بتعيين الفقيه وزيراً.. هادي يواصل تدوير الفساد
رأي المشهد العربي
يواصل الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي السير بسرعة نحو الطريق المجهول من خلال إصراره على تعيين الفاسدين في حكومة مفترض أنها شرعية، ليؤكد يوم بعد يوم أن وجوده أصبح من أكبر المخاطر على جهود التحالف العربي التي يقوم بها منذ أكثر من 3 سنوات باليمن.
وأصدر الرئيس هادي قرار رقم ( 66 ) لسنة 2018، بتعيين نبيل الفقيه وزيرا للخدمة المدنية، خلفا للسابق عبدالعزيز جباري، الذي استقال من منصبيه؛ وزيرا لها، ونائبا لرئيس الوزراء، في آذار/ مارس الماضي.
وتولى الفقيه حقيبة وزارة السياحة في نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، قبل أن يستقيل ويعلن انضمامه إلى ثورة 11 فبراير، التي أجبرت صالح نفسه على التنحي عن الحكم.
ويبدو أن بهذا القرار يعاود هادي على تدوير الفساد والمفسدين من جديد خاصة أن الوزير الجديد لديه تاريخ من الفساد المالي والإداري، من خلال تقارير منشورة بمستندات رسمية تؤكد إدانته بشكل مباشر.
وللحديث بموضعية ومنطقية فأمامنا فرضيتين الأولى تتهم هادي بشكل مباشر في إصراره على عدم خروج البلاد من النفق المظلم الذي دخلته بعد انقلاب مليشيا الحوثي عام2014، وذلك ربما للحفاظ على مصالحه الشخصية ومكتسبات السياسية طوال فترة حكمه.
أما الفرضية الثانية أن قرار هادي جاء بحسن نية ظنا منه أنه يقوم بإصلاح وترميم حكومة مهترئة ومخترقة من أشخاص تابعة لأحزاب لها علاقة مباشرة بالإرهاب سواء الحوثي أو القاعدة وداعش، لكن ثمة سؤال هل يمكن أن يتقبل المجتمع الثائر قرارات هادي في ظل عدم قدرته على قراءة المشهد بشكل صحيح واستمرار سيره بالبلاد إلى المجهول؟
وكشفت تقارير إعلامية من خلال وثيقة رسمية عن فساد مارسه نبيل الفقيه وزير هادي الجديد والذي كان رئيس شركة التبغ والكبريت الوطنية ـ كمران مستغلا الوضع الذي كانت تعيشه الشركة، بإبرام صفقات سرية من الباطن وإنشاء شركات باسمه يديرها شقيقه .
كما كشفت التقارير عن قيام الفقيه بنهب أموال شركة التبغ والكبريت الوطنية، وكذلك شركة ميون للمياه المعدنية والتي تأسست برأس مال مليار ريال يمني ممول من حساب شركة التبغ.
التقارير أكدت من خلال الوثائق أن الفقيه حول حوالي 2 مليار ريال من حساب شركة التبغ والكبريت إلى حساب شركة ميون، فهل الرئيس هادي لم يعلم شيء عن فساد الفقيه؟
ويبدو أن خلفية الفساد جاء بها الفقيه ليكمل فساد حكومة أحمد بن دغر التي تواجه جملة من الاتهامات بالفساد، تأتي في مقدمتها تعيينات بعض الموظفين الذين على علاقة بجهات ضد جهود الشرعية والتحالف العربي باليمن.
وسبق أن شنّ اليمنيون جملة من الانتقادات بحق الحكومة اليمنية، على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الماضية، احتجاجًا على تعيينات عائلية لأقارب وزراء ومسؤولين وقيادات عسكرية في الحكومة الشرعية، في مواقع وظيفية مهمة، بعيدًا عن المعايير الوظيفية.
ويشير الناشطون إلى تعاظم حجم الفساد في الحكومة الشرعية، مع استمرار صدور القرارات السرّية، في وقت تعاني منه البلاد من حرب طاحنة ومستمرة لأكثر من 3 سنوات متتالية.
ووسط الحرب وأزمة اقتصادية حادة، حيث مليون موظف حكومي بلا رواتب منذ 11 شهرا، وفي الوقت الذي يعاني فيه الملايين من السكان من الفقر ويصارعون الجوع، مازال هادي يعمل على طعن الشرعية التي استؤمن عليها.
وتعاني الحكومة الشرعية من تضخم عددي هائل، فلكل وزير عدد كبير من الوكلاء، ونفس الوضع لمحافظي المحافظات، وبحجة مخاطر الحرب لكل مسؤول عدد كبير من الحراس الشخصيين يتم اضافتهم الى الجهاز الأمني للدولة واعتماد رواتب لهم.
ورسميا لا يتجاوز راتب الوزير في الحكومة اليمنية، 180 ألف ريال شهريا (720 دولار)، بحسب الاستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات التي حددت الرواتب على مستوى السلطة العليا والمستويات الستة التي تليها وفئاتها المختلفة.
لكن كبار المسؤولين في الوزارات والمؤسسات والمصالح والجهات لا يكتفون بالراتب ويستحوذون على بنود أبواب في الموازنات (بدل سفر، تغذية، مكافآت وحوافز، تدريب وتشغيل، مشتريات وعمولات).
وأثارت رواتب المسؤولين في حكومة الشرعية وسلطات الانقلابيين، غضب اليمنيين وبينهم نحو مليون موظف بلا رواتب منذ 11 شهرا، وشن نشطاء حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد فساد سلطات يعيش مسؤوليها حياة البذخ بينما يغرق اقتصاد البلاد.
وكانت المفاجأة التي هزت الشارع اليمني وصدمت الشعب كفيلة للتأكيد على حجم الفساد الذي يسير تحت رعاية هادي، وذلك بعد تسريب وثائقه توضح مقدار المرتب الذي يتقاضاه مدير البنك المركزي اليمني في العاصمة(عدن) محمد منصور زمام وهو الراتب الذي تجاوز رواتب الكثير من رؤساء (أمريكا، بريطانيا) في ظل الحرب وعدم الاستقرار المالي والاقتصادي الذي تشهده اليمن.
ووفق الوثائق فإن زمام يتقاضى راتبا قدرة (40 ألف دولار) فيما يتقاضى نائبه (30 ألف دولار) شهريا، وبذلك يكون قد حطم زمام رقم قياسي تجاوز رؤساء دول عظمى من ضمنها الرئيس الأمريكي الذي يتقاضى (33 ألف دولار) ورئيس جنوب افريقيا (17 ألف دولار شهريا) والرئيس الفرنسي (أقل من 17 ألف دولار) ورئيس وزراء بريطانيا (16 ألف دولار) والرئيس الروسي (12 ألف دولار) شهريا.
واعتبر راتب محافظ البنك ونائبه فضيحه فساد ينبغي على الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الوقوف أمامها بكل حزم، خاصة في ظل تدهور الاقتصاد الوطني بعد انهيار الريال اليمني والذي تزامن معه ارتفاع مخيف في جميع الأسعار والتي تنذر بغضب جماهير بدأ الآن من الجنوب لتطهير البلاد من الفاسدين.