إلى مارتن جريفيث

د. عبدالناصر الوالي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السيد المحترم مارتن جريفيثس مرة اخرى من عدن. 


السيد الكريم
تمر عدن في هذه الأيام بأصعب الأوقات وأكثرها قتامة على مر المائة عام الاخيرة وانتم تترددون على صنعاء المرة تلو الآخرى. عدن مرة اخرى واُخرى واُخرى تنتهك فيها الحرمات، يقتل الناس بدون حق وبترت فيها قبل أمس ساق الشاب اليافع ابن صديقي خبير مكافحة الملاريا وحمى الضنك د. عارف احمد علي بدون ذنب ومن مثله الكثيرون ممن تغتال طفولتهم وتدمر حياتهم ويحطم مستقبلهم .

تذهبون الى صنعاء مرة اخرى وعدن يقطع عنها الماء و الكهرباء بدون حق.ثم تكررون الزيارة الى صنعاء وعدن يوقف فيها اكبر تاجر لبيع القمح بيع خبز الجياع بدون حق فقد انهكته الحرب. تترددون على صنعاء وعدن تسد فيها المجاري لتغرق بالأوبئة بدون حق . تيممون على صنعاء وعدن لم يعد الراتب فيها يكفي حتى لشراء الرغيف طوال الشهر.

تذهبون الى صنعاء وقلم الرصاص يتباهى امام حجم الخبز الفرنسي او الهندي بانه لم يعد يفرق عنه في حجمه وأصبح القلم الرصاص أطول. تزورونها وحر صيف عدن الرطب الخانق يكتم على انفاس مرضاها فلا مجال لتعديله لا بالمروحة ولا بمكيف الهواء وأصبحت المروحة من سعف النخيل هي غاية ما نستطيع ان نصل اليه. تترددون عليها وقد توقفت حركة المواصلات في عدن بعد ان تضاعف سعر المحروقات لثلاثة أضعاف منذ ان تعينتم. منذ ان تعينتم وعدن تتقطع أوصالها بمشاريع فتنة ممنهجه تحاك في الظلام بعيد عن اعينكم وانتم في صنعاء وهي بعيدة كل البعد عن عدن. 


السيد جريفيثس
تعالوا الى عدن أيضاً لتأتي معكم اعين العالم لتروا اَي ظلم نحن فيه. ام يجب ان نكون متمردين وخارجين عن القانون وانقلابيين ومهددين للملاحة الدولية حتى تأتون إلينا. نحن ياسيد لا نستطيع ان نكون كذلك، فهل تريدونا أنتم ان نكون؟. 


السيد جريفيثس
شعب الجنوب ليس خارطة عسكرية او أمنية او اقتصادية على جدار مكتبكم وانت تحرك وتغير فيها من موقع الى اخر الدبابيس الملونة. شعب عدن والجنوب ليس أيضاً رقعة شطرنج على سطح مكتبكم تتحرك فيها القطع كما يرغب فيها الكبار ونحن البيادق نتجندل فيها الواحد تلو الاخر. 


السيد جريفيثس
شعب عدن والجنوب ليس باب المندب الاستراتيجي ولا ميناء عدن الدولي ولا شواطىء بحر العرب المطلة على ممرات التجارة الدولية ولا ثروات باطن الارض في حضرموت وشبوة. نحن بشر مثلكم تماماً استعمرتنا مملكتكم لمدة 129 عاماً فرحلت هي وبقينا نحن. مختلفون عنكم باللون ولكن نملك نفس الأحاسيس ونحتاج الى نفس حقوق العيش. فتحدثوا عنا لا عن ارضنا ولا عن جغرافيتها واهميتها ولا حتى عن ثرواتها ،فنحن نريد ان نعيش فقط بهذه الثروات او بدونها. 
السيد جريفيثس


عدن وشعب الجنوب استبشر خيراً لتعيينكم مبعوثاً خاصاً إلينا ليس لان من قبلكم كان سيئاً ولكن لأنك من بلد عضو في مجلس الأمن وهذا ربما سيجعل صوتك مسموعاً اكثر وأسرع. ولكن عليك ان تعرف وتسمع منا بوضوح ان عدن صارت أسوأ وأكثر قهراً وأشد قتامة وأعظم احباطاً وأقل املاً وتفائلاً وهذا امر لن يصنع أمناً ولا استقراراً وحتماً لا تنمية ولا مستقبل. 
السيد جريفيثس


ان الشعب الشقيق في الشمال لن يقاتل بشراسة ضد الحوثي مع عدم تأييدهم له ورفضهم الكلي لمشروعه لأنكم تعرضون عليهم أشخاص وأدوات واجهزه قد جربوها من سابق كبديل ولن يقبل الشعب بذلك. ساعدوا في إيجاد البديل المقبول شعبياً أخلاقياً واجتماعياً وسياسياً وسينتهي الانقلابيون وتتوقف الحرب على الفور. 


السيد جريفيثس
يتسآءل الجنوبيون يومياً لماذا صنعاء شبه مستقرة وعدن غير مستقرة على الإطلاق؟. وأجيبك من وجهة نظري ،نحن في عدن والجنوب ليس لنا اطماع لا في صنعاء ولا في غيرها من مدن الجمهورية العربية اليمنية ولهذا لا نعمل ولا نسعى الى ارهاب شعبها وزعزعة أمنها وتدمير بنيتها التحتية وتضييق حياة سكانها وحتى نستقوي عليهم بالخارج لكي نفرض عليهم مشروع هيمنة ونهب واستيلاء جديد وبمسمى مزين ومزخرف يدغدغ العواطف فقط ولكنه يحتوي على نفس البشاعة ويراد له ان ينفذ بنفس القوة التي يسعون لإعادة تجميعها من جديد. 


السيد جريفيثس
مشكلتكم إنكم تتحدثون بدبلوماسية مع من أوصل البلاد والعباد بسياساته الانانية الفاسدة الفاشلة الى اربع سنوات من الحرب والدمار وتريدون منه الحل. هم لا يملكون ولا يجيدون الا الحرب فماذا تتوقعون منهم من حل؟. ولكن ياسيدي تحدثوا مع غيرهم فهم ليس الشعب ولَم يكونوا يوماً ممثليه ولا معبرين عنه وعن احتياجاته ولا عن طموحاته. 


السيد مارتن جريفيثس
الشعبين في الشمال والجنوب سئموا الحرب ويكادون ان ينقرضوا من جرائها. اعتقوهم من هذه المعاناة ساعدوهم في الشمال لكي يستعيدون دولتهم ويتعايشون بالطريقة التي يرونها هم وكما يحبون ولو قسيتم عليهم لبعض الوقت. ودعونا نحن الجنوبيون نعيش حياتنا كما نحب ونرغب ونستطيع ولا تقسوا علينا اكثر فقد فقد الصبر صبره من صبرنا. فهم لن ينخوا ونحن لن نركع. فماذا أنتم فاعلون. تحياتي 



مقالات الكاتب