احتجاجات عدن.. انتفاضة في قلب حكومة فاشلة

الاثنين 6 أغسطس 2018 20:51:51
testus -US

 رأي المشهد العربي

يبدو أن تراكم الفساد الإداري وتراجع الخدمات وتدني الوضع المعيشي والتهميش كانت ضمن أسباب تصاعد الاحتجاجات في العاصمة عدن وسط دعوات للتصعيد والدعوة للنزول إلى بقية المحافظات احتجاجا على الصمت الحكومي المتعمد.

وتشهد عدد من مديريات محافظة عدن احتجاجات غاضبة على تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، كما شهدت مديريات المعلا وكريتر والبريقة احتجاجات مماثلة وخروج تظاهرات جابت شوارع تلك المدن رفع المشاركون فيها شعارات تطالب حكومة بن دغر بالرحيل ورددوا شعارات " يكفي عبث يكفي فساد " لا تراجع لا استعباد ".

يأتي ذلك وسط صدور بيانات تأييد ومباركة وتضامن مع الشعب الجنوبي من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب رابطة أبناء الجنوب وعدد من مكونات وقوى الجنوب الذين أكدوا وقوفهم إلى جانب شعبهم في مطالبه بحياة كريمة.

 وتواجه الحكومة اليمنية، برئاسة أحمد بن دغر، جملة من الانتقادات، تأتي في مقدمتها تخريب الاقتصاد الوطني بأيدي نافذة وعلى رأسهم نجل الرئيس عبدربه منصور هادي بالتعاون مع وزراء الشللية التابعين لحزب الإصلاح الإخواني، فضلاً عن تعيينات بعض الموظفين التي لا تفتقر فقط إلى المعايير الصحيحة، وإنما للخبرة والكفاءة في اختيار الأشخاص.

وتفوقت حكومة من المفترض أنها شرعية في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، على ما ارتكبه النظام السابق طوال 33 عاماً، وبدلاً من الإلتزام بمكافحة التضخم الإداري لحاجة المرحلة أصبح لها عشرات الوزراء، والمئات من الوكلاء والمستشارين والدبلوماسيين تنفق عليهم أكثر من التنمية والمؤسسات الخدمية والصحة والتعليم.

 ومن أجل اجتثاث هذا الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة كان لابد من انتفاضة شعبية لتقوم بعملية إفاقة وتصويب لهذا الوضع الكارثي الذي وصل فيه اليمن لأبواب المجاعة وموت جماعي محقق وفقا لتقارير دولية.

 وأوصلت حكومة بن دغر بنهجها العصابي الأوضاع إلى مالا يحتمله الشارع الجنوبي بكل انتماءاته فحكومة بن دغر دمرت العملة والاقتصاد وذبحت القانون والقيم والأخلاق وأصبحت هذه الحكومة تعرف عند الناس بحكومة العوائل، وأصبحت تشكل خطراً على الشرعية بل أصبحت خنجراً ساما يفسد كل جهود التحالف العربي بسبب اختراق هذه الحكومة من أذرع قطر وإيران.

 وتتعامل حكومة بن دغر التي عادت إلى عدن من الخارج بعد أن حسمت المقاومة الجنوبية الحرب وحررت عددا من المحافظات حيث اتخذت من قصر المعاشيق على البحر مركزا لها دون أن تمارس أدنى مهامها العملية المباشرة في الوزارة المعينة سوى توزيع ونشر الأخبار الإعلامية.

كما تتعامل حكومة بن دغر التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع السيئ مع الأزمة اليمنية لتحقيق مصالحها الذاتية التي ظهرت في استشراء الفساد والنهب المخيف لموارد الدولة وللمساعدات المادية والعينية التي يقدمها التحالف فضلا عن الاستئثار بالمناصب الحكومية بصورة مخجلة، لتوزع على أقاربهم وزبائنهم.

كما أن الحكومة ظلت تتعامل مع الأزمات من بوابة نقط توزيع المال والنفقات الخاصة لأعضاء الحكومة بين تواجدهم وتنقلاتهم بين عواصم العالم، وما تدفعه من هبات لشراء الذمم ونفقات خاصة بالإعلام الذي يثير الخلافات ويهاجم دول التحالف مثل الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي، أكثر من مهاجمتها للمليشيات الانقلابية ودولة إيران الداعمة لهم.

 ورغم أن اليمن غني بالموارد الاقتصادية, لكن يبقى النفوذ والفساد يلتهمها دائمًا, ولم تشهد أي تحسن في الموارد المالية, وتذهب إلى جيوب العابثين دونما حساب أو عقاب, ويتصارع الكبار على هذه الموارد فيما البسطاء من الشعب يتذوقون المرار.

وينذر الوضع القائم بإنهيار وشيك للاقتصاد الوطني والعملة المحلية والتي تهاوت بشكل غير المسبوق أمام العملات الأجنبية بمقدار الضعف منذ سبتمبر/أيلول 2014م ، وجميعها إرهاصات لانتفاضة شعبية أو ثورة الجياع التي بدأت تتفجر في شوارع عدن يوم الأحد .

 بدوره قال المجلس الانتقالي الجنوبي،  أن الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تمر بها عدن والمحافظات الجنوبية تعد ممنهجة ومبرمجة وتدار لأغراض سياسية يراد منها إخضاع شعب الجنوب والاستقواء على إرادته وتجاوز حقوقه المشروعة في استعادة الدولة بحدود 1990″.

 واعتبر المجلس في بيان له أمس أن هذه الأزمة المفتعلة هي نتاج استمرار الفشل في حكومة الفساد والإفساد، والتي لا تتمتع بالكفاءة ولا بالنزاهة، ولا تراعي شروط وأسس الحكم الرشيد”.

وأشار إلى أن هذه الأزمات نجمت بعد عدم إجادة وإدارة التنسيق مع دول التحالف لحلحلة الأمور السياسية والاقتصادية على الرغم من الدعم السخي واللامحدود، المقدم للحكومة من دول التحالف في كافة الاتجاهات والأطر.

وعبرت هيئة المجلس الانتقالي الجنوبي عن تضامنها ووقوفها مع كل هذه المطالب الشعبية المشروعة، وحق الشعب في التعبير السلمي عن رفضه وغضبه، مؤكدة تبنيها وبكل مسؤولية كل هذه المطالب، ومدافعتها عنها في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وأنها لن تسمح بأي حال من الأحوال المساس بالمتظاهرين والتعرض لهم بأي شكل من أشكال القوّة ".

وبعد عرض كل ما سبق يتضح جليا خطورة بقاء حكومة بن دغر في ظل حالة الحرب التي يعيشها اليمن، والتي قد تعرض الشرعية للتأكل وفقا للتقارير الدولية المتعلقة بهذا الشأن.

وفي مطلع العام 2018 أصدرت مجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة تقريرها السنوي عن الجمهورية اليمنية، بحكم أن اليمن يقع تحت طائلة الفصل السابع، أي تحت الوصاية الدولية منذ عام 2014.

 وجاء في التقرير وصف للشرعية بأنها متآكلة، بمعنى أنها لم تعد قادرة على تأدية وظائفها الأساسية، وهو تعريف للدولة الفاشلة التي فقدت سيطرتها المادية على أراضيها وتتآكل سلطتها الشرعية وغير قادرة على توفير الخدمات العامة الأمر الذي يستوجب بتر هذه الحكومة التي جاءت لإفشال البلاد وفرض الوصاية عليها.