الأمنية ستكتمل بحلول منتصف أكتوبر القادم.
وقال مصدر مطلع على الخطة إن إقامة درع دفاع صاروخية في المنطقة سيكون من بين أهداف التحالف إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش تلك الدول. وناقشت الولايات المتحدة ودول خليجية لسنوات أمر الدرع الدفاعية دون الخروج بنتائج.
وأخفقت في الماضي مبادرات مشابهة من جانب حكومات أميركية في إبرام تحالف رسمي مع حلفاء خليجيين وعرب.
وتتهم واشنطن والرياض وأبوظبي إيران بزعزعة استقرار المنطقة وإثارة الاضطرابات في بعض البلدان العربية من خلال وكلاء لطهران.
وسيركز هذا التحالف على الدولتين الخليجيتين الأكثر تأثيرا في المنطقة وهما السعودية والإمارات للعمل عن كثب مع إدارة ترامب لمواجهة إيران.
وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الخميس، إن بلاده مستعدة لتحمل المزيد من العبء الأمني في الشرق الأوسط لأنها لا تستطيع الاعتماد بعد الآن على العمليات العسكرية لحليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأضاف قرقاش في خطاب له بمؤسسة بوليسي إكستشينج للأبحاث بلندن “في النظام الدولي الحالي لم يعد من الممكن ‘تحرير شيك ويأتي أحد ويضمن استقرار المنطقة’. يجب أن تتحمل جزءا من العبء”.
ويشير المراقبون إلى أن دول الخليج تريد أن تجعل العلاقة مع الولايات المتحدة امتدادا لرؤيتها القائمة على تنويع الحلفاء وفق قاعدة المصالح وكسر منطق التحالف التقليدي الذي ينظر إلى الخليجيين كسوق استهلاكية كبرى لإنتاج الشركات الأميركية، أو كفضاء أمني يحتاج إلى الحماية وإغراقه بالأسلحة.